شدّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله على أن الردّ على اغتيال الشهيد سمير القنطار "آتٍ لا محالة"، وأن على الاسرائيليين "أن يقلقوا عند الحدود، وفي الداخل والخارج". وأكّد أن "التهويل علينا كما حصل في الأيام القليلة الماضية لن يجدي نفعاً ولن يمسّ بإرادتنا وتصميمنا". وقال: "قرارنا حاسم وقاطع منذ الأيام الأولى، والمسألة أصبحت في يد المؤتمنين الحقيقيين على دماء الشهداء ومن نصون بهم الأرض والعرض والباقي يأتي"، و"إذا كان هناك أحد أخطأ أو يخطئ بالتقدير فهو الإسرائيلي لا نحن". وحسم نصرالله بأن "كل التهويل والتهديد الاسرائيليين لن يمسّ بإرادتنا وتصميمنا على العمل، مهما تكن التبعات. وأقول للصديق وللعدو، مهما تكن التبعات والتهديدات، التي لا نخافها، فنحن لا نستطيع ولا يمكن أن نتسامح مع سفك دماء مجاهدينا وإخواننا على يد الصهاينة في أي مكان في هذا العالم".
المقاومة في الجولان تقلق الإسرائيلي وتدفعه إلى المغامرة بخرق قواعد الاشتباك
وفي ذكرى أسبوع القنطار في قاعة "مجمّع شاهد" أمس، سأل نصرالله الاسرائيليين: "إذا كنتم تستهينون بسمير القنطار فلماذا يخيفكم دمه إلى هذا الحد؟ وإذا كنتم تستهينون بمقاومة سمير القنطار فلماذا يخيفكم تهديدها إلى هذا الحد؟ وإذا كانت قراءتكم للمقاومة وإنشغالاتها وأولوياتها صحيحة، فلماذا أنتم مرتعبون إلى هذا الحد؟"، لافتاً الى أنه "عند الحدود من الناقورة من البحر، إلى مزارع شبعا إلى جبل الشيخ، الى آخر موقع إسرائيلي في الجولان المحتل، جنود العدو وضباطه وآلياته كالجرذان المختبئة في جحورها (...) وعلى الإسرائيليين أن يقلقوا كما هم قلقون الآن، عند الحدود وفي الداخل والخارج". وأكّد أن "هذه معركة مفتوحة، لم تغلق ولن تغلق في يوم من الأيام. ولا يمكن لحساب القدس وفلسطين ومجازر دير ياسين وقانا وسيل شهدائنا وشهداء بقية الفصائل وشعبنا وبقية الشعوب أن يُغلق عند منعطف طريق أو عند محطة تهديد".
وتحدث نصرالله عن صفات القنطار الذي "أضحى مدرسة ورمزاً"، والذي "اختار طريق المقاومة منذ صباه. وهو يعبّر عن جيل من الشباب الواعي الذي آمن بفلسطين وقاتل على طريقها منذ انطلاقته في صفوف المقاومة الفلسطينية وحتى شهادته في صفوف المقاومة الإسلامية على أرض سوريا". وقال إن القنطار كان يحمل "صِفة الإستعداد للتضحية بلا حساب وبلا حدود"، وهو قضى "ثلاثين عاماً في الأسر، لكنه لم يتراجع ولم يساوم أو يضعف أمام سجانيه". وقال إن القنطار بعد إطلاقه "كان يستطيع أن يعيش حياته الطبيعية، لكنه قال: أريد أن أكون مقاتلاً مقاوماً عسكرياً في هذه المقاومة، وطلب أن يلتحق بدورات عسكرية ليرفع كفاءاته... إلى أن حصلت تطورات سوريا وانفتح المجال لانطلاقة مقاومة شعبية سورية، فطلب الالتحاق بالإخوة المقاومين في سوريا".
ولفت نصرالله الى أن الاسرائيلي "منذ اللحظات الأولى التي أشار فيها الرئيس بشار الأسد إلى فكرة مقاومة شعبية في الجولان أو عند الحدود السورية، تعاطى بحساسية مفرطة مع هذا المشروع"، كما كان "يتعاطى بتوتر عالٍ جداً وبرد فعل غير متناسب مع أي عمل بسيط يحصل في تلك الجبهة، لأنه يريد أن يئد هذه المقاومة السورية وهذا المشروع المقاوم في مهده، لأنه يدرك ماذا يمثّل مشروع مقاومة شعبية سورية في مجمل الصراع القائم مع العدو الإسرائيلي"، وأن "هذا المشروع يمكنه أن يعيد طرح الجولان بقوة على خارطة المعادلة السياسية والإعلامية والشعبية والوجدانية على مستوى العالم وعلى مستوى المنطقة في الوقت الذي يريد فيه العدو الصهيوني أن تصبح هذه الأرض نسياً منسياً". وأشار الى أن الاسرائيلي "يحاول أن يلبس المقاومة في الجولان أو عند الحدود السورية لبوساً إيرانياً"، مؤكداً أن ما جرى ويجري على هذه الجبهة "منذ اليوم الأول هو إرادة سورية وإرادة سوريين، وكان لسمير وبعض الأخوة الذين استشهدوا قبل عام في منطقة القنيطرة دور المساندة والمساعدة ونقل التجربة والوقوف إلى جانب هذه المقاومة الفتية التي تعلق عليها الآمال ويخشاها العدو. ولذلك نجد أن مستوى التهديد الإسرائيلي عالٍ جداً عندما يتصل الأمر بهذه المقاومة هناك".
المقاومة في الجولان تقلق الإسرائيلي وتدفعه إلى المغامرة بخرق قواعد الاشتباك
وعزا حساسية الاسرائيليين في التعاطي مع الجولان الى أن العدو "لا يريد أن يفتح باباً من هذا النوع، بعدما بذل وما زال يبذل جهوداً عند الإدارة الأميركية وعند حكومات غربية للحصول على اعتراف دولي بضم الجولان إلى دولة الاحتلال". ورأى أن "من يتطلع إلى الجولان بهذه الطريقة، ومن يدرك قيمته الاستراتيجية عسكرياً وأهميته مائياً لن يتحمل حتى الحديث عن مقاومة سورية في الجولان أو عند الحدود مع الجولان. ولذلك كانت جريمة سمير القنطار". ورأى ان الاسرائيلي "يتصرف في هذا الملف بحساسية وهو تجاوز كل الضوابط وقواعد الاشتباك بقصف جرمانا ليقتل سمير وإخوته الذين كانوا معه، لأنه يرى أن هذا الموضوع على درجة عالية من الأهمية ويستحق هذا المستوى من المغامرة".
وقال نصرالله إنه في "المعركة القائمة منذ 67 عاماً، الاسرائيلي يريد أن يوصلنا إلى أن هذا الكيان باق"، داعياً الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وبقية شعوب المنطقة إلى "ألا تنتظروا شيئاً، لا من مجلس أمن دولي ولا مجتمع دولي ولا من عرب. لا عاصفة حزم ولا إعادة أمل ولا من تحالف إسلامي عسكري، أو ائتلاف دولي لمكافحة الإرهاب (...) ما يجب أن نتنظروه من الأنظمة العربية هو ما شاهدتموه خلال 67 عاماً: تكريس اليأس لا إعادة الامل، عواصف الوهن والضعف والتخلي والتراجع والخذلان". وأكّد أن "مدرسة المقاومة ومدرسة سمير القنطار تقول: المقاومون، شعب المقاومة، لا مكان لديهم لأي يأس. وشباب فلسطين اليوم يعبّرون اليوم عن هذه الحقيقة".
ولفت نصرالله الى أن هناك منطقين "أحدهما يقول: إسرائيل قدر لا مفر منه، ويجب أن نتعاطى مع هذا القدر بمنطق الإستسلام، وآخر يقول إن إسرائيل ستزول من الوجود حتماً"، مؤكداً أن "الثاني منطقي لأنه بناءً على تجارب التاريخ، أي قوة إحتلال طوال التاريخ في النهاية ستزول ولو كانت جزءاً من إمبراطوريةٍ عظمى". وقال إن "المقاومة في لبنان وفلسطين، بإمكانات متواضعة، استطاعت أن تصنع الإنتصارات من عام 1985 إلى عام 2000، إلى 2006، إلى تحرير قطاع غزة، إلى الصمود في مواجهة الحروب الإسرائيلية. المنطق، والسنن، القوانين، والمعادلات الطبيعية تقول: هذا كيان إلى أفول، إلى زوال". وأكّد أن "النقيض الطبيعي للمشروع الصهيوني هو بقاء الفلسطينيين في أرضهم، حتى ولو لم يقوموا بأي شي. هذا هو أساس المقاومة وعنوانها، وإلا لضاعت القضية. ومسؤولية الأمة أن تساعد الفلسطينيين ليبقوا في أرضهم". وشدّد على أن "الأمل بالتأكيد اليوم أكبر من أي زمان مضى بفعل انتصارات المقاومة في لبنان وفلسطين خلال السنوات القليلة الماضية".




القنطار: بذور المقاومة ستزهر في الجولان

أكّد الزميل بسّام القنطار أن «سمير القنطار عاد الى فلسطين مع بذور المقاومة التي زرعها في القنيطرة وستزهر وتثمر في الجولان السوري المحتل». وفي الاحتفال الذي أحيته المقاومة وعائلة عميد الأسرى في السجون الإسرائيلية الشهيد سمير القنطار في مجمع شاهد التربوي، في ذكرى مرور أسبوع على استشهاده، قال شقيق الشهيد إنه «لأول مرة أقف بينكم بعد انضمام عائلتي الى عوائل الشهداء، هذه العائلة التي انضمت منذ زمن بعيد الى عوائل الأسرى، وكانت طوال ثلاثين عاماً محتسبة صابرة منتظرة عند رصيف الحرية، وها نحن اليوم بالارادة الصلبة نفسها والعزيمة التي لا تعرف اليأس، نزفّ شهيداً على درب المقاومة، مرتحلاً عن هذه الدنيا الفانية»، مضيفاً أن «سمير لم يسْتوحِش طريقَ الحق لقلةِ سالكيهِ»، و«هو العارف لهذا الطريق الذي عبره في زورق مطاطي صغير من بحر مدينة صور إلى مغتصبة نهاريا التي تحررت في ليلة ٢٢ نيسان ١٩٧٩ ، نعم لا يهم كم من الوقت بقي شاطئ نهاريا حرا في تلك الليلة ، لكن المهم ان سمير القنطار قد رفع حينها راية فلسطين عاليه خفاقة».
وأكّد القنطار أن «أدواراً عدة رسمت لسمير القنطار قبل تحرره وبعدما عاد منتصرا مع أسرى الوعد الصادق في عملية الرضوان وأيقونتها القائد الشهيد الحاج عماد مغنية وتنفيذا للعهد والوعد الاصدق لسيد المقاومة السيد حسن نصر الله: نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون». وقال إن سمير «كان واضحاً في خياراته، لن اتقاعد! قالها بوضوح لكل من سأله عن مستقبل حياته بعد الأسر. سبع سنوات في رحاب الحرية، كان سمير فيها منخرطا بكليته في العمل المقاوم داخل لبنان. وحين لاحت بشائر تأسيس جبهة مقاومة في الجولان السوري المحتل، كان اول الوافدين، كان سمير القنطار على رأس لائحة أهداف العدو. ست مرات حاول اغتياله بغارات صاروخية وعبوات ناسفة، بالرصد والمراقبة والترصد الأمني والعسكري في لبنان وسوريا، الى ان كانت العملية الجبانة في جرمانا التي قضى فيها شهيداً الى جانب رفيقيه الشهيدين فرحان شعلان وتيسير نعسو».
وختم بالقول: «سمير عاد إلى فلسطين مع الدماء الزكية التي تسقط في مواجهة الاٍرهاب التكفيري في سوريا، صديق اسرائيل واذنابها في ممالك الرمال، وجيش لحدها في الشام التي ستُكنس من أعداء التاريخ الذين لن يجدوا لهم موطئ قدم في مستقبلنا. سمير القنطار عاد الى فلسطين مع بذور المقاومة التي زرعها في القنيطرة وستزهر وتثمر في الجولان السوري المحتل».