أحيطت الجلسات المغلقة التي جمعت رؤساء أركان الجيوش العربية، في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة وسط حراسة مشددة، بسرية كبيرة لم تتح التعرف على أهم ما نوقش فيها، وخاصة أن الأمس القريب شهد إعلان السعودية انتهاء حربها الجوية على اليمن، وهي من أحدث المواجهات التي تخوضها السعودية بعدما رفضت بلدان عربية وإسلامية الدفع بقوات برية في الحرب.
ما ظهر من البيان الرسمي للاجتماع الأول هو دعوة رؤساء الأركان إلى تكوين فريق عمل مهمته دراسة تشكيل القوة المذكورة، على أن يجتمع الفريق «الرفيع المستوى» خلال الأسابيع المقبلة. المجتمعون الذين كانوا يرتدون بزاتهم العسكرية في مشهد هو أقرب إلى الاستعراض، نبّهوا إلى ضرورة دراسة الجوانب المتعلقة بالقوة المشتركة والموازنة المطلوبة، فضلاً عن الإطار القانوني لها، ثم على الفريق أن يعرض نتائج أعماله على اجتماع مقبل لرؤساء أركان الجيوش.
إجراءات تشي بأن موعد رؤية النور لهذه القوة ليس قريباً رغم تزايد ما يسميه بعض الرؤساء العرب «التحديات وخطر الإرهاب» في المنطقة، على أنها من أسرع التوصيات التي جرى تنفيذها ضمن نتائج قمة الجامعة العربية، أواخر الشهر الماضي. ولا يبدو أن اليمن هو السبب الرئيسي لتشكيل هذه القوة، إذ إنه بعد اشتراك دول عربية في التحالف الذي كوّنته الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم «داعش»، وخوض الأردن مواجهة جوية مع «داعش» الذي أحرق أحد طياريه، جاء إعدام نحو عشرين قبطياً مصرياً في ليبيا ليكون السبب الأوضح، إذ دعا الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى تلك الفكرة بعدما قال إن الإمارات والأردن عرضا عليه المساعدة العسكرية آنذاك.
مع ذلك، ستكون المشاركة في القوة اختيارية من جانب الدول العربية. وقرر أن من مهماتها التدخل السريع لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها أي دولة عربية، على غرار النموذج الموجود في دول الخليج، أي ما تسمى قوات «درع الجزيرة». ومن بين الدول المشاركة: السعودية والإمارات والكويت وقطر والمغرب والسودان والأردن والجزائر وليبيا وتونس. أما العراق فهو الدولة الوحيدة التي أبدت تحفّظاً رسمياً على تشكيل القوة «بتعجّل ودون دراسة كافية»، ولكنّ ممثلاً عسكرياً عن بغداد حضر الاجتماع الذي غاب عنه رؤساء أركان الجزائر واليمن وجزر القمر، فيما حضر نيابة عنهم الممثلون الدائمون لدولهم عدا سوريا التي غابت كلياً. وكانت الرياض تأمل أن يساعد إنشاء هذه القوة في حربها على اليمن، ولكن التحالف الذي شكلته بصورة مباشرة لم يقدم على تدخل مباشر في المجال البري. كذلك يشكك المراقبون في إمكانية التشكيل السريع لهذه القوة في حال الاتفاق عليها.
وقد ترأس الاجتماع، أمس، رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، الفريق محمود حجازي، بحضور الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي. وقال حجازي: «إذا ثبت يقيناً أن المواجهة الأحادية من جانب القوة المسلحة الوطنية داخل حدود البلد الواحد غير كافية في حالات عدة»، فإن ذلك «سيعظّم الحاجة إلى تشكيل قوة مشتركة تكون جاهزة للتدخل السريع، وذلك بناءً على طلب من الدولة المعنية»
(الأخبار، رويترز، أ ف ب، الأناضول)