باريس ــ بسّام الطيارة غطّت قضية اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لأسطول الحرية، الذي كان متوجهاً الى قطاع غزة، على القمة الفرنسية الأفريقية الـ٢٥، حيث كان الوجوم سيد الموقف. وبالطبع، كان الرئيسان الفرنسي نيكولا ساركوزي والمصري حسني مبارك، محطّ أنظار المؤتمرين؛ فالأول كان قد استقبل «صديقه بيبي» رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، قبل أيام وهنأه بقبول الدولة العبرية في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، والثاني «يشارك بصورة غير مباشرة» في الحصار على غزة.
ساركوزي ندّد من جهته، بـ«لطافة»، بالهجوم، بينما «طار» مبارك عائداً إلى بلاده بعد تنديد بـ«فعلة» إسرائيل.
وأمام هذا المشهد، علّق أحد الدبلوماسيين العرب المشاركين في القمة على «الحالة الفرنسية» بقوله «كل هدية تقدمها باريس إلى تل أبيب بهدف دفعها نحو السلام تدفعها نحو العنجهية»، مشيراً إلى وعود ساركوزي بتعزيز العلاقات ورفعها خلال لقائه ورئيس الوزراء الإسرائيلي قبل أيام.
من جهته، طالب رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون «بالإفراج الفوري عن المدنيين الذين احتجزوا وجميع السفن»، متسلحاً بـ«الإعلان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن». إلا أن ساركوزي ذهب أبعد من ذلك، فبعدما أعلن «أن هذا الهجوم صعق الجميع»، أشار إلى أنه «بصفة شخصية» يرى أن العملية كانت «لجوءاً مفرطاً للقوة». وهي الكلمات نفسها التي استعملها قبل يوم، إلا أنه هذه المرة ربطها بضرورة «إجراء تحقيق»، كما طالب مجلس الأمن. وشدد على ضرورة أن يكون «التحقيق غير منحاز وذا صدقية وأنه ضروري لفهم ما حصل».
وقفز ساركوزي على هذا الحدث للتطرق إلى الصراع في فلسطين. وقال، أمام الصحافيين الذين حضروا مؤتمر ختام القمة، إن «أحد الأسباب هو الحصار». وأضاف إن «مجلس الأمن يرى أن هذا الحصار فظيع بسبب الأوضاع الإنسانية في غزة».
ثم عزا الرئيس الفرنسي ما حصل في البحر، «إلى وجود صراع إسرائيلي فلسطيني»، مشيراً إلى أنه لو كان «للفلسطينيين حكم ذاتي، وكانت إسرائيل تعيش بسلام وتعترف بها كل دول المنطقة لما كان هناك حصار ولما كانت هناك أساطيل مساعدات إنسانية، ولما كان هناك إنزال بحري ولا يحصل ما حصل».
رغم هذا الشرح «التبسيطي للصراع العربي الإسرائيلي»، الذي رأى فيه البعض «محاولة لنجدة إسرائيل مرة أخرى»، وذلك بتحميل مسؤولية القتلى للصراع برمته، إلا أن بعض المصادر أشارت لـ«الأخبار» إلى أن «ساركوزي مقتنع بضرورة الانتهاء من هذا الصراع».
وأكد ساركوزي، أمام ضيوفه الأفارقة والعرب، أن «شروط الحل معروفة»، كاشفاً عن أنه «وأصدقاءه الأميركيين» سيطرحون مبادرة، ذكرت بعض الأوساط أنها قد تكون في الخريف.
ورأى ساركوزي أن المفاوضات غير المباشرة هي «تراجع» و«محاولة خجولة». وشدد على «ضرورة أن يتحادث الإسرائيليون والفلسطينيون مباشرة من دون إضاعة الوقت». ثم أشار إلى ضرورة تجاوز كل العقبات للوصول إلى «سلام دائم»، مكرراً بأن الجميع يعرف ما هي مكونات هذا الحل.
ويصف المراقبون هذا الطرح بأنه أيضاً غير حاسم، إذ إن كل طرف من الأطراف يمكنه أن يفسره حسب مصلحته، ففيه إعادة تأكيد موجّه للإسرائيليين بضرورة تقديم بعض التنازلات، إلا أنه يحوي أيضاً إشارة إلى الفلسطينيين بضرورة تناسي عدد من مطالبهم.