لماذا «قُتلت» الساحات العامة في بيروت؟ سُئل المعماري رهيف فياض ذات يوم، فأجاب: «لأن قتلها ضروري لقتل المدينة، الوسط الاجتماعي الذي يُحدث التغيير السياسي ويخلق الحركات النضالية الحقيقية».حينها، قال إن «التغيير السياسي لا يأتي من الأرياف، بل ينمو في قلب المدينة»، قبل أن يتساءل: «كيف استطاعوا أن يحوّلوا قلب المدينة الى فراغ؟».
أمس، من ساحة عين المريسة، وليدة البحر المردوم بأتربة البيوت المهدّمة، ومن على الرصيف البحري، آخر المجالات العامة المفتوحة، أعلنت حملة «بيروت مدينتي» (http://beirutmadinati.com/program/) لائحتها الكاملة للانتخابات البلدية عام 2016، لتخوض معركتها ضدّ من سلب الناس مدينتهم.
الحملة التي تضمّ 24 مرشّحاً ومرشّحة اختارت ساحة عين المريسة لتقول إن «رصيف البحر لكل الناس»، على حدّ تعبير الفنان أحمد قعبور، أحد أعضاء اللائحة المُرشّحين، ومن أجل التمسّك بـ»التعهّد» الأبرز الذي يتضمّنه برنامجها الانتخابي وهو: «استعادة المجالات العامة في المدينة»، أي استرداد ساحات التغيير السياسي.
إضافة الى المجالات العامة، تتعهّد الحملة بتحقيق 10 بنود تندرج تحت عناوين: السّكن، الإنماء الاقتصادي والاجتماعي، الصحة والسلامة العامة، الحركة والنقل، الحيّز العام، المساحات الخضراء، التراث الطبيعي والثقافي، الخدمات والمرافق المجتمعية المُشتركة، البيئة المُستدامة والحوكمة.
«هذه معركة برنامجنا ضدّ سوء إدارتهم»

المشهد أمس كان مختلفاً عن المشهد «الانتخابي» المألوف، لا أعلام حزبية ترفرف، لا شعارات تُمجّد الزعيم تعلو ولا خطاباً طائفياً ابتزازياً يصدح. جلّ ما ركزت عليه الحملة التي قالت إن ألفي متطوع ومتطوعة يساندونها، هو نيّتها خوض المعركة الانتخابية من أجل مدينة «قابلة للعيش»، و»لأنّ بلدية بيروت تستحقّ مجلساً مؤلفاً من الكفاءات المتكاملة المطلوبة لوقف المنحى الانتحاري للمدينة»، على حدّ تعبير رئيس اللائحة ابراهيم منيمنة.
تقول الحملة إن لائحتها احترمت التنوع الاجتماعي في بيروت، واعتمدت مناصفةً تمنح المرأة نصف المجلس البلدي واتبعت توزيعاً للمقاعد يشمل الفئات العُمرية كافة. كذلك فإن الحملة تعهّدت بإجراء استشارات دورية لسكان المناطق والأحياء كافة للوقوف عند حاجاتهم وأولوياتهم.
يرى منيمنة أن اللائحة لا تضّم «تكنوقراط» يبيعون خبراتهم لمن يشتري أو لمن يمنحهم المناصب، «بل تضمّ تكنوقراط يوظّفون خبراتهم وعلمهم في وضع الخطط وتأمين الخدمات لكل مناطق المدينة، وصيانة موارد المدينة وتطويرها بدلاً من التفريط بها في سوق المحاصصات، وإيلاء عناية خاصة للأحياء والشرائح الفقيرة داخل المدينة». المرشحون والمرشحات يعملون في مجالات متنوعة. بدايةً، في ما يتعلّق بمجال الفنّ: أعلنت اللائحة ترشيح كل من: المخرجة نادين لبكي، الفنان أحمد قعبور، المخرجة رنا الخوري والرسامة ندى صحناوي. هؤلاء الفنانون هم «المؤتمنون على روح المدينة»، بحسب قعبور.
أما في مجال الهندسة المدنية والمعمارية، فالمرشّحون هم: المهندس المدني والأستاذ الجامعي المتقاعد ومؤسس ومدير دائرة التخطيط المدني في الجامعة اللبنانية ليون تليفيزيان، المهندس المعماري والمخطط المدني سيرج يازجي، المهندس المعماري والمخطط المدني ابراهيم منيمنة، المهندسة المعمارية وناشطة في الحفاظ على التراث منى حلاق، المهندس المعماري والاستشاري في التخطيط المدني عبد الرحيم جبر، فضلاً عن مهندسة الديكور والناشطة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة مي الداعوق. في مجال الطب والصيدلة والأحياء: مؤسس منظّمة «donner sang compter» الصيدلي يورغي تيروز، الخبيرة في العلم الجنائي ريتا معلوف والطبيب الاختصاصي في أمراض القلب وليد علمي.
بالنسبة إلى المجالات الأخرى: المدرسة ماريا مانوك، المدير المسؤول لجريدة «اليوم» مروان الطيبي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة بحوث واستشارات منذ عام 2002 طارق عمّار، الناشطة الاجتماعية إيمان الحسن غندور، المهندس الزراعي حسام حوا، الباحثة والناشطة فرح قبيسي، المديرة التنفيذية لمشروع «كتاب في جريدة» ندى الدلال دوغان، مدير شركة خاصة تعمل في مجال التطوير العقاري مارك جعارة، المديرة الإبداعية في مجال التصميم الغرافيكي الإبداعي آمال الشريف، إضافة الى رئيس تعاونية صيادي الأسماك في عين المريسة والرئيس السابق لجمعية صيادي الأسماك في بيروت نجيب الديك.(للاطلاع على نبذة عن كل مرشح اضغط هنا)
بالنسبة إلى أعضاء الحملة، معركة انتخابات بلدية بيروت ليست معركة بين القوى السياسية، «لكنها معركة سياسية بامتياز»، على اعتبار أن السياسة هي الصراع بين البرامج والسياسات في سبيل الخدمة العامة، «وهذه معركة برنامجنا ضدّ سوء إدارتهم»: معركة الصلاحيات الكاملة لبلدية بيروت ضدّ إسقاط هذه الصلاحيات في البازار السياسي، معركة النقل العام ضدّ زحمة السير، معركة الحدائق العامة ضدّ الباطون، معركة حرج بيروت ضدّ إقفاله، معركة الدفاع عما تبقى من واجهة بيروت البحرية، معركة الدفاع عن تُراث بيروت الثقافي والمعماري ضدّ السوق العقارية الطائشة…
سبق إعلان أسماء أعضاء اللائحة «مساحات نقاش» قامت بها الحملة مع أهالي بعض الأحياء منذ بداية الشهر الحالي، حول مفهومهم للشأن العام وحقوقهم المدينية المسلوبة.
على درج جعارة في منطقة مار مخايل، حيث ثلث سكانه من المُسنين، ناقشت الحملة، منذ أسبوعين، مع الأهالي المشاريع والمخططات الكبرى التي تُرسم للحيّ (كمشروع أوتوتستراد فؤاد بطرس) وتأثير التحولات الاقتصادية على الواقع السكني والاجتماعي. كذلك في حديقة وليد عيدو في الباشورة، ذاك الحي «الناجي» من سطوة «سوليدير»، حيث عمدت الحملة الى مُشاركة الأهالي، الذين غالبيتهم من المُستأجرين القُدامى، هاجس «التهجير» بفعل قانون الإيجارات الجديد والفورة العقارية. لتنتقل في ما بعد الى المصيطبة، التي يواجه الكثير من أبنيتها خطر الهدم والإخلاء، لتناقش مع أهلها مسألة انعدام المجالات العامة والمواصلات وتهميش التراث الذي كان يُشكل ميزة أساسية للحي. وتستكمل الحملة، اليوم، مساحة النقاش في السيوفي، حيث العديد من المناطق السكنية التي تُعاني التهميش الاقتصادي والاجتماعي(https://www.facebook.com/events/230076930689358/) ، وغداً، في منطقة طريق جديدة والمزرعة.
«وهلق لوين؟ عالانتخابات البلدية بـ 8 أيار»، ختمت المخرجة نادين لبكي كلمتها، داعية الحضور الى انتخاب لائحة «بيروت مدينتنا».