تيار
السمك الذي عبر النهر
وهو يسبح بكل شفافية
لم يعرف أنه ضد التيار
إلا عندما وجد نفسه
ذاهباً
بشبكة
صياد.

قطار
تذهب الذكريات بعيداً
مثل قطار يسافر ليلاً
يسحب معه المدينة
بما فيها من حارات
وأسواق وواجهات المحلات
وانعكاس أشكالنا عليها
بما فيها من وجوه الأطفال
بما فيها من بشر وحجر
بما فيها من حدائق عامة وأشجار
بما فيها من أسفلت الشوارع
لا يترك خلفه غير وجع الحديد
هذه السكة السوداء
هذا التوازي من الألم الطويل
لا يترك خلفه
غير
هذا
الخلاء
العظيم.


مختبر
اللامبالاة، الذباب وهو يحط على زجاج النوافذ
وكأن شيئاً لم يكن
مرور طائرتين دونما أن تشعر الواحدة بالأخرى
كتف فقط لجسد في صورة جماعية
باب المقهى وهو يفتح باتجاهين
السيجارة نصفها رماد ولم يقع بعد
الدخان إثر كل حريق
تمثال أبي فراس في الحديقة العامة
قصائد المتنبي في بلاط سيف الدولة
تكّات ساعة الحائط في الصالة
الأرصفة في كل شوارع العالم
العصافير التي تقف عشوائياً على أسلاك الكهرباء
اللون البرتقالي في إشارات المرور
أضواء المدن على الجانب الآخر من المتوسط
ظهر الراكب أمامي في الحافلة
الصحن المقلوب على وجهه فوق مرمر المطبخ
الشوكات وهي بشبك الانتظار
صورة المدينة التي ترتعش
تحت المياه في المختبر
ودون معرفة مسبقة
الحمض
قاتل
اللحظات.


خيط
الحزن ورشة عمل سوداء
انكسار جزء من إحدى درجات البناء
تذكرة مطوية قديمة حلب – دمشق لقطار الساعة السادسة صباحاً
امرأة تتمشى وحيدة في حديقة والوقت خريف
الرحيل الدائم للسوري
المسافة بين الحنجرة والغصة
يدك وهي ترتب أشياءك الخاصة لحظة الذهاب
وجعي الذي ينساب خلفي كنهر
نورسة لوحدها في لوحة ما
الحركة الدائبة للموتى
وهي تمضي من معبر «بستان القصر»
الدمعة قبل السقوط بقليل
قلبي هذا الخيط الوهمي
الذي
يضم
كل
ما
تقدم
أعلاه.

طبيعة
التعب انهيار طبيعتي الصامتة
لوني الرمادي الذي تركته بباب المقهى
البحيرة البعيدة التي حركتها الريح الآن صراخ كرسي يسحب بأرضية الغرفة
طقطقة الورق وأنا أضعه في الحقيبة
رغبتي الدفينة ألا يتذكرني الهاون في المكان الذي أنا فيه
وأن يُسقطني كل ما هو طائش
من شغف حساباته
مرور سيارات الإسعاف بصوتها الجنائزي
التعب هو وجهك هذه البئر الوهمية
وأنا أسحب منها
كل لحظة
دلو
روحي
الأبيض.
* شاعر سوري