قبل أسبوعين، حصل سمسوم أطاميان على جواز سفر أرمني من سفارة أرمينيا في لبنان. هو واحد من نحو 150 ألف أرمني يقيمون في لبنان منذ الإبادة الأرمنية قبل مئة عام، لكنه مثل 90 في المئة منهم، لم تكن أرمنيته مدرجة في الدوائر الرسمية في أرمينيا، ولم يكن حاصلاً على جنسيتها. حظي سمسوم بجنسية بلاده في السادسة والثلاثين. جذوره تمتد إلى منطقة جبل موسى التابعة لمملكة كيليكيا شمال كسب السورية، التي شهدت قبل عام تماماً تهجيراً أرمنياً جديداً على يد «داعش». بين الإبادة والتهجير، نزح آل أطاميان من صور إلى برج حمود. في الثلاثينيات، حطّ الأجداد في البص، في صور، حيث أقاموا وشيدوا منازلهم وزرعوا أشجار التوت قبل أن يغادروا بسبب الحرب الأهلية.
حلم الجنسية لم يتحقق لوالد سمسوم الذي توفي قبل شهرين. هذا الحلم بات حقيقة عام 2008، حينما صوّت الشعب الأرميني في استفتاء على منح الجنسية للمتحدرين من أصل أرميني، المنتشرين في أصقاع الأرض. منذ أقل من عامين، فتحت السفارة في لبنان الباب أمام أرمن لبنان لتقديم الأوراق اللازمة للحصول على جواز السفر (إخراج قيد لبناني ووثيقة ولادة وإفادة سكن من المختار...). سمسوم سلك طريق السفارة، أما شقيقه فقد قصد مسقط رأسه وأنجز الأوراق اللازمة مباشرة، ونال الجنسية بشكل أسرع، قبل عام ونصف. حالياً، ينتظر باقي أفراد العائلة دورهم. علماً بأن كثيرين يفضلون الحصول عليها عن بعد هرباً من الخدمة الإلزامية (مدتها عامان) في الجيش الأرمني، للشبان دون السابعة والعشرين.
حق الأم بإعطاء الجنسية لأولادها سيعطي الجنسية للبنانيين كثر. يبدي اللبنانيون حماسة كبيرة للحصول عليها. تتباين الدوافع. يتحدث البعض عن مسألة مبدأ وحق. ويستعرض آخرون الامتيازات المواطنية التي يحصلون عليها في أرمينيا من حق الاستثمار والعمل والسكن والتملك... ويدغدغ آخرين حلم دخول أرمينيا إلى الاتحاد الأوروبي، علماً بأن 64 في المئة من السكان صوتوا في استفتاء أجري عام 2005 للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لكن الدافع الجامع «مواجهة المجزرة البيضاء». يلفت أطاميان إلى أن الهدف الأساس لاستعادة الجنسية «العودة إلى الجذور وإعادة تجميع الشعب الأرمني الموجود على وجه الأرض». يتداول الأرمن في ما بينهم بأن «ذوبان الأرمن في شعوب العالم وتماهيهم في جنسيات الدول من دون الحصول على جنسيتهم الأصلية يوصف بالمجزرة البيضاء التي تفعل فعل الإبادة التركية بأسلوب غير دموي». مع ذلك، لا يعني الحصول على الجنسية «أننا سنترك لبنان» يقول أطاميان. هنا ولد وكبر وأدى الخدمة الإلزامية في الجيش اللبناني.
بحسب موقع السفارة الإلكتروني، فإن الوجود الأرمني في لبنان وصل حتى أواسط السبعينيات إلى ما بين 250 و300 ألف نسمة. الحرب الأهلية والأوضاع الناتجة منها أدت إلى تراجع العدد إلى ما بين 140 و150 ألفاً. يلفت الموقع إلى أن «آلاف الأرمن في لبنان خلال الثلاثين سنة المنصرمة، بالرغم من هجرتهم، حافظوا على جنسيتهم اللبنانية وعلى قيودهم على لوائط الشطب الانتخابية في مناطق إقامتهم السابقة، وبحسب القانون اللبناني بإمكانهم المجيء إلى لبنان والمشاركة في الانتخابات.