■ في ذكرى أسبوع على الهجمات الانتحارية على القاع، وبعد مطالبة رئيس بلديتها وأهلها والرابطة المارونية والمؤسسة المارونية للانتشار بإعلانها منطقة عسكرية، لم نرَ أي تحرّك جدّي لطمأنة أهلها؟ــــ أريد أن أعود أولاً الى صلب الموضوع. هل كانت القاع مستهدفة أم لا؟ يوم العملية كان لديّ رأيان، الاول صباحاً بعد التفجيرات الانتحارية الاربعة بأن البلدة ليست مستهدفة في حدّ ذاتها، والثاني بعد التفجيرات المسائية وهي أنها كانت مستهدفة. بعد أسبوع على العملية، حتى هذه اللحظة، لا يستطيع أحد أن يقدر في شكل دقيق وواضح هدف العملية. لا نريد الاستعجال. لكن لديّ بضع ملاحظات: في التفجيرات الصباحية، من شبه المؤكد أنهم لم يكونوا يريدون تفجير أنفسهم في القاع. فهم كانوا مختبئين، واكتشفهم أحد أبناء البلدة صدفة، وجرى إطلاق النار فاضطروا الى تفجير أنفسهم. أما تفجيرات الليل، وقلت حينها إنها استهداف للقاع، فقد تبين لاحقاً أن الانتحاريين هم جزء من المجموعة الصباحية، أي إنهم حين كثّف الجيش الطوق الامني، لم يعد في استطاعتهم الهرب، ففجّروا أنفسهم. ما يلفت النظر أيضاً أنه بعد أسبوع على العملية، لم يعلن أحد تبنّيها، خلافاً لما حصل بعد عمليات داعش في العراق أو تركيا أو داكا أخيراً. عدم وجود من يتبنّى العملية يزيد شكوكنا. فلو أن القاع كانت مستهدفة، لكان من نفذها أعلن ذلك، كما فعل بعد تفجير مطار أتاتورك في تركيا. علمياً لا أحد يستطيع أن يجزم، ولكن أميل الى القول إن القاع ليست مستهدفة، وكان المقصود أهدافاً أخرى.

■ تكاد تكون وحدك من يميل الى هذه النظرية؟ وعلى افتراض ذلك، أليس مجرد تحولها طريق عبور للإرهابيين وتفجير انتحاريين فيها، يستلزم تدابير مختلفة حولها؟
ــــ أنا أردت أن أضع علامة استفهام عمن المستهدف من العملية. أما بالنسبة الى التدابير الامنية، ففي باريس وبلجيكا واورلاندو وتركيا التدابير الامنية موجودة، لكنها لم تمنع حصول عمليات انتحارية. نعيش مرحلة يضرب فيها الارهاب العالم كله. يجب بطبيعة الحال اتخاذ تدابير أمنية، لكن لا ننسى أن القاع بلدة حدودية بين لبنان وسوريا، في منطقة متفجرة، وحصول عملية انتحارية وارد في كل دول العالم. طبعاً أطالب الجيش مع أهل القاع بأن يكثف وجوده، وبمزيد من التدابير. لكن لا ننسى أن للجيش طاقة محدودة ولا يستطيع إعلان منطقة عسكرية كلما وقعت حادثة في وادي خالد والعبودية والشمال. أنا سياسي مسؤول، ولا أستطيع إلا أن أتحدث علمياً، وليس الانجراف عاطفياً.
اتفقنا مع جنبلاط والحريري: لا قانون انتخابات إلا المختلط

■ هي منطقة حدودية، ولكنها لها صفة إضافية أنها مسيحية. ألا تخشى على مسيحيي الاطراف؟
ــــ أبداً. المسيحيون مثل غيرهم من المواطنين. القرى الحدودية معرضة أكثر من غيرها، لكن الجيش اتخذ تدابيره في القاع وجرودها وراس بعلبك. طبيعة المنطقة تسمح بحصول عمليات تسلل من حين الى آخر، علماً بأن مواقع الجيش هناك بعيدة بعضها عن بعض. أتمنى على قيادة الجيش أن تأخذ تدابير إضافية. لكن لا أرى هناك خوفاً من عمليات كما يجري الحديث عنه.

■ ألا تخشى من تدهور أمني عام، فيما نشهد حركة عادية والمهرجانات مستمرة وكأن شيئاً لم يكن؟
ــــ بصراحة، لا أرى أننا دخلنا في مرحلة مختلفة عن تلك التي عشناها سابقاً. المرحلة ذاتها مع زيادة أو نقصان بحسب إمكانات المنظمات الارهابية. لا أخشى على الوضع العسكري والأمني العام رغم ضرورة اتخاذ الحذر.

■ ألا تعتقد أن المناطق المسيحية مستهدفة، علماً بأن بيانات رسمية تحدثت عن شبكات تستهدف أماكن فيها؟
ــــ بصراحة كلا. لا بالوقائع ولا بالتحليل. لبنان مستهدف بالقدر ذاته كما كان الأمر سابقاً.

■ ما ردّك على كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن استهداف القاع وحمايتها برموش العين، وضرورة التوافق على استراتيجية وطنية لمكافحة الارهاب؟
ــــ أكرر انني ميال الى أن القاع ليست مستهدفة، من دون أن أجزم. لا أعتقد أن القاع تدخل في استراتيجية التكفيريين إلا من حيث المبدأ، وهم ليسوا «فاضيين» لاستهدافها فيما هم محشورون في العراق والفلوجة وسوريا. الأفضل أن ننتظر نتائج التحقيق حتى نبني عليه. ثانياً لا أحد يحمي القاع إلا دولة قوية وجيش قوي. وقد تبين منذ أربع سنوات الى الآن، أن الاجهزة الامنية والجيش نجحوا في مكافحة المجموعات الارهابية، رغم عدم وجود رئيس للجمهورية وحكومة لا تعمل ومجلس نواب لا يفتح أبوابه، وأثبتت هذه الاجهزة نجاحها قياساً مثلاً الى الجيش التركي وغيره. أما الاستراتيجية الوطنية فتضعها المؤسسات الوطنية، أي مجلس الوزراء ووزارة الدفاع والجيش والأجهزة الأمنية.

■ يبدو أنك لا تريد كثيراً الرد على نصرالله؟
ــــ البلد في غنى عن أجواء توتير أو تقاذف اتهامات سياسية، والتصريحات لا تفيد شيئاً. أفضل شيء ما قل ودل، وعلينا فقط الاكتفاء بمواقفنا السياسية.

■ بعد تفجير القاع التي يطغى عليها الجوّ القواتي، لوحظ تنسيق مع حزب الله. هل يطمئن الناس في القاع لأن حزب الله حولهم؟
ــــ هذا ليس صحيحاً. بلدية القاع والشباب في القاع وقسم كبير منهم مسؤولون في القوات ينسّقون فقط مع الجيش والاجهزة الامنية، ويرفضون التنسيق مع أي قوى أخرى، انطلاقاً من مشروعنا السياسي الواضح جداً.
الحريري وجنبلاط
■ تحركت الاسبوع الاخير بلقاء مع الحريري وجنبلاط، والحريري ذهب الى السعودية للقاء الملك السعودي. هل تحرك الملف الرئاسي فجأة أم ان الحركة استباق لسلة الرئيس نبيه بري؟
ــــ كلا لا علاقة لها بالسلة. الكل يعرف مودتي للرئيس نبيه بري، وأنا أرى أنه أفضل «baby-sitter « في التاريخ. جوهر الموضوع أنه لا ينبغي أن ننتظر الوضع الخارجي، لكن الخارج مقفل كما لم يحصل سابقاً. إيران كما أصبح واضحاً جداً، بما لا يقبل الشك، لا تريد إجراء انتخابات رئاسية، فهي تربط أزمات المنطقة بعضها ببعض وتريد حلها معاً، وهي دفعت ثمناً لا بأس به بتعطيل الرئاسة، ولا تريد فكه من دون ثمن، ولا أحد سيعطيها الثمن. فرنسا قلبها على لبنان، وتجرّب أن تحل الموضوع، لكن ليس في يدها حيلة، وحاولت مع إيران ووجهت بالموقف الذي قلته. لذا لا حل الا بجهد داخلي، وأنا بدأت هذا الجهد، وسأكمل التحرك في كافة الاتجاهات للوصول الى انتخابات رئاسية، لأنه إذا قطعنا الشهرين أو الثلاثة المقبلة من دون رئيس للجمهورية، ندخل في مرحلة الانتخابات النيابية ومعضلة قانون انتخابات. وفرضاً جرت الانتخابات النيابية، فلا يعتقد أحد أن رئاسة الجمهورية ستحل. بل إن المعادلة المتحكمة اليوم في الانتخابات الرئاسية ستبقى على حالها. فهل يمكن أن نتصور البلد مع مجلس نيابي جديد وحكومة تقدم استقالتها وتصرّف أعمال من دون أن نتمكن من انتخاب رئيس للجمهورية؟ هذا الوضع دفعنا الى أن نتحرك بأسرع وقت للوصول الى إجراء الانتخابات سريعاً مع كل الافرقاء المعنيين.

■ ما هي حصيلة اللقاءين مع جنبلاط، علماً بأنه قال لـ»الأخبار» إنه مع أي رئيس، أما الحريري فلا يزال متمسكاً بالنائب سليمان فرنجيه؟
ــــ في المرحلة الاولى اتفقنا مع الحريري وجنبلاط على تشخيص الامور والقراءة نفسها لتسلسل الاحداث. يبقى أن ننتقل الى المرحلة الثانية. أستطيع القول إن الملف الرئاسي أصبح على نار، ليست حامية، لكنها ليست خفيفة أيضاً.
الانتخابات الرئاسية على نار «ليست خفيفة» والتمديد للمجلس النيابي مستحيل

■ بمن ستلتقي بعدهما؟ الرئيس بري؟ فأنت وحزب الله لا تتحدثان؟
ــــ (مازحاً) لا أريد أن أزعج الحزب. أما بري فهو معنا ويشارك معنا في النزول الى الجلسة، وسنجرّب التواصل معه في شكل أكبر في الملف الرئاسي.
الانتخابات النيابية
■ هل ستشاركون في الانتخابات النيابية ولو على أساس قانون الستين؟
ــــ هذا سؤال افتراضي. لدينا مفاجأة سارة، وهو أننا اتفقنا مع الحريري وجنبلاط على ألا يصدر أي قانون إلا المشروع المختلط بين الاكثري والنسبي. هناك مشروعان للمختلط، مشروعنا ومشروع الرئيس نبيه بري، وهما لا يمانعان في الوصول الى حل وسط ومقبول بين المشروعين.

■ وهل يقبل عون بالمختلط؟
ــــ لا مشكلة لدينا مع عون لناحية ضرورة التوصل الى قانون انتخاب، وحين نقترب من الاتفاق على المشروع، سنتبادل الافكار.

■ لا جواب واضحاً لديك بشأن الستين؟
- هناك حدان للجواب: الذهاب حتماً الى الانتخابات النيابية ومن المستحيل التمديد للمجلس النيابي. والحدّ الثاني يجب العمل للتوصل الى قانون انتخاب.




النفط وباسيل وروكز

■ فيما كان نصرالله يتحدث مدافعا عن القاع كنت انت تطلق اغنية عن المخدرات والوزير جبران باسيل يقوم بصفقة نفط مع بري؟ هل بسحر ساحر جرى الاتفاق على النفط وتقاسم الحصص؟
ــــ ليس لدي تفاصيل عن الاتفاق على النفط الذي كان يجب ان يحل سابقا. ولكني لست متفائلا بقدرة الاخرين. النفط هو الثروة الوحيدة للبنان واللبنانيين، ولن نقبل أي شكل من الأشكال بأي تلاعب او فساد بهذا الملف. والباقي تفاصيل. النفط للبنانيين جميعا وهو ثروتهم التي تدعم لبنان واجياله، وسنراقب تنفيذ الملف حتى لا يحصل كما حصل في النفايات وملف الانترنت.

■ لكنكم لستم ممثلين في الحكومة وهم اعلنوا اتفاقهم علنا؟
ــــ ما حصل ليس عملية نهائية. واذا افترضنا ان هناك تفاهما بين بعض الافرقاء حول بعض الصفقات فسيظهر ذلك، وحينها يأتي دورنا، ولن نحكم على النيات مسبقا. علما ان هناك اجهزة رقابية دولية على موضوع النفط والكل سيراقبه.

■ والعلاقة مع العماد ميشال عون؟
ــــ التنسيق مستمر والتواصل دائم.

■ لكن العميد شامل روكز يتحدث دوما، بطريقة سلبية، عن العلاقة مع القوات؟
ــــ لم اسمع اي شيء مباشر قاله. على كل اذا حصل اي شيء من هذا النوع، يعالجه التيار الوطني الحر.




مع التمديد لقهوجي


■ في الحديث عن الجيش والتدابير التي يجب ان يتخذها في القاع، يعود موضوع قائد الجيش العماد جان قهوجي الى الواجهة. المطروح مجددا التمديد لقائد الجيش، وهناك شخصيات في المستقبل تتحدث عن عدم التمديد، برغم ان البعض يراه ضروريا في المرحلة الراهنة؟
ــــ انا مع التمديد لقائد الجيش، لاعتبارات تتعلق بعدم وجود رئيس للجمهورية ووضع الحكومة معروف. كما أن قائد الجيش تمرس خلال 8 سنوات بما يحصل في المنطقة ولبنان، ويمسك جيدا بالجيش وبالدفاع في الداخل وعلى الحدود. ومن غير الحكيم اليوم الدخول في معمعة رفض التمديد واختيار قائد جديد للجيش في غياب رئيس الجمهورية. لا اعتقد ان احدا سيطرح مشكلة برفض التمديد، لان الجميع يدركون ما ادركه. يحق لاي طرف طرح ما يريده لكن القرار عند مجلس الوزراء ولنترك اللعبة السياسية تأخذ مداها.

■ الا يصر جنبلاط على تعيين قائد جديد للجيش مع رئيس الاركان؟
ــــ لا اعتقد ان جنبلاط يربط الامرين. لم يعد يحق لرئيس الاركان قانونا البقاء في منصبه، لذا يلزم تعيين خلف له، ستُطرح ثلاثة اسماء على مجلس الوزراء لاختيار واحد منهم. اما قائد الجيش، فيحق له البقاء سنة اضافية.

■ وما هو موقف حليفك العماد ميشال عون؟
ــــ سمعت كأن لا مشكلة لديه. أكرر سمعت، وليس في شكل مباشر.