هادئاً مرّ يوم الاقتراع في قضاء بنت جبيل، رغم المعارك المتعددة التي شهدتها القرى التي خاض فيها الحزب الشيوعي الاستحقاق، أو تلك التي تركّزت المعارك فيها على الانتخابات الاختياريّة التي رأى كثيرون أن لا «توافق» عليها

داني الأمين
لم تخفض عملية التوافق بين أمل وحزب الله نسبة التصويت، قياساً على ما كانت عليه منذ 6 أعوام، في الانتخابات السابقة، التي كان فيها الحزبان في لوائح متقابلة. فقد شهدت قرى وبلدات القضاء إقبالاً وحماسة لافتين، عنوانهما عدم رضى الكثير من الأهالي عن التمثيل داخل اللوائح التوافقية، إضافةً إلى انتقال المعركة الحزبية إلى معركة عائلية بامتياز في الانتخابات الاختيارية. فيما عمد حزب الله، كالعادة، إلى تأخير تصويت مناصريه إلى الساعة الأخيرة من وقت الاقتراع، منذراً منافسيه بمفاجأة غير محسوبة.
فرغم أن النتائج كانت، شبه محسومة في قرى بنت جبيل وبلداته، فإن اللّافت هو حماسة الأهالي، منذ ساعات الصباح الأولى، وتوجّههم إلى أقلام الاقتراع، وبدت المعركة الانتخابية في كثير من القرى على المقاعد الاختيارية، أكثر منها على المقاعد البلدية، بسبب كثرة المرشّحين والتنافس العائلي البحت، الذي فاق التنافس الحزبي. فوجود مرشّح واحد على المقعد البلدي في بلدة عيتا الشعب مقابل اللّائحة التوافقية، لم يؤدّ إلى تدنّي نسبة التصويت بل رفعها إلى نحو الخمسين في المئة، لأنّ التنافس انتقل إلى العائلات في الانتخابات الاختيارية، فستة مرشّحين تنافسوا بعائلاتهم على ثلاثة مقاعد اختيارية. وبحسب أحد أبناء البلدة: «بدأت العائلات بتشطيب المرشّحين من عائلات أخرى رغم انضمامهم إلى اللّائحة نفسها». وفي بلدة ميس الجبل، التي فازت فيها لائحة التوافق البلدي بالتزكية، كما فاز عدد من المرشّحين الاختياريين، تنافست العائلات على انتخاب مرشّحين اختياريين في الحيّين الشرقي والغربي. أما في بلدة عيترون، التي عُدّت فيها الانتخابات الأكثر حماوةً في قضاء بنت جبيل، فقد كان الهدوء سيّد الموقف، رغم زيادة عدد المقترعين، وكثرة المراهنين على «التشطيب»، وخصوصاً المرشّحين المستقلّين. وبدا أنصار لائحة التوافق بين أمل وحزب الله أكثر ثقةً بأنفسهم. غير أن الحزب الشيوعي ضاعف ماكينته الانتخابية، رغم وجود إقرار ضمني بعدم قدرته على الفوز، مراهناً على خرق اللّائحة الأخرى. وقد وصلت نسبة الاقتراع إلى 42%. وفي بنت جبيل، الهدوء سيّد الموقف، مع قلّة عدد المقترعين.
وشهدت بلدة شقرا معركة انتخابية غير محسوبة بين خمسة مرشّحين مستقلّين مدعومين من أحد رجال الأعمال، ولائحة التوافق البلدي، وسادت أجواء من التشنّج رافقتها شائعات عن كثرة التشطيب داخل اللّائحة الواحدة، فيما بدت المعركة الحقيقية بين المرشّحين الأربعة عشر المتنافسين على أربعة مقاعد اختيارية. وقد رافقت ذلك اتفاقات «تحت الطاولة» بين عدد من العائلات.

المعارك في دبل وعين إبل ورميش عائلية بامتياز رغم تدخّل القوى السياسية
واقتربت نسبة التصويت في صفد البطيخ من الخمسين في المئة، رغم أن النتيجة كانت منذ البداية محسومة للائحة التوافق التي نافسها 7 مرشّحين مستقلّين. ولم تجر الانتخابات في بلدة حاريص، خلافاً لما كان متوقّعاً، بعدما أُعلن انسحاب مرشّحي حزب الله لمصلحة لائحة العائلات المدعومة من رجل الأعمال عماد أحمد.
أما في قرى دبل وعين إبل ورميش، فأخذت الانتخابات شكلاً آخر، إذ بدت المعارك عائلية بامتياز رغم تدخّل القوى السياسية في بلدة عين إبل، التي تنافست فيها ثلاث لوائح، إحداها برئاسة إلياس صادر، الذي سلّم بخسارته المعركة منذ ساعات الصباح الأولى، وبدا التنافس بين لائحة مدعومة من القوات اللبنانية (لائحة عين إبل عائلتي) وأخرى من حركة أمل (عين إبل أولاً). وقد سادت أجواء من الاحتقان، رافقتها اتهامات متبادلة، وقد كان التشطيب سيّد الموقف. أما في بلدة رميش، فقد تجمّع الأهالي، كباراً وصغاراً، منذ الصباح أمام مركز الاقتراع، وتنافست العائلات في لائحتين مكتملتين، بعيداً عن أيّ شعارات سياسية. وعبّر الأهالي عن «فرحهم بهذا الاستحقاق، الذي يخلق أجواءً تنافسية ديموقراطية، ويسهم في عودة الكثيرين إلى بلدتهم». وقد استعان بعض المرشّحين بأصوات من غير المقيمين في البلدة، الذين هجروها منذ عشرات السنين.
والأمر مشابه في بلدة دبل التي تنافست فيها العائلات في لائحتين مكتملتين، وازدادت نسبة الاقتراع زيادة لافتة.