في عام 1978 كما هو حاله اليوم بعد نحو ٤٠ سنة، بقي وليد جنبلاط، حسب كلامه الموثّق، رجل تحقيق المصالح الضيّقة على حساب القضايا الوطنية. بعد عام على اغتيال والده، ورث جنبلاط الابن شعار «الاشتراكية» الواسع الأفق لكنه لم يستطع الخروج من دائرة الطائفة والانتماء العشائري الضيّق، كحال معظم زعماء الطوائف الآخرين في لبنان.
برقيات لقاءاته مع السفير الأميركي عام ١٩٧٨ تشي بالكثير من طباعه وكيفية تعامله مع الأوضاع المتقلّبة منذ ذلك الحين؛ فمن منظور جنبلاط مثلاً تبقى النتيجة الكارثية الوحيدة من الاجتياح الإسرائيلي حينها أن «الفلسطينيين دُفعوا جغرافياً باتجاه المناطق الدرزية»، والخشية الجنبلاطية من تأليف جيش لبناني جديد هو أنه «قد يهاجم الدروز»، ورسالته الدائمة إلى المسيحيين والإسرائيليين: لا تمسّوا بالدروز وقراهم ...
بعد أسبوع على بدء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام ١٩٧٨ https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01527_d.html شكا جنبلاط بقلق إلى السفير الأميركي في بيروت ريتشارد ب. باركر أن «لا شيء حُلّ»، بل إن «الفلسطينيين دُفعوا شمالاً، وها هم يقتربون من المناطق الدرزية». جنبلاط شرح للسفير أنه «حتى لو استطاع عرفات قمع مقاتلي فتح، لكن الفلسطينيين بشكل عام لن يوقفوا العمل المسلّح ضد إسرائيل لأن ذلك سينهي قضيتهم» لذا، تابع، «ليس لهم (أي للفلسطينيين) بلد ولا يكترثون إن دمّروا لبنان».
وفي أكثر من مناسبة، أبدى جنبلاط قلقه على أمن الأميركيين وحرصه على حماية رعاياهم.

طلب زيارة مصنع «فورد موتورز» وجولة في هوليوود

باركر أعلم جنبلاط مرّة أن للسفارة «أشخاصاً يسكنون في شقق قرب الكورنيش البحري في منطقة تقع تحت سيطرة دروزه وأنهم في حمايته»، فأجاب جنبلاط: «أبلِغوني إن تعرّضتم لأي مشكلة». الزعيم الدرزي نصح السفير باركر بأن «ينتبه على أمنه الشخصي، وأن يتّخذ الحيطة والحذر»، من دون أن يعطيه تفاصيل أكثر.
جنبلاط جدّد تحذيره للأميركيين بعد أسبوع على لقائه السفير https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01720_d.html ودعاهم للحذر «لأن هناك أشخاصاً خطيرين جدّاً» كما أبلغ أحد دبلوماسيي السفارة، من دون أن يحدد هوية هؤلاء الأشخاص الذين يهددون أمن الدبلوماسيين الأميركيين. جنبلاط كرر في لقائه هذا خشيته من أن «يدفع الإسرائيليون والمسيحيون الفلسطينيين إلى الشوف».
وردّاً على سؤال عن تغيّر العلاقات السياسية بين «الحركة الوطنية» والفلسطينيين بعد الاجتياح، قال جنبلاط إنه «ما من ودّ بين الدروز والفلسطينيين. لكن، لا وجود للحركة الوطنية من دونهم. نحن نستغلّ الفلسطينيين وهم يستغلّوننا أكثر».
وفي جلسة غداء مع السفير في نيسان ١٩٧٨ https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT02159_d.html ، طلب جنبلاط منه «أن يسأل كميل شمعون ألّا يفتعل مشاكل في الشوف، إذ إن الوضع الحالي دقيق جداً». وفي الجلسة، شرح جنبلاط أن مسألة تسليم الفلسطينيين سلاحهم غير واردة وأن «وجودهم المسلّح هو أمر واقع، على اللبنانيين أن يتأقلموا معه».
بعيداً عن «الهموم الدرزية»، وقبل الاجتياح الإسرائيلي بأسابيع، أراد جنبلاط أن يزور الولايات المتحدة الأميركية. وفي برقية حول ترتيبات سفره https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT00999_d.htm وإضافة إلى اللقاءات مع سياسيين وطلّاب جامعيين، نقل السفير الأميركي إلى واشنطن رغبة جنبلاط بـ»زيارة مصنع سيارات فورد موتورز أو أي مصنع آخر للسيارات في ميشيغان وتخصيص يوم للتجوال السياحي في نيويورك، كما طلب أن يزور سان فرانسيسكو وهوليوود».