خرق أساسي حقّقه الروس بانتزاع قبول أميركي بدور عسكري لهم في سوريا. شكْل هذا الدور وماهيّته بقيا مصدر الخلاف؛ فواشنطن ترى في دعم الرئيس بشار الأسد وجيشه «رهاناً خاسراً»، بينما رحّبت بانخراط موسكو في الحرب ضدّ الارهاب. هذا الانخراط يراه الكرملن عبر غرفة عمليات مشتركة تشمل «القوة البرية الأساسية في الحرب ضد الارهاب»، أي الجيشين السوري والعراقي. لذا لا إمكانية لأكثر من إقامة آليات للتنسيق، من دون الدخول في حلف أو غرفة عمليات موحّدة.
فبنك أهداف واشنطن وحلفائها يختلف عن أهداف موسكو وحلفائها في الحكومتين السورية والعراقية.
لذا كشف وزير الخارجية سيرغي لافروف أنّ الرئيس فلاديمير بوتين أوضح لنظيره الأميركي باراك أوباما أن «تشكيل قيادة موحدة للقوات المناهضة لتنظيم داعش أمر غير واقعي»، إلا أنّه أكد ضرورة تنسيق العمليات «على الأرض» وتنسيق الضربات الجوية. وأضاف: «التحالف يقوم فقط بتوجيه ضربات جوية، أما قوات سوريا والعراق وكذلك الوحدات الكردية فهي التي تحارب داعش وجبهة النصرة وغيرهما على الأرض».
كذلك، صرّح الوزير الروسي بأن بلاده «سيسرّها دعوة المعارضة السورية لتنسيق عمليات مكافحة الإرهاب»، مؤكداً أن موسكو لا يمكن أن تسمح بتفكك سوريا، وإلا فالبديل سيكون «داعش».
وفي حديث إلى قناة «روسيا اليوم»، لفت لافروف إلى أن موسكو وواشنطن (بعد قمة بوتين ــ أوباما) اتفقتا على «أن هدفنا هو الانتصار على داعش ومنعه من تنظيم الدولة التي يخطط لإقامتها على مساحة شاسعة».

أوباما: هزيمة الدولة الإسلامية تتطلب زعيماً جديداً في سوريا

ولفت إلى أنّ روسيا اقترحت على الولايات المتحدة والتحالف الدولي تنسيق الضربات الجوية على مواقع «داعش» مع عمليات القوات البرية على أساس مركز بغداد المعلوماتي الذي يجري إنشاؤه حالياً. وقال إنّ موسكو تتعاون مع حكومات العراق وسوريا وإيران، معرباً عن أمله في أنّ تبادل المعلومات هذا سيساعد في مكافحة الإرهاب.
من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إن البلدين اتفقا على «بعض المبادئ الأساسية» بشأن سوريا، مضيفاً أنه يعتزم الاجتماع مجدداً مع نظيره لافروف غداً (اليوم).
وقال، في مقابلة تلفزيونية مع شبكة «إم. إس. إن. بي. سي.»: «هناك اتفاق على أنه يجب أن تكون سوريا دولة موحدة وعلمانية، وأن هناك حاجة إلى التصدي لتنظيم الدولة الإسلامية، وأنه يجب أن تكون هناك عملية انتقال سياسي موجهة»، مضيفاً أنّه لا تزال هناك خلافات على النتيجة التي ستسفر عنها عملية الانتقال، بينما رأى لافروف أنّ الإصلاحات السياسية في سوريا يجب أن «تجري دون تكرار أخطاء العراق وليبيا حيث أدخل التدخل الخارجي بهدف نشر الديمقراطية البلدين في فوضى وعرّضهما لأخطار التجزّؤ إلى دويلات صغيرة».
وقال أيضاً: «أكد الأميركيون أن موقفهم هو المحافظة على وحدة وسيادة سوريا والعراق وبلدان المنطقة الأخرى. على هذا الأساس نستطيع التعاون. بكلام آخر، يجب أن تجري محاربة الإرهاب بالتوازي مع الإصلاحات السياسية، ولكن من دون أن تفرض من الخارج، بل يجب أن تخرج من الداخل، من السوريين أنفسهم».
وفي سياق التباعد بشأن الموقف من الرئاسة السورية، كرّر الرئيس الاميركي أمس أنّ هزيمة «الدولة الاسلامية» لن تكون ممكنة إلا بعد أن يترك الرئيس السوري بشار الاسد السلطة.
وقال، أمام قمة مكافحة الارهاب المنعقدة على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة، «في سوريا، هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية تتطلب زعيماً جديداً». ورأى أنّ القضاء على التنظيم سيستغرق وقتاً، واصفاً المهمة «بالصعبة والمعقدة». ورحّب أيضاًَ بـ«التعاون مع جميع البلدان، بما في ذلك روسيا وإيران، بغية الوصول إلى آلية سياسية يمكن بها بدء المرحلة الانتقالية (في سوريا)».
من جهته، انتقد وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، «أولئك الذين يتكلمون كثيراً لكنهم لم يرسلوا طائرة واحدة» لمحاربة الارهابيين، داعياً موسكو الى محاربة تنظيم «الدولة الاسلامية» «بشكل ملموس» وليس «إعلامياً». وأضاف، في مؤتمر صحافي عقده في نيويورك، «ينبغي رؤية من يفعل ماذا. إن المجتمع الدولي يضرب داعش. فرنسا تضرب داعش. الروس لا قطعاً، في الوقت الحاضر. إن كنا ضد الارهابيين فليس أمراً غير طبيعي ضرب الارهابيين».
إلى ذلك، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس إنّ بلاده ستقبل ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لفترة انتقالية، لكن ليس لمدة طويلة. ولفت، في لقاء مع شبكة «سي. بي. إس.» التلفزيونية، إلى أنّ «ما تقوله أميركا وأوافق عليه هو أننا بحاجة لفترة انتقالية. لكن الواضح هنا أنّه بانتهاء هذه الفترة لا ينبغي أن يكون الأسد رئيساً لسوريا». وقال كاميرون: «حتى الآن المشكلة هي أن روسيا وإيران لا تفكران في سوريا من دون الأسد»، مضيفاً أنه سيعمل مع أي بلد من أجل هزيمة متشدّدي «الدولة الإسلامية».
(الأخبار، أ ف ب)