حقق الدكتور عمر عياش (من "تيار العزم" الموالي للرئيس نجيب ميقاتي) فوزاً كاسحاً في انتخابات نقيب أطباء طرابلس، بعدما تفوّق على منافسيه عاصف ناصر (يسار) ووليد غمراوي (تيار المستقبل)، ما أعطى إشارة ذات دلالة لا يمكن تجاهلها، في انتخابات تنافسية حامية كانت مؤشراً على توازن جديد للقوى في داخل النقابات الشمالية.وأثبتت الأرقام التي خرجت بها صناديق الاقتراع الحضور القوي لـ"تيار العزم" و"تيار الكرامة" الموالي للوزير السابق فيصل كرامي، وتماسكهما بالتحالف مع الجماعة الإسلامية وتجمع أطباء طرابلس والقوميين، عدا عن تسرّب أصوات إلى هذا التحالف من الشيوعيين وتيار المردة والتيار الوطني الحر ومستقلين.
وفي المقابل، تلقّى التحالف المنافس المتمثل في تيار المستقبل والقوات اللبنانية وإسلاميين وشيوعيين واليسار الديمقراطي هزيمة ثقيلة، ستكون لها انعكاساتها ليس داخل نقابة أطباء طرابلس فقط، بل قد تمتد إلى الانتخابات في النقابات الأخرى بعدما تبين واضحاً ترهل الماكينة الانتخابية لهذا التحالف وضعفها.
أثبتت الانتخابات الحضور القوي لميقاتي وكرامي، وتماسكهما، بالتحالف مع الجماعة الإسلامية

وأظهرت الانتخابات انقساماً داخل تيار المستقبل، إذ حمّل فريق منه النائب أحمد فتفت مسؤولية الخسارة كونه كان عراب نسيبه، ومارس ضغوطاً كبيرة داخل التيار لتبنّي ترشيحه بعدما وضع القيادة الزرقاء في أجواء أنه قادر على هزيمة ميقاتي وحلفه في انتخابات النقابة.
ولعل المفارقة الأبرز في الانتخابات أنها جاءت قبل أسبوعين من الانتخابات البلدية في طرابلس، والتي يصطف فيها ميقاتي وكرامي في مواجهة التيار الأزرق، ما اعتبره البعض مؤشراً على هزيمة أخرى تنتظر المستقبل في ما لو رفض التوافق، وخاض انتخابات في مواجهة خصوم أثبتوا أنهم استعدوا بشكل جيد لها.
وكانت انتخابات نقابة أطباء الشمال قد جرت أمس في فندق "كواليتي إن" في طرابلس، على مرحلتين؛ الأولى لانتخاب أربعة أعضاء في مجلس النقابة، والثانية لانتخاب النقيب. وكان واضحاً أن المرشحَين الأبرز والمعلنَين هما عمر عياش (تيار العزم) وعمر فتفت (تيار المستقبل). لكن كان عليهما أولاً الفوز بعضوية النقابة قبل خوضهما انتخابات النقيب، وفق الأنظمة الداخلية للنقابة، التي جرى العرف منذ تأسيسها على مداورة منصب النقيب فيها بين المسلمين والمسيحيين. وجاءت النتائج لتشكل خيبة أمل كبيرة للمستقبل، إذ لم ينل فتفت أكثر من 290 صوتاً فيما نال عياش 474 صوتاً، كما حلفاء عياش الثلاثة لانتخابات العضوية، فحصل عامر عياش على 374 صوتاً، وأحمد البوش على 366 صوتاً وهاني لبدة على 314 صوتاً، بينما كان فارق الأصوات مع حلفاء فتفت واسعاً، إذ حصل وسام منصور على 283 صوتاً، وحسن خضر على 267 صوتاً ومحمد حرب على 265 صوتاً.
وأدت هذه النتيجة الى خروج فتفت من السباق نحو منصب النقيب، ما دفع تيار المستقبل وحلفاءه سريعاً الى تبنّي ترشيح وليد غمراوي كبديل كان جاهزاً مسبقاً لمنصب النقيب، كونه عضواً في المجلس، في مواجهة عياش وعاصف ناصر الذي لقي دعماً من الشيوعيين واليساريين. لكن نتيجة انتخابات النقيب شكلت هزيمة نكراء إضافية لتيار المستقبل، إذ لم يحصل غمراوي على أكثر من 53 صوتاً، مقابل ناصر الذي حصل على 129 صوتاً، بينما نال عياش 477 صوتاً، وهو رقم يقارب الرقم الذي ناله في الدورة الأولى، ما يعكس تماسك قاعدته الانتخابية.
وكان قد صوّت في الدورة الأولى من الانتخابات 749 طبيباً من أصل 1259 طبيباً مسجلاً على الجدول النقابي العام، بينما انتخب في الدورة الثانية 669 طبيباً.
وبعد صدور النتيجة بارك الوزير السابق فيصل كرامي فوز عياش ولائحته، ورأى أنها "تؤكد على القرار الطرابلسي والشمالي في العملية الديمقراطية".