عمر نشابةلم تكن إسرائيل في حاجة الى ارتكاب جرائم بحقّ «اسطول الحرّية» ليؤكد المسؤولون فيها استمرار انتهاكها الفاضح لأبسط حقوق الناس وكرامتهم. لكن ثمة أربعة أمور تميّزت بها جرائم فجر أمس المتمادية:
أولاً، قتل مدنيين عن سابق تصوّر وتصميم، اذ إن الجيش الاسرائيلي مجهّز بأحدث تقنيات مكافحة حالات العصيان المدني ولديه فرق مخصّصة لتلك المهام. لكن قيادته استعاضت عنها بقوة حربية. كما استبعدت خيار إيقاع الضرر بالهياكل الخارجية للسفن، ما كان سيضطرها اللجوء الى أقرب ميناء. واستبعد الاسرائيليون أيضاً خيار إطلاق النار على أسفل أجساد الضحايا وجاءت الإصابات قاتلة.
ادعت الحكومة الاسرائيلية أن أحد المدنيين تمكن من انتزاع بندقية جندي وأطلق منها النار على العسكريين. لكن العدد المرتفع للشهداء يدحض ذلك الادعاء.
ثانياً، إصرار الاسرائيليين على عدم التمييز بين سفك دماء المدنيين الفلسطينيين والعرب ومدنيين أوروبيين، اميركيين وأتراك تضامنوا معهم، وعدم تمييز آلة الحرب الاسرائيلية الجغرافي بين مواقع اغتصاب حقوق الناس، إذ لم ينتظر الاسرائيليون دخول السفن المياه الاقليمية الفلسطينية المحتلّة بل ارتكبوا جرائمهم في المياه الدولية.
ثالثاً، تجاوز أبسط القوانين والقواعد الحقوقية الأساسية في التعامل مع سفن مدنية غربية تحمل مجموعة كبيرة من مواطني مختلف الدول الاوروبية.
من حقّ قبطان أي سفينة، لا بل من واجبه، الدفاع عن سلامة الركاب والبضائع من أي تدخل غير مشروع ولو حصل ذلك في المياه الاقليمية، فكيف إذا حصل في المياه الدولية؟ اذ يعد القبطان، بحسب القانون الدولي، الضابط العدلي للسفينة وحاكمها والمسؤول عن سلامة من فيها ويمكنه استخدام السلاح الفردي لضبط النظام كما يمكنه احتجاز أشخاص والتحقيق معهم تحت إشراف سلطة قضائية يتواصل معها هاتفياً لحين وصول السفينة الى برّ الامان. وبالتالي، فإن استيلاء اشخاص مسلحين على السفينة من دون إذن القبطان ومن دون أمر قضائي يعدّ قرصنة. فالاسرائيليون اختطفوا سفن «أسطول الحرية» بناءً على توجيهات عسكرية لا على أمر قضائي.
رابعاً، وسّع فجر أمس الاسرائيليون مساحة حصارهم على قطاع غزّة ليشمل المياه الدولية المحيطة بالمياه الاقليمية الفلسطينية المحتلّة. لكن برغم كلّ ذلك لن يقوى الجيش الاسرائيلي اليوم على منع موج البحر من حمل دماء شهداء «اسطول الحرّية» الى شواطئ غزّة.