كامل جابرأحكمت اللوائح العائلية في راشيا ومنطقتها سيطرتها على منحى الانتخابات في المجالس البلدية، بعضها في مواجهة بعض. هذا التركيب «الهجين» للوائح المدعومة من تيارات حزبية وسياسية، ولا سيما من الحزب التقدمي الاشتراكي في البلدات الدرزية وتيار المستقبل في البلدات ذات الأغلبية السنيّة، أفضى إلى تنافس متفاوت، بتفاوت الصراع العائلي، وإلى إقبال لافت نحو صناديق الاقتراع في فترة الصباح وعند الظهر، وتراجع حاد في المساء، وقبل قفل صناديق الاقتراع.
وقد خاضت راشيا الوادي، عاصمة القضاء، معركة بين لائحتين، وصفت بمعركة «كسر العظم» أو «أم المعارك». وتنافست فيها لائحة «إنماء راشيا» المكوّنة من العائلات، برئاسة رئيس البلدية الحالي زياد آغا العريان وتأييد من النائب السابق فيصل الداوود، ولائحة «الشباب والتغيير» برئاسة العميد المتقاعد في الجيش مروان محمد زاكي، المدعومة من الحزب التقدمي الاشتراكي، وأدار «لعبتها» الوزير وائل أبو فاعور.
لم تخل المعركة من اتهامات باستخدام المال الانتخابي والتأثير السياسي على الناخبين، إذ اتهم المرشح كمال الساحلي، من لائحة إنماء راشيا، الحزب الاشتراكي بقيادة الوزير أبو فاعور «بالتأثير على الناخبين مادياً وسياسياً، بعدما أقام في البلدة وراح يتصل بالناخبين لتجيير أصواتهم في اتجاه لائحة الحزب». ورفض الوزير أبو فاعور «الخوض في هذا السجال»، متهماً «رئيس اللائحة زياد آغا العريان بإقفال باب الحوار والتفاوض، حينما طالب بانسحاب كامل أعضاء اللائحة المنافسة، الذين من حقّهم الديموقراطي الترشح، وخصوصاً بعدما لمسنا مقاطعة الحوار طيلة فترة وجود العريان في المجلس البلدي، وعددناه عرضاً إلغائياً وليس وفاقياً».
وأكد أبو فاعور أن أعضاء لائحة الحزب شاركوا مع المناصرين خلال إعلان لائحة العريان، «ونحن تركنا حرية الخيار لقواعدنا، والمهم أن المعركة تسير بطريقة ودّية. هناك فرز سياسي لا ننكره، نتيجة تدخّل القوى السياسية، نحن وغيرنا، وأنا أبلغت زياد آغا العريان وأعضاء اللائحة الأخرى، أن أي لائحة ستفوز سنكون أول المهنئين، وسنطلب إليها أن تخلق شكلاً من أشكال الشراكة مع اللائحة التي لم توفّق».
الانتخابات بلغت ذروتها في فترتي الصباح والظهيرة، ثم تراجعت في فترة المساء، وسجل شبه غياب للناخبين المسيحيين من كاثوليك وأرثوذكس وموارنة وسريان عن عملية الاقتراع، ولم تتجاوز نسبة المقترعين منهم عشرة في المئة. ففي قلم الروم الأرثوذكس في متوسطة راشيا الرسمية، انتخب قبل الظهر نحو ثلاثين مقترعاً من أصل 558 ناخباً. أما رحى هذه المعركة فقد خاضها الناخبون الدروز، ولا سيما الناخبات منهم، اللواتي أقبلن بكثافة على الانتخاب في فترة ما قبل الظهر.
المعركة الشبيهة، كانت في ضهر الأحمر، جارة راشيا، بعدما أخفق الوزير أبو فاعور في إقناع الحزبيين والعائلات بالتوصل إلى لائحة توافقية، فخاضتها لائحتان عائليتان بامتياز، بدعم من قياديي الحزب التقدمي في البلدة، الذين انقسموا بين اللائحتين، لائحة «إنماء ضهر الأحمر» برئاسة شوقي بحمد، ولائحة منافسة برئاسة رئيس البلدية الحالي هاني جابر. وفيما اتخذت المعركة طابعاً «حبّياً»، فإن نسبة أصوات قليلة جداً هي التي ستحسم الفوز باتجاه هذه اللائحة أو تلك، بحسب تأكيد المتابعين. وقد بلغت نسبة المقترعين نحو 80 في المئة من مجمل الناخبين البالغين 1060 صوتاً.
أما انتخابات بلدة مدُوخا القريبة من الحدود السورية، فقد جرت فيها معركة انتخابات عائلية بامتياز، دعم فيها تيار المستقبل وتيار الوزير السابق عبد الرحيم مراد لائحة آل ذبيان في مواجهة لائحة آل برعط، فيما توزّعت العائلات الأخرى بين اللائحتين. ويؤكد أبناء البلدة أن المال الانتخابي هو سيد المعركة، إذ استُقدم نحو 250 ناخباً من بلاد الاغتراب، ولا سيما من كندا، حيث تقيم معظم عائلات البلدة، فضلاً عن شراء أصوات بعض المقيمين الذين لا يتجاوزون ثلاثمئة من أصل 1800 ناخب. وقد سجل انسحاب الحزب الشيوعي اللبناني من هذه الانتخابات.
وإذ فازت بلدات: دير العشاير، ينطا، المحيدثة، كوكبا، العقبة، وعيحا بالتزكية، جرى تنافس انتخابي ـــــ عائلي ـــــ حزبي في عين عطا، تنورا وكفرقوق التي توصلت إلى لائحة وفاقية، غير أن ترشح ثلاثة خارج إطار التحالف أخذ البلدة نحو الانتخابات. أما في بكّيفا، جارة راشيا من الجنوب، فقد تحالف الاشتراكيون والقوميون في لائحة وفاقية، منع تزكيتها عدد من المرشحين المستقلين.