ما كشفته العام الماضي "أليكسا" رددته هذا العام "زينة"، لتكشف مدى هشاشة تقديمات الجمعيات الإغاثية التي تطنب الآذان. تشبه المخيمات العشوائية في البقاع مجمعات للبؤساء. تفضح أكثر مما تستر، فمع أول هبوب للرياح اقتلعت الخيم من جذورها، وما إن تساقطت الثلوج حتى تساقطت معها عشرات الخيم. هوت خيمة المرأة الستينية في مخيم تل سرحون فوق رأسها بعد أن أنهكها الثلج. مكثت حليمة الديرية طوال ليل أمس مع أقاربها وأبنائها في خيمة واحدة ضمت 15 شخصاً.
روائح كريهة تنبعث من مخيم تل سرحون. هنا يُحرق الإسفنج والبلاستيك داخل الصوبيات تعويضاً عن نقص المازوت. 85 خيمة فيها 115 عائلة تلجأ إلى هذه الطريقة عند نفاد المازوت، ما يجعل الأجواء "مسمّمة" فعلاً وتؤدي إلى أمراض صدرية كثيرة. فقد حمل جاسم بسرعة أمس ابنته البالغة من العمر سنتين ونصف سنة إلى مستشفى البقاع جراء انسداد القصبات الهوائية في صدرها بسبب تنشقها دخان الإسفنج المحروق والأحذية البالية التي يستعملها للتدفئة. يصب كامل غضبه على الجمعيات ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي رفضت تغطية كلفة إجراء صورة شعاعية لها.
وجد حسين فكرة استعمال الإسفنج للتدفئة من عوزه لثمن المازوت. يقوم هو وعدد من الشباب بجمع الإسفنج من محالّ جمع الخردة. يعلم التأثيرات السلبية للدخان المنبعث، لكنه يبقى "أرحم من البرد".
مخيم تل سرحون لا يختلف عن غيره من المخيمات العشوائية، كذلك هي الحال في مخيم "عبد الكريم" نسبة إلى اسم شاويش المخيم الذي يستأجر الأرض من صاحبها اللبناني في قب الياس ويوزع مساحات الخيم، عليهم مقابل 600 ألف ليرة سنوياً للخيمة.
لا يعرف سويد الدكش، البالغ من العمر 75 عاماً، الأسباب التي جعلت المفوضية تشطب اسمه من المساعدات، يقول: "منذ أربعة أشهر تم شطبي وعائلتي، كنا نستفيد من المساعدة الغذائية"، أما اليوم بعدما حرم المساعدة، فيقبع مع ابنه في خيمة تضم 17 فرداً يخافون من تفاقم مرض الربو الذي يعانيه بعضهم، جراء ما يشعلون في المدفئة من بلاستيك وأحذية.