وقّعت فرنسا في القاهرة، أمس، أول عقد لتصدير طائرات «رافال» المقاتلة مع مصر التي اشترت 24 منها، في وقت تواجه فيه القاهرة مخاطر الملف الليبي واشتعال «إرهاب» شمالي سيناء، إضافة إلى اهتمامها المستمر بعرض قدراتها على تهديد مشاريع تمثل خطراً على أمنها القومي، «سد النهضة» في إثيوبيا مثالاً.
ووقّع رئيس مجلس إدارة شركة «داسو» لصناعات الطيران، اريك ترابييه، العقد في القصر الرئاسي بحضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان. ووقعت مصر عقدين آخرين لشراء فرقاطة متعددة المهمات تصنعها مجموعة الصناعات البحرية «دي سي ان اس» إضافة الى صواريخ من انتاج شركة «ام بي دي ايه». وقدرت القيمة الإجمالية للعقود بـ5,2 مليارات يورو.
وانجزت الصفقة في وقت قياسي، استغرق بالكاد ثلاثة اشهر بطلب من مصر، التي يبدو أنها تريد تنويع مصادر أسلحتها والتحرر من الوصاية الاميركية التي اعتمدت عليها الى حد كبير حتى الآن. كذلك قد تعكس الصفقة دعم فرنسا المعلن للنظام المصري في منطقة تشهد اضطرابات كثيرة.

وقال الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، قبل أيام: «مع مصر جرت (الصفقة) بسرعة كبيرة»، مضيفاً: «أولاً لأن مصر تريد طائرة على درجة عالية من الجودة» و«بسرعة نظراً إلى التهديدات القائمة حول هذا البلد».
وأعلنت المجموعة الفرنسية، أمس، أنّ الفرقاطة ستُسلَّم في منتصف هذا العام «بعد بضعة أعمال تأهيل والمرحلة الأولى من برنامج التدريب».
وقال لودريان: «إن بلدينا يشنان حملة مشتركة على الإرهاب». وخلص الوزير الفرنسي إلى القول «انه عصر جديد للتعاون الثنائي بين باريس والقاهرة».
وصرح لودريان بأن «الرئيس السيسي لديه حاجة استراتيجية تكمن في ضمان امن قناة السويس الذي يشكل ممراً لجزء كبير من الحركة البحرية العالمية». وتابع: «هذا اول سبب للاسراع في اكتساب قدرات بحرية وجوية لتامين سلامة» هذا الممر.
واكد الوزير الفرنسي قبل وصوله بعد ظهر أمس الى القاهرة، ان مصر تواجه تهديدات تمثلها التنظيمات المتطرفة في شبه جزيرة سيناء وكذلك تنظيم «الدولة الاسلامية» في ليبيا. وتابع: «وسط الفوضى الليبية هناك مخاطر ارتباط داعش (احدى تسميات تنظيم الدولة الاسلامية) في المشرق بداعش في ليبيا».
وتجاهلت باريس انتقادات المدافعين عن حقوق الإنسان الذين اشاروا الى سجل «مخيف» للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي منذ وصوله الى السلطة. فقبيل انجاز الصفقة مباشرة دعت «منظمة العفو الدولية» باريس الى «تعليق كل عمليات نقل الاسلحة» الى مصر بسبب «القمع غير المسبوق منذ 30 عاماً» في هذا البلد.
وعلق لودريان على هذه النقطة بالقول إن «التنمية والديموقراطية يأتيان بعد الأمن. وبحسب معرفتي فإن الرئيس السيسي انتخب من قبل الشعب وهو يعد لانتخابات تشريعية. لكن الأمن يشكل العنصر الطارئ في البلاد». وتابع: «لا نتفق مع كل تحركات مصر، لكن الأساسي هو ضمان استقرار بلد كبير كمصر الآن للتوصل غداً إلى استقرار شامل في المنطقة».
واعتبر كامي غران، وهو مدير مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية، أن باريس اختارت «غض النظر عن مواضيع حقوق الإنسان الفعلية في مصر السيسي. إنه خيار سياسي».
(الأخبار، أ ف ب)