فجأة، تبرع الأميركيون، بطريقة غير رسمية، بتحمل المسؤولية الرئيسية عن جريمة اغتيال الشهيد عماد مغنية. لناحية توقيت النشر، يمكن مطابقته مع قرب ذكرى الاغتيال السابعة بعد أيام، وجريمة اغتيال العدو نجله الشهيد جهاد مغنية قبل نحو أسبوعين. وبين الجريمتين، هناك خشية من إعلان حزب الله أنه سيحمّل إسرائيل مسؤولية اغتيال أي من كوادر المقاومة وسيعاقبها.ما الذي تفعله أميركا؟
هل تعمد إلى توبيخ إسرائيل بسبب توتر العلاقات بينهما على خلفية المفاوضات مع إيران؟
هل تريد أميركا من المقاومة إعفاء قادة العدو من العقاب بالدم؟

هل تشعر الاستخبارات والأجهزة الأمنية الأميركية بأنها معنية بتوجيه رسالة مباشرة الى حزب الله، في سياق المعركة الأمنية المفتوحة بينهما، وآخر فصولها اكتشاف الحزب تجنيد الاستخبارات الأميركية أحد كوادره، محمد شوربا، ونقل خدماته الى الإسرائيليين لاحقاً؟
هل هي مباهاة، بعد هذه الضربة، وما سبقها من «عملية تدمير شاملة» قام بها حزب الله لمحطة «سي اي اي» في بيروت قبل نحو 3 سنوات، عندما تم اكتشاف عملاء للأميركيين داخل صفوف المقاومة؟
هل رد الأميركيون على إعلان حزب الله رفضه منطق تفكيك ساحات المواجهات الذي تعتمده إسرائيل، بإعلان انضمامهم الى الجانب الإسرائيلي في سياق هدفه ردع الحزب عن ملاحقة العدو خارج حدود المنطقة؟
ومع ذلك، هناك تفاصيل أوردها التحقيق الأميركي، إما قدمت للصحافيين بصورة غامضة أو خاطئة عن قصد، أو أن هناك عملية استدراج للمقاومة لكي تكشف عما وصلت إليه تحقيقاتها حول الجريمة، مثل القول إن الشهيد مغنية كان خارجاً من مطعم، وهو أمر غير صحيح، أو القول بأن عملية رصده بدأت قبل سنة، علماً بأن في وثائق «ويكيليكس» ما يمكن أن يكون احتمالاً قوياً لتاريخ تعقب الشهيد، من خلال ربطه بشخصيات غير لبنانية معنية بملف المقاومة، وهو تاريخ يعود الى أكثر من ثلاث سنوات على عملية الاغتيال. أو أن الأميركيين يريدون الإيحاء بأن دورهم لم يستند فقط الى هامش الحركة الأوسع لهم داخل سوريا، بل الى احتمال حصولهم على تعاون من عملاء محليين، علماً بأن معطيات المقاومة الموثقة تشير بوضوح الى الهوية الأجنبية الكاملة للمنفذين. كما دلت التحقيقات اللاحقة على مكمن الخلل الذي نفذ منه المجرمون الى دمشق.
على أن كل ذلك لا يفيد في تغيير واقع محسوم لدى قيادة حزب الله، وهو موقف أعلنه صراحة أمينه العام السيد حسن نصر الله بأن الثأر للشهيد مغنية لن يكون إلا عملاً موصوفاً، ولو من دون إعلان رسمي عنه. وهو أمر، ستتعزز فرصه بعدما أطاحت صواريخ المقاومة الأخيرة في مزارع شبعا كل قواعد الاشتباك مع العدو، علماً بأن المقاومة لم تتصرف يوماً على أساس أن الولايات المتحدة حمَل بريء، وفي مخزونها ما يكفي من معلومات حول ما تقدمه واشنطن من دعم معلوماتي ولوجستي وعملياتي للعدو في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق أيضاً!