لم تتمكن الاتصالات المسبقة من أن تجنّب أياً من القرى السُّنية، أو المطعَّمة شيعياً أو مسيحياً، في منطقة إقليم الخروب معارك التنافس على البلديات، مرة بلائحتين، وأحياناً بثلاث لوائح
كامل جابر
تحكمت سطوة العائلات، في مجمل انتخابات قرى إقليم الخروب، وفي وجهة اللوائح، فأخذت معها التأييد السياسي من هذا الطرف أو ذاك، لتتحالف القوى خلف لوائح العائلات هنا أو تدعمها، وتتنافر هناك وتخوض معارك جنّدت لها عشرات المندوبين والباصات التي أقلت الناخبين من أماكن بعيدة، ولا سيما من العاصمة بيروت، ليدلوا بأصواتهم، قبل أن تعود بهم، وتقدم لهم «واجب الضيافة»، من أطعمة ومياه وغيرها.
أمّ المعارك كانت في بلدة برجا، التي دفع تيار المستقبل بثقله بقيادة أحمد الحريري لتأليف لائحة مكتملة من 18 مرشحاً هي «لائحة قرار برجا» وبالتحالف مع العائلات، في مواجهة لائحة مكتملة أخرى للجماعة الإسلامية هي لائحة «الوفاء». وبقي عدد من المنفردين، بينهم مرشحون شيوعيون، في شبه لائحة، معتمدين على تشطيب في هذه اللائحة أو تلك، وقد برز العديد من اللوائح الملغومة.
كان يمكن الشيوعيين أن ينضووا في لائحة الجماعة الإسلامية، لولا تعنّت «الجماعة» في تمثيل الشيوعيين بمرشح واحد. أما الحزب التقدمي الاشتراكي، فقد سحب مرشحيه الأربعة، لكنه «بقي يدعم من تحت الطاولة لائحة الجماعة، ليخوض معركته بغير عناصره».
وإن كان الناخبون قد توزعوا على 3 مراكز، بيد أن مركز الإناث القريب من ساحة البلدة، سبّب حالة من الازدحام، ما جعل عبور الشارع الرئيسي بمسافة كيلو متر واحد يحتاج إلى أكثر من نصف ساعة. وقد تدافعت النسوة في سبيل الدخول إلى المركز، لكن بقيت عملية الاقتراع بطيئة، بسبب التزاحم. أما في الساحة، فقد تشكلت حلقات للرقص.
يمكن وصف انتخابات بلدة كترمايا بتظاهرة ضخمة، خرج إليها أهل البلدة وسكانها والوافدون من مسافات بعيدة، بشيبهم وشبابهم ونسائهم وأولادهم، لتغص بهم الطرقات، المزركشة بلوائح وإعلانات المرشحين، التي عانت ازدحام سير خانقاً، وخصوصاً في الطرقات الضيقة المفضية إلى مركز الاقتراع في المدرسة الرسمية، الذي غصّ هو الآخر بالناخبين الذين ازدحموا في باحته وعلى الأدراج وأمام الأقلام.
صوّت الناخبون لثلاث لوائح: «لائحة إنماء كترمايا» المدعومة من الجماعة الإسلامية، و«لائحة العطاء» المدعومة من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، ولائحة من خمسة مرشحين «لائحة الوفاء»، إلى مرشحين مستقلين، فوصل العدد إلى 40 مرشحاً. وتقدم 17 مرشحاً لثلاثة مختارين. أما الأقلية المسيحية في البلدة، فقد تنافست على مرشحين، «قواتي» و«عوني» على منصب مختار. ويؤكد بعض المتابعين أن أجواء الجريمة التي وقعت في البلدة، «كان يمكن أن تلقي بتبعاتها على الانتخابات لو لم يُصَر إلى الاقتصاص من القاتل». و«كانت الأعصاب ستبقى مشدودة» يقول أحدهم.
ويقول رئيس البلدية محمد نجيب حسن: «لقد شُوِّهَت صورة كترمايا لواقع غير سليم في وسائل الإعلام، ويوم الانتخابات خير دليل على الواقع الصحيح من خلال تعاطي أبناء البلدة مع الشأن البلدي ومن خلال احترام القانون».
في بلدة شحيم، عاصمة القضاء، خرجت «لائحة عائلات شحيم» في مواجهة «لائحة إنماء شحيم» المدعومة من تيار المستقبل والجماعة الإسلامية وبعض «التقدميين». ويؤمن مناصرو لائحة العائلات بأن«أن تحرز لائحتهم مقاعد أساسية في المجلس البلدي المقبل، بسبب تذمر الناس من تقصير البلدية السابقة وعدم إنجازها أي شيء يذكر، التي تحاول اليوم أن تجدد لنفسها برئاسة رئيس البلدية الحالي محمد بهيج منصور مدعومة من قوى سياسية»، يقول عبد الرحمن صبحي الحجار.
توصل سعي الوزير الأسبق جوزف الهاشم إلى توحيد أصوات «البرجين» خلف لائحة واحدة، من 12 مرشحاً، بينهم أربعة مسيحيين، والباقون من السُّنة. لكن ترشح ثلاثة شبان من آل ياسين منع التزكية، وأخذ البلدة إلى الانتخابات.
يحسم أعضاء «لائحة وحدة الجية» أن اللائحة المؤلفة من 12 عضواً، بينهم 7 موارنة و5 شيعة و3 سُنّة، هي التي ستتقدم اللائحة غير المكتملة والمؤلفة من عائلات وشباب.
تألفت في الرميلة لائحتان مكتملتان، من 12 مرشحاً لكل واحدة، «لائحة الحلم المستمر» و«لائحة الوفاء والإنماء». وقد جيّشت اللائحتان المناصرين نحو الاقتراع، لتتجاوز نسبة المقترعين سبعين بالمئة قرابة الثالثة بعد الظهر، وجرى الاعتماد على توافد المقيمين من أبناء البلدة في خارجها، وهم يمثّلون الأكثرية الساحقة من موارنة وروم كاثوليك.

كان يمكن الشيوعيين أن ينضووا في لائحة الجماعة الإسلامية

في جون تألفت لائحتان بلديتان: «لائحة التضامن الجوني» و«لائحة جون للجميع». وبدا أن حزب الله وحركة أمل مع العائلات دفعوا باتجاه دعم اللائحة الأخيرة. وثمة تفاهم في جون يقضي بأن يتولى رئاسة البلدية مرشح كاثوليكي، ونائبه شيعي، وأن تكون أمانة السر للموارنة. أما المقاعد، فتتوزع كالآتي: 6 للشيعة و5 للكاثوليك و4 للموارنة.
غصّت المدرسة القديمة وسط بلدة مزبود بالناخبين بسبب ضيق مساحتها، وتدافع الناخبون باتجاه انتخاب لائحتين من العائلات، مؤيدتين من تيار المستقبل ومن حركة أمل وحزب الله. «لائحة توافق العائلات» و«لائحة الإنماء والتوازن»، وتتألف اللوائح من مرشحين سُنة وشيعة وأرثوذكس.
بدت انتخابات بلدية المغيرية هادئة إلى حد كبير، رغم تنافس لائحتين: واحدة مكتملة، هي «لائحة إنماء المغيرية»، وتتألف في معظمها من العائلات، وهي مدعومة من تيار المستقبل، وأخرى غير مكتملة. ويتكون الناخبون من السُّنة والشيعة والموارنة.