«ثَأَر» معروف حمية لمقتل ابنه الشهيد العسكري في الجيش اللبناني محمد حمية. اختَطفَ حسين الحجيري، ابن شقيق الشيخ مصطفى الحجيري (الشهير بـ«أبو طاقية»)، ثم اقتاده إلى مقبرة طاريا، حيث يرقد ابنه الشهيد الذي قتلته «جبهة النصرة» في 20 أيلول 2014، بعد أسابيع على اختطافه مع جنود الجيش والأمن الداخلي من عرسال.


قتل حمية الحجيري بيديه بأكثر من ثلاثين رصاصة، ثم خرج بعد ارتكابه جريمته ليقول إنّ «مهمته» لم تنته بعد، وأنّها ستنتهي بعد أن «يقيم القصاص» على «أبو طاقية» و«أبو عجينة» و«أبو علي العصفورة» لتأخذ العدالة مجراها. كرّر أنّ ثأره مع الثلاثي من آل الحجيري في عرسال فقط، وأنّه لن يُسلّم نفسه قبل الأخذ بثأر ابنه.

لكن، هل شارك الضحية في جريمة قتل الجندي الشهيد محمد حمية أو تواطأ أو حرّض على قتله؟ ذلك ليس مهمّاً بالنسبة إلى معروف حمية. لا يهم هذا الرجل الصلب والمفجوع في آن واحد سوى أنّ من وقع في قبضته هو ابن المختار السابق لعرسال محمد الحجيري. ويكفيه أنّه ابن شقيق «أبو طاقية»، وأنّ قلبَي الرجلين سيحترقان كما احترق قلبه سابقاً. لدى معروف حمية اقتناع راسخ بأنّ مصطفى الحجيري وراء اتخاذ قرار قتل ابنه. وهو مقتنعٌ تماماً بأنّ «أبو علي العصفورة» لم يفعل شيئاً لمنع قتل ابنه، رغم وعده له بأنه لن يُصيب مكروه ابنه المخطوف لدى «جبهة النصرة».



كيف يُقتل شابٌ بريء

لا ذنب له ويؤخذ

بجريرة والده أو عمّه؟




هكذا انقسم اللبنانيون حيال الجريمة. حيّا قسمٌ منهم شجاعة عشيرة حمية على فعلتها، واعتبروا جريمة القتل ثأراً لكل لبنان من قتلة العسكريين، وأن العشائر يعرف بعضها بعضاً جيداً، وأنّه لا بد من أن يكون لوالد القتيل أو للمقتول دور ما. لكنّ آخرين استنكروا الاقتصاص من بريء، إذ كيف يُقتل شابٌ بريء لا ذنب له ويؤخذ بجريرة والده أو عمّه؟ لا سيما أن الأجهزة الأمنية تؤكد أنّه غير مطلوب وأنّه كان يدخل ويخرج من عرسال بشكل طبيعي. كذلك الأمر في ما يتعلق بوالده، إذ تؤكد المصادر الأمنية أنّ لا علاقة لوالد القتيل المعروف بـ«جبهة النصرة»، إنما العلاقة تقتصر على شقيقه مصطفى الذي تربطه علاقة وثيقة بفرع «القاعدة» السوري. وهذا ما كرره «أبو طاقية» الذي ذكر أنّه تواصل مع «النصرة» بتكليف من الحكومة اللبنانية، وأن لا علاقة له بإعدام الجندي حمية، واضعاً جريمة قتل ابن شقيقه برسم الدولة اللبنانية وحزب الله. وتحدث عن مواكب أمنية تحمي قتلة ابن شقيقه، مشيراً إلى أنّ «أولياء الدم سيتحركون إن لم تقتص الدولة من المجرمين».

في موازاة ذلك، جرى تداول بيان صادر عن قيادة الجيش في ١٦ نيسان، يفيد بأن «قوة من الجيش في منطقة وادي حميد ــ عرسال، أوقفت حسين محمد الحجيري، المطلوب لمشاركته في تواريخ سابقة بتنفيذ أعمال إرهابية ضد الجيش وقوى الأمن الداخلي في بلدة عرسال، أثناء محاولته تهريب حوالى 75 كيلوغراماً من مادة الكيماوي، وحوالى 100 ليتر من مادة المازوت من بلدة عرسال باتجاه الجرد». برر ناشروه فيه مقتل الشاب بأنه ضالع في أحداث أمنية، إلا أنّ مصادر أمنية نفت أن يكون القتيل مطلوباً، كاشفة أنّ هناك تشابهاً في الأسماء فقط.

هكذا، بعد ١٧ شهراً على إعدام ابنه بأيدي عناصر «جبهة النصرة»، قرر معروف حمية أن يتحرّك ليقتص من قتلة ابنه، فارتكب جريمة. الدولة لم تقم بواجبها، ولم تلاحق قتلة عسكرييها، بعدما عجزت عن منع خطفهم، وإعادتهم جميعاً سالمين إلى منازلهم. جريمتان تتحمل مسؤوليتهما الدولة العاجزة. هذه الدولة التي لو كانت قادرة، لكانت منعت احتلال أرضها. ولو كانت قوية وعادلة، لكانت اقتصت من قتلة حمية ومنعت هدر دم الحجيري.




حمود: قتل الحجيري جريمة


علق رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود على قتل حسين محمد الحجيري، مستنكراً القتل بهذا الأسلوب مما يتناقض مع القرآن الكريم {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. وأكد حمود أن أهل عرسال اختاروا الدولة عندما شاركوا بكثافة في الانتخابات البلدية، وأن مثل هذه الجريمة قد تعيد الأمور إلى النقطة الصفر، «هذا مع تأكيدنا أن جريمة خطف العسكريين واغتيال بعضهم هي من أكبر الجرائم التي ارتكبت في لبنان، لكن الرد عليها لا يكون بهذا الأسلوب المستنكر».