أميركا والحرب على «داعش»: غرب العراق أولاً

أميركا والحرب على "داعش": الحليف السني أولاً

  • 0
  • ض
  • ض

منذ أيام، صعّد مسؤولون أميركون من اللهجة بشأن ما تريده بلادهم في ما يتعلق بملاحقة "داعش" في المنطقة، في وقت لا يمكن حتى لمقرّبين من الحكومة في بغداد إنكار الضغوط التي تمارسها واشنطن ربطاً بقرار استكمال تحرير المدن العراقية. رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ جون ماكين والسفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون تحدثا عن "الحلّ الأميركي"، أعقبهما وزيرا الدفاع والخارجية بتصريحات سلطت الضوء على الاعتقاد السائد داخل العراق بأن "أميركا لن تقبل تحرير نينوى والأنبار، بما يختلف عن السيناريو الذي ترسمه". يجري تداول هذا "التصور العراقي"، بالتوازي مع اتهامات توجهها أطراف سياسية إلى الولايات المتحدة، وأيضاً بموازاة التشكيك بجديتها في محاربة "داعش"، فيما تشير تصريحات مسؤوليها إلى أن هذه الجدية مرتهنة لإيجاد "طرف سني" على الأرض يقاتل "داعش" إلى جانبها، وهو ما عبر عنه الرئيس باراك أوباما، قبل نحو ثلاثة أسابيع في "قمة العشرين"، ليتحدث بعدها ماكين من بغداد عن مشروع قوات "سنية إقليمية" لمقاتلة التنظيم مع "التحالف الدولي"، الذي تقوده بلاده، وذلك بالتزامن مع نصيحة بولتون التي تتمحور حول أن "البديل الأفضل لداعش هو إقامة دولة سنية، تمتد من غرب العراق وتشمل شمال وشرق سوريا". والواقع أن تطبيق كل ذلك، سواء في العراق فقط أو في المنطقة ككل، لا يمكن أن يتم إلا إذا نجحت الولايات المتحدة في إيجاد طرف سني محلي (في نينوى والأنبار) قادر على التأثير في المناطق المحتلة حالياً من قبل "داعش"، وهو ما لم تتمكن من تحقيقه حتى الآن.

اصطدم الطموح الأميركي لإيجاد قوات عشائرية حليفة، مراراً، بتنافس بين ممثلين لنينوى والأنبار
وتعليقاً على مقترح ماكين، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي حاكم الزاملي، إنه "في حال إصرار أميركا على إرسال قوات من دول المنطقة، فإن العراقيين سيقاتلونها كما قاتلوا داعش". وأوضح الزاملي، في اتصال هاتفي مع "الاخبار"، أن "الولايات المتحدة تصر على أجندة خاصة الغاية منها تفتيت ليس العراق فحسب، بل سوريا وبقية دول المنطقة ايضا". كذلك، أشار إلى أن "مجلس النواب العراقي بصدد اتخاذ قرار ملزم للحكومة، لعدم قبول نشر قوات خاصة تنوي واشنطن نشرها في المناطق الغربية والشمالية من البلاد"، وذلك بعدما أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري، أمس، أن واشنطن أطلعت بغداد على خططها لنشر قوات خاصة في العراق، وهو ما كان قد كشف عنه وزير الدفاع آشتون كارتر أمام لجنة القوات المسلّحة في مجلس النواب. ولكن بالتوازي مع تصريحات الوزيرين في حكومة أوباما، يجري الآن داخل العراق الحديث عن خطة أميركية بديلة، مؤقتة، تتضمن نشر قوات نخبة تتولى بنفسها مهمة إيجاد قوات محلية حليفة من "العشائر السنية" ولا تتردد أطراف عراقية في تأييدها لهذا التوجه. وفي هذا المجال، يوضح النائب في البرلمان العراقي عن محافظة نينوى حنين قدو، أن أطرافاً عراقية رئيسة تؤيّد التدخل الأميركي. ويشير في اتصال مع "الأخبار" إلى أن "موقف الحكومة العراقية يظهر ضعيفاً في ما يتعلق بموضوع التدخل الأميركي، لكون الأطراف المشاركة فيها تريد الاعتماد على قوات أجنبية في قتال داعش، منها التحالف الكردستاني وقيادات في اتحاد القوى، وأيضاً أطراف في التحالف الوطني". من جهته، أقر النائب عن "اتحاد القوى العراقية" عبد العظيم عجمان بأن "تأخير تحرير الأنبار والموصل (في محافظة نينوى)، عائد إلى ملف مسك الأرض، حيث تريد واشنطن أن تتولى هذه المهمة عشائر سنية حليفة". وقال عجمان لـ"الأخبار" إن "الولايات المتحدة لم تتخذ قراراً في تخليص العراق من داعش، كونها لم تنته من تجهيز العشائر، بشكل كامل، تستطيع من خلاله مسك الأرض، ذلك أنها لا تريد مشاركة الحشد الشعبي". اصطدم الطموح الأميركي لإيجاد قوات عشائرية حليفة، مراراً، بتنافس بين ممثلين محليين لنينوى والأنبار، وهو ما كان السبب وراء فشل وساطات قادتها أطراف إقليمية حليفة لواشنطن للتقريب بين هؤلاء الممثلين، وهم في غالبيتهم أطراف ترفض بغداد التعامل معهم في ملف الحرب على "داعش"، كما أن واشنطن نفسها استضافت في مناسبات مختلفة شخصيات عراقية سنية للمطلب نفسه، لكن يبدو أنها لم تفلح حتى الآن. في موازاة ذلك، تعتزم لجنة تضم سياسيين سنّة سُميت "لجنة التنسيق العليا" شكلت، أخيراً، عقد اجتماع لها، الأسبوع المقبل، في بغداد للتباحث في تحرير المناطق الغربية والشمالية من العراق، فيما أعلنت أطراف من داخل الأنبار رفضها التعامل مع هذه اللجنة. وأكد المتحدث باسم اللجنة النائب خالد المفرجي، في تصريحات صحافية، أن لجنته تسعى إلى وضع مشروع لتحرير المحافظات، التي ينتمي إليها أعضاؤها (نينوى والأنبار)، وإيجاد سبل لإعادة آلاف النازحين إلى مساكنهم. وتضم هذه اللجنة كل من نائب رئيس الجمهورية السابق أسامة النجيفي، ورئيس البرلمان سليم الجبوري، ونائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك، والنواب شعلان الكريم وأحمد المساري وسلمان الجميلي. في المقابل، تقف أطراف من داخل الأنبار والموصل ضد هذا التوجه، وقد وصف غسان العيثاوي وهو أحد أبرز شيوخ عشائر الأنبار، التي تشارك في قتال "داعش"، التشكيل الجديد بـ"التخندق الطائفي". وأعلن العيثاوي عن عزم أطراف قريبة منه تشكيل كتلة جديدة، تهدف إلى إحداث تغيير في الشخصيات السياسية التي تمثل "المحافظات السنية".

0 تعليق

التعليقات