رغم أن قرار محكمة مصرية، أول من أمس، اعتبار كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة «حماس»، محظوراً، وإدراجه جماعة إرهابية، ليس الأول من نوعه، فإن «حماس» رأت في الأمر تصعيداً خطيراً. هي المحكمة نفسها (محكمة القاهرة للأمور المستعجلة) التي أصدرت قبل أشهر قراراً باعتبار «حماس» نفسها تنظيماً إرهابياً، ثم عادت وأعلنت أنها غير صاحبة اختصاص في النظر في هذه القضية، فلماذا استخرجت «حماس» وفصائل فلسطينية حالة غضب كبيرة دعّمتها بحملات شعبية وإعلامية مقابل هذا الحكم، الذي قد يصدر فيه «عدم اختصاص» آخر لاحقاً؟ في الظاهر، يبدو أن الحكم الذي صدر في أعقاب الهجوم الأخير في سيناء ضد الجيش المصري، مع التلميح مجدداً إلى دور لغزة فيه، لا يخلو من الطابع السياسي، رغم قول رئيس المحكمة إن القرار مبني على دعوى سابقة من محامٍ قال في مرافعته، إن الكتائب «تورطت في هجوم نفذ في شمال سيناء العام الماضي (كرم القواديس) وأسفر عن مقتل 33 من رجال الأمن».
أيضاً، فإن الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أكد بعد صدور الحكم بساعات أن بلاده تخوض «مواجهة صعبة وطويلة وقوية مع التشدد الديني». أما «حماس»، فهي لا تزال تعاني إهمال الجانب المصري لاتفاقين مهمين، الأول متعلق برعاية مفاوضات وقف الحرب الإسرائيلية على غزة، والثاني متابعة اتفاق «وفاء الأحرار» الذي أخلّت إسرائيل ببنوده وأعادت اعتقال أسرى محررين ومحاكمتهم مجدداً.
وما زاد المشهد ارتباكاً ظهور تباين في الموقف السياسي والعسكري داخل «حماس»، إذ رأت الحركة أن القرار «سياسي وخطير، ولا يخدم إلا الاحتلال»، لكن وكالة «رويترز» وقنوات أخرى نقلت عن مصادر عسكرية في «القسام»، أن «حماس» لن تقبل بعد الآن القاهرة وسيطاً بينها وبين الاحتلال، قائلاً إن لدى «مصر الكثير مما تخسره في غزة بعد اعتبار القسام منظمة إرهابية».
لكن المتحدث الرسمي، سامي أبو زهري، سارع إلى نفي هذه الأنباء تماماً. تبعه نائب رئيس المكتب السياسي، موسى أبو مرزوق، الذي قال إن «التاريخ سجل لكتائب القسام تعاملها الراقي والحضاري مع المخابرات المصرية، حينما تعاونت معها في ملفات شائكة، فهل أصبحت اليوم إرهابية؟». وخلص أبو مرزوق إلى أن «هذا الحكم انقلاب على التاريخ والحق الفلسطيني، وأخلاق مصر ومبادئها التي نعرفها».
على طرف قريب، رفضت حركة «الجهاد الإسلامي» قرار المحكمة، لكنها رأت أن «القرار لا يعكس موقف الإدارة المصرية، والشعب المصري»، مستنكرة في الوقت نفسه «أعمال العنف التي تستهدف زعزعة أمن واستقرار مصر». مصرياً، لم تكن آراء المصريين مشغولة كثيرة بالقرار، وخاصة أن هناك من يرى مسبقاً في «حماس» امتداداً لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة. لكن الجماعة الإسلامية في مصر (تنظيم متشدد) قالت إنها «تلقت بالصدمة حكم محكمة الأمور المستعجلة غير المختصة».
في الوقت نفسه، أعلنت محكمة جنايات القاهرة أنها حددت جلسة 16 أيار المقبل للنطق بالحكم في قضية حوكم فيها الرئيس المعزول، محمد مرسي، وأعضاء قياديون آخرون في جماعة الإخوان بالتخابر مع جهات أجنبية، من بينها «حماس»، فضلاً عن «إفشاء أسرار الأمن القومي والتنسيق مع منظمات متشددة في مصر وخارجها».
(الأخبار، رويترز، الأناضول)