بعد الانفتاح مع موسكو وتل أبيب، تتعاظم الحظوظ بأن تقود انعطافة السياسة الخارجية التركية إلى القاهرة. ورغم السرعة في عودة التطبيع مع روسيا وإسرائيل، فإن العلاقات مع مصر لا تزال مجمدة منذ نهاية عهد الرئيس محمد مرسي عام 2013، على الرغم من تحالفهما المشترك مع السعودية. تركيا لا تزال على الإصرار الإيديولوجي لرئيسها رجب طيب أردوغان ـ حليف مرسي ـ على عدم الاعتراف بالسلطة المصرية، وهو ما تشترطه القاهرة مسبقاً لعودة العلاقات. وبحسب مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يوضح وزير الخارجية التركي الأسبق، الذي شغل أيضاً منصب سفير أنقرة في مصر، يسار ياكيش، أن رفض الاعتراف بالرئيس عبد الفتاح السيسي تحول إلى «فكرة ثابتة» بالنسبة لأردوغان، مضيفاً أنه «يجب ألا تكون هناك مشاكل بين الدولتين... فمصر شريك أساسي في أي شيء تريد القيام به في الشرق الأوسط، وتركيا تحرم نفسها هذا الدعم». كذلك، ادى موقف أنقرة المحابي للرياض والمتشدد ضد دمشق، دوراً في تباعد وجهات النظر مع القاهرة، التي يوضح وزير خارجيتها بين عامي 2013-2014، بحسب «وول ستريت جورنال»، أنه «بالنسبة إلينا، يجب تأكيد استقرار نظام الدولة السورية، وبعدها يقرر السوريون من يغيّر ومن لا يغيّر... لا نريد انهيار الدولة السورية».
موسكو: استئناف مشروع «السيل التركي» رهن بموقف الدول الأوروبية

ورغم الانسجام التركي السعودي في غالبية المواقف، غير أن انقرة حافظت على علاقتها مع إيران، التي بدورها أبدت ترحيبها بالمصالحة التركية ـ الروسية وتطبيع العلاقات بين البلدين. إذ قال الناطق باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي، في بيان، إن بلاده «تأمل أن يساهم تطبيع العلاقات بين أنقرة وموسكو في حماية مصالح البلدين وشعوب المنطقة، والتعاون والاستقرار والأمان إلى جانب مكافحة الإرهاب». وأعرب عن رغبة بلاده في أن تصل عملية تطبيع العلاقات إلى «النتائج المأمولة في أقرب وقت». الانفتاح بين أنقرة وموسكو في طريقه إلى التعزيز، إذ أعلن المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، أنه لا يستبعد عقد لقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان خلال أو قبل انعقاد قمة مجموعة العشرين في أيلول/ سبتمبر المقبل، في مدينة هانغتشو الصينية.
أما على المستوى الاقتصادي، فقد أعلن الكرملين أن من المبكر الحديث عن استئناف مشروع «السيل التركي»، وخاصة أن روسيا في صدد دراسة خيارات أخرى لنقل الغاز إلى أوروبا. وأوضح بيسكوف، أن روسيا تدرس حالياً طرقاً أخرى لإمدادات الغاز الروسي، وخاصة أن شركة الغاز «غازبروم» وقّعت «بروتوكول نوايا» مع شركاء إيطاليين، لدراسة إمكانية نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر المسار الجنوبي، لذلك فإن من السابق لأوانه تحديد المشاريع التي ستنفذ على أرض الواقع.
وفي السياق، أعلنت وزارة الطاقة الروسية أن استئناف مشروع «السيل التركي» لنقل الغاز الروسي إلى تركيا عبر قاع البحر الأسود ومنها إلى أوروبا، رهن بموقف الدول الأوروبية التي سيصلها الغاز. وقال النائب الأول لوزير الطاقة الروسي، أليكسي تكسلير، إن «روسيا منفتحة على بحث كل الاقتراحات، ولا أريد بذلك إعطاء أولوية للمشاريع. كل شيء يعتمد على موقف الدول الأوروبية التي ستصل إليها أنابيب الغاز أو المفوضية الأوروبية». وكان وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، قد صرّح في وقت سابق بأن بلاده مستعدة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية اللازمة للمشروع، مضيفاً أنه «في حال وجود الضمانات اللازمة من قبل المفوضية الأوروبية، فنحن مستعدون لتنفيذ هذا المشروع». كذلك، أعلنت وزارة النقل الروسية أنها «ستعمل على إعداد مقترحات تهدف لرفع القيود المفروضة على تركيا وذلك في إطار العمل على تنفيذ تعليمات الحكومة بهذا الشأن». واشترطت الوزارة لاستئناف الرحلات الجوية غير المنتظمة، تعهد الجانب التركي اتخاذ تدابير فعالة لضمان سلامة السياح الروس المسافرين إلى تركيا. وبدوره أكّد السفير الروسي في أنقرة، أندريه كارلوف، أن لا عودة لتدفق السياح إلى تركيا بشكل كامل، قبل أن تضمن أنقرة أمن المواطنين الروس.