نادر فوزأعلام للتيار الوطني الحرّ، القوات اللبنانية، الوطنيين الأحرار، الكتائب، تلاصق أعلام المنتخبات المشاركة في المونديال. تغيب أعلام الطاشناق عن هذه البقعة، رغم أنّ سيارات الماكينة الانتخابية لهذا الحزب تملأ المنطقة وتجوبها في كل الاتّجاهات. ليس غياب رايات الحزب الأرمني بالأمر المهم، إذ إنّ الإقبال على رايات البرازيل وألمانيا والأرجنتين أكثر بكثير من الإقبال على شراء الأعلام الحزبية. ربما «لكون العالم ملّت من السياسة»، كما يقول البائع وهو يتلفّت ويسعّر الصور و«الحراتيق» المخصصة لكأس العالم، لافتاً إلى أن أزرار ليونيل ميسي، أغلى من تلك المخصصة لبعض الزعماء المحليين.
لا يقتصر الهوس بالنجم الأرجنتيني على رفع أسعار الأغراض المخصصة له، إذ إنّ الموقف المجاور للمركز الرئيسي للطاشناق كان يعجّ بالشبان الذين يرتدون قمصان ميسي وهم يلعبون كرة القدم. وعلى بعد أمتار منهم، تستعدّ بضع سيارات طاشناقية للانطلاق ونقل المقترعين الأرمن إلى بيروت.
بدا مشهد ذاك الموقف غريباً، إذ اعتاد الطاشناق أن يحشد فيه الكثير من المندوبين والمسؤولين في ماكينته الانتخابية عند الاستحقاقات الانتخابية. السؤال عن غياب الحشد الطاشناقي يواجه باستغراب لدى مسؤولي الحزب، إذ يؤكد هؤلاء أنّ ماكينتهم الانتخابية تتوزّع على عشرات المكاتب بين برج حمود، الزلقا، الجديدة، الفنار، أنطلياس وبيت الككو. فالناخبون البيروتيون الأرمن يعيشون خارج بيروت، ولا تتعدى نسبة قاطني العاصمة من الأرمن 5% من المجموع العام للأرمن البيارتة.
استعاضت الماكينة الطاشناقية عن الموقف الضخم المجاور لمركز الحزب بحشد مندوبيها في 6 مراكز بديلة في برج حمود، مثّلت الثقل الأكبر لعمل اللجنة الانتخابية لبلدية بيروت ومخاتيرها. وقد تحرّك أمس أكثر من 3 آلاف طاشناقي، مزوّدين بنحو ألف سيارة حزبية، لإحضار المقترعين الأرمن إلى كل من المدوّر والرميل والصيفي والأشرفية. وحتى ساعات بعد الظهر، فوجئت الماكينة الانتخابية بنسبة الإقبال المتدنية للأرمن، فكُثّفت الاتصالات للسيطرة على الموضوع، ولوحظ حضور المقترعين بعد الساعة الرابعة في الأقلام المخصصة للطائفة الأرمنية.
أمران أثّرا على زخم الإقبال الأرمني في الساعات الأولى لبدء عملية الاقتراع، إذ يرى مسؤولو الطاشناق أنه كان لحسم المعركة البلدية التأثير الأكبر على عدم اكتراث مناصريه بالانتخابات. ويعترف الطاشناقيون بمواجهتهم أزمة مع جمهورهم بسبب تقسيم التحالفات، إذ لم يفهم الجمهور الأرمني، ولم يقتنع، بالتحالف مع تيار المستقبل في بلدية بيروت ومواجهته في المعركة الاختيارية. على الرغم من ذلك، استطاعت الماكينة استدراك الموضوع، وكثّفت جهودها قبل ساعتين أو ثلاث من إقفال صناديق الاقتراع لتعود المشاركة الطاشناقية وتلامس الأرقام التي اعتادت تحقيقها.
بين نوادي الماكينة الانتخابية ومراكزها، تجوّل آفيديس غيدانيان مزوّداً باللوائح والأرقام اللازمة، ليعود إلى مركز الحزب ويطلع القيادة على الأجواء الانتخابية. وبين طبقات هذا المركز ومكاتبه، كان النائب آغوب بقرادونيان يسرق بعض الوقت للراحة، قبل أن يعود إلى ساحات المعركة الاختيارية. «تعبان» يردّد مبتسماً، قبل أن يدخل قاعة يجتمع فيها عدد من مسؤولي الحزب وعلى رأسهم آفو. أما مارو فكانت تشرف على عمل الفريق الإعلامي للحزب. وفيما كانت فرق الطاشناق تصول وتجول في المركز، وبين العاصمة والمتن، كان «الميسّيّون» لا يزالون يتابعون لعبتهم غير مكترثين باللعبة الانتخابية، ولا بأزمة التحالفات غير المفهومة.