باستثناء غياب عدد محدود جداً، من ضمنه مرجعية دينية كبيرة، فإن الاعتداء على قافلة الحرية، كان موضع إدانة من مختلف الرسميين الحاليين والسابقين في لبنان، بل إنه جمع الأضداد في استنكار ما حصل، وإن اختلفت النبرة وحضرت بعض الغايات. وغلبت على معظم المواقف الدعوات إلى عدم الاكتفاء بالكلام وقطع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، وإشادات بالموقف التركي «المتقدم على الأنظمة العربية كافة». وإلى المواقف، أرخت المجزرة البحرية بظلالها على معظم الأنشطة واللقاءات أمس، فبدأ مجلس الوزراء جلسته المخصصة لمناقشة مشروع الموازنة، بالوقوف دقيقة صمت حداداً على شهداء القافلة. ووصف رئيس الجمهورية ميشال سليمان ما حدث بأنه «عمل إجرامي يضاف إلى سجل إسرائيل وإرهابها المنظم». وقال الوزير حسين الحاج حسن: «نحن ننتظر الضمير العام العالمي لنرى ردة فعله على إطلاق النار على ناشطين مدنيين».
وترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري، اجتماعاً طارئاً لكتلة التنمية والتحرير، أصدرت بعده بياناً، رأت فيه أن «عملية القرصنة والمجزرة الإسرائيلية» جرت «بأمر مباشر من قيادة المستوى السياسي الإسرائيلي». وطالبت «محكمة الجنايات الدولية بمحاكمة هذه الجريمة، وكذلك الجرائم المتتالية بحق المدنيين العرب على مختلف المسارات». ودعت إلى انضمام المزيد من الأحرار إلى المسيرة البحرية «وتوسيعها والإصرار على وصولها إلى ميناء غزة وكسر الحصار الإسرائيلي». وأدان الاعتداء أيضاً المكتب السياسي لحركة أمل وعدد من نواب الكتلة.
ووصف رئيس الحكومة سعد الحريري، الهجوم بأنه «خطوة خطيرة ومجنونة من شأنها تأجيج الصراع في المنطقة». وأهاب «بالمجتمع الدولي، ولا سيما بالدول الكبرى التي يفترض أنها مؤتمنة على مسيرة السلام، أن تتحرك لوقف هذا التمادي لانتهاك حقوق الإنسان وتعريض السلام الدولي للخطر».
جنبلاط: رأينا اليوم أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذرائع
وإلى بيان لتيار المستقبل ومواقف لعدد من النواب، عقدت كتلة «المستقبل» اجتماعاً استثنائياً، ورأت في الاعتداء «أكبر دليل» على «أن إسرائيل كيان عنصري إجرامي يعمل خارج القوانين والأعراف الدولية». وإذ نبهت «إلى خطورة الأوضاع نتيجة هذا الفعل الإسرائيلي الذي يشير إلى توتر كبير وخطير»، دعت إلى الابتعاد عن أي تصرف من شأنه السماح لإسرائيل «بحرف الأنظار عن جريمتها والنتائج التي ستترتب عليها». وطلبت من الحكومة الدعوة «إلى يوم حداد وطني».
من جهته، دعا حزب الله القادة العرب والإسلاميين إلى «الوقوف ولو لمرة واحدة الموقف الذي تطلبه منهم شعوبهم»، مطالباً بـ«قطع كل العلاقات مع العدو الصهيوني واعتماد استراتيجية عملية ملموسة لفك الحصار عن قطاع غزة والضفة الغربية». وشدد على أن هذه «الجريمة الإرهابية الفظيعة (...) يجب أن تمثّل مفصلاً في التعامل مع الكيان الصهيوني الغاصب على مستوى كل القوى الدولية والحية في العالم»، فـ«المؤسسات الدولية أمام امتحان تاريخي لتثبت صدقيتها المهتزة أساساً»، عبر «العمل على ردع الصهاينة عن ارتكاب جرائم جديدة ومعاقبة قادة العدو الذين أعطوا الأوامر بتنفيذ الهجوم على أسطول الحرية ومحاكمتهم كمجرمي حرب وكمرتكبي جرائم بحق الإنسانية».
ومع مطالبته المجتمع الدولي بـ«رد فعل واضح وصارم» لوضع حد للانتهاكات الإسرائيلية، توجه النائب وليد جنبلاط «لبعض الأصوات اللبنانية السخيفة أو المتآمرة التي تدعو إلى الحياد والتي ترى أن سلاح المقاومة يعطي الذريعة لإسرائيل لتمارس اعتداءاتها، رأينا اليوم البرهان الجديد على أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذرائع لتعتدي هنا وهناك، وها هي تعرضت لسفن تابعة لدولة تتبادل معها العلاقات الدبلوماسية».
وحمّل الرئيس إميل لحود الاعتداءات الإسرائيلية لـ«تقاعس الشرعية الدولية عن ردع إسرائيل أو مجرد إدانتها»، فيما وضع الرئيس سليم الحص «هذه الصورة الفاجعة برسم المسؤولين العرب»، سائلاً: «إذا كان هذا المشهد لا يستفز الأنظمة العربية، فما الذي يحركها؟».
كذلك استنكر الاعتداء عدد من رؤساء الحكومة السابقين، ووزراء ونواب حاليون وسابقون، رجال دين، ومعظم الأحزاب والتيارات بما فيها: القوات اللبنانية التي نددت بـ«استعمال السلاح»، الكتائب، الوطنوين الأحرار، الأمانة العامة لـ14 آذار، وهيئات أهلية.