تبدو محادثات «جنيف 2» كما وقف إطلاق النار مقبلَين على إعلان الفشل في أي لحظة. فعلى وقع انتهاكات «التحالف السعودي» وقواته لإعلان الأمم المتحدة وقف إطلاق النار، تواجه الجلسات بين الوفدين اليمنيين في مدينة ماغلينغن في سويسرا عراقيل عدة، أهمها تمسك الوفد الموالي للرئيس الفار عبد ربه منصور هادي بتطبيق القرار الدولي رقم 2216 كمدخل لوقف الحرب، حيث يحاول فريق الرياض إعادة وفد «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» إلى المربع الأول عبر الإصرار على القرار الدولي المجحف والابتزاز العسكري المتواصل في الميدان. وفيما تابع العدوان غاراته الجوية أمس، بالتزامن مع استئناف قوات «التحالف» والمجموعات المسلحة الهجمات في أكثر من محافظة، ولا سيما في مأرب وتعز، أعلن المتحدث باسم «التحالف»، أحمد عسيري، أن «الهدنة» قد تنهار في أي وقت، بعد اتهام «أنصار الله» بانتهاكات متكررة لها.

بوادر الفشل

ورشحت من سويسرا يوم أمس، سلسلة معطيات تشير إلى إمكانية أن تلاقي المحادثات مصير «جنيف 1» والعودة إلى الحسم في الميدان. ووفقاً لمصدر مطلع على مجريات المحادثات، هيمنت على أجواء الجلسات في اليوم للثاني للمؤتمر الذي ينعقد في منتجع البيت الاولمبي السويسري في منطقة ماغليغان، أجواء الحرب والعدوان في ضوء الخرق المستمر لإعلان وقف إطلاق النار، بما يؤكد أن الأطراف القادمة من الرياض لا علاقة لها بالميدان، وأن الطرف السعودي الأميركي هو صاحب قرار العدوان.
وأشارت الجلسات أيضاً إلى أن نقاشات يوم أمس ستعود الى نقطة البداية، ما دام لم يُثبَّت وقف اطلاق النار، فيما لم يجرِ التطرق إلى بقية بنود مسودة المحادثات التي طرحها ولد الشيخ سابقاً وتعتبر الأساس في جلسات الحوار.
يحاول «التحالف» استغلال الهدنة لتكرار سيناريو السيطرة على عدن

وتمحور اليوم اليمني الطويل في سويسرا أمس، حول قضية تبادل الأسرى والمعتقلين. وفي سياق آخر عُدّ بادرة جيدة، بدأت ليل أمس، عملية تبادل أسرى في محافظة لحج (375 من «أنصار الله» و285 أسيراً من «المقاومة الجنوبية»)، فيما أشارت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء إلى أن لا علم لها بهذا التبادل.
وعقدت جلستان عامتان في سويسرا أمس، بعد جلستين أخريين، خاصة برؤساء الوفود أي محمد عبد السلام وعارف الزوكا عن وفد «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» من جهة، وعبد الملك المخلافي وأحمد بن دغر، عن وفد هادي، وذلك بحضور المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ، بهدف الوصول إلى صيغة حول بند المعتقلين. وعلمت «الأخبار» أن وفد هادي أصرّ خلال الجلسات على الافراج عن اللواء محمود الصبيحي وعن شقيق هادي، ناصر منصور وعن العميد فيصل رجب. ويرجح المصدر أن التركيز على هذه الاسماء الثلاثة يؤكد أن نية الطرف الآخر «ليست نية سلام»، معتبراً أن الإصرار على إطلاق سراح الصبيحي نابع من شعبيته بهدف إعادته إلى منصب وزير الدفاع في حكومة خالد بحاح، بما يرفد الجبهة العسكرية المترنحة للعدوان بمزيد من الزخم، ما يعني أن «التحالف» لا ينوي حقيقةً وقف الحرب على الأرض.
أما شقيق هادي، ناصر، فهو معروف بعلاقاته الوثيقة بتنظيم «القاعدة»، حيث إنه صاحب الدور الأهم في تجميع عناصر التنظيم وتسليحهم، وسيعزز الجبهة لعسكرية للتنظيم المسيطر على أجزاء واسعة من الجنوب اليمني اليوم.
وأشار المصدر إلى أن «اللجنة الانسانية» التي شُكِّلَت أول من أمس، لبحث موضوع الحصار والمساعدات الانسانية، تتطلع حصراً إلى تعز التي لا تزال عصية عسكرياً على قوات «التحالف». أي إن فريق الرياض يهدف بذريعة إدخال المساعدات الدخول إلى المحافظة. وكان الطرفان قد اتفقا، إلى جانب تشكيل اللجنة، على إطار عسكري للرقابة على تنفيذ وقف إطلاق النار، لكن وفد الرياض لم يسمّ مندوبه في هذه اللجنة حتى الآن.
في سياق متصل، كان وفد هادي قد أكد خلال المحادثات أن وقف الحرب يتوقف على تنفيذ قرار مجلس الامن. ويقول المصدر إن هذا التأكيد يعني أن الطرف الآخر يتعامل باعتباره غير معنيّ بوقف العدوان، وهو يراه وسيلة ضغط لتنفيذ بنود القرار الدولي. في المحصلة، يمكن القول إن فريق هادي ومن خلفه السعودية يحاولان ابتزاز «أنصار الله» و«المؤتمر» لانتزاع عبر المفاوضات ما لم يأخذوه في الميدان.

انتهاكات متكررة لوقف إطلاق النار

ويحاول التحالف السعودي استغلال إعلان وقف النار والمباحثات في جنيف ليحقق مكاسب ميدانية لم يستطع تحقيقها خلال الأشهر الثمانية الماضية، ولا سيما على الشريط الساحلي الغربي من اليمن باتجاه البحر الاحمر، في محاولة استغلال الهدنة لتكرار سيناريو السيطرة على عدن (تموز الماضي). وكانت قوات ومجموعات مسلحة قد حاولت التقدم من جهة منفذ الطوال الحدودي مع مديرية حرض وميناء ميدي الساحلي في محافظة حجة، تحت غطاء جوي وبحري كثيف.
وكشف المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد غالب لقمان، أمس، عن مخطط تصعيدي يعد له العدوان الذي لم يلتزم وقف النار. وقال لقمان إن دول العدوان ومرتزقتهم لم يلتزموا إطلاقاً وقف إطلاق النار الذي دعت إليه الأمم المتحدة، فيما الجيش و«اللجان الشعبية» ملتزمون إياه حرفياً.
وعلى حدود محافظة الجوف خرق المسلحون من مرتزقة العدوان وقف النار بمحاولة زحف على مواقع الجيش و«اللجان الشعبية». وأوضح مصدر عسكري أن العشرات من مرتزقة العدوان بينهم خمسة من القيادات الميدانية قتلوا أثناء محاولتهم التقدم على مواقع الجيش و«اللجان الشعبية» في محيط قرية آل مروان، مؤكداً إحباط التقدم.
أما في جبهة مأرب، فقد جددت قوات «التحالف» والمسلحون خرقهم لوقف إطلاق النار. وأكد مصدر عسكري أمس أن تلك المجموعات المسلحة، شنت عصر أمس هجوماً على منطقة المخدرة في الجدعان، مشيراً إلى أن الجيش و«اللجان الشعبية» لم يجدوا بدّاً من التصدي لهم، موقعين في صفوفهم خسائر بشرية ومادية فادحة. وبحسب المصدر، أدت المواجهات إلى تأمين عدد من المواقع التي كان ينطلق منها المقاتلون الموالون للعدوان. وعلى صعيد متصل، اندلعت في مأرب اشتباكات عنيفة استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة بين قبيلة عبيدة ومجموعة هاشم الأحمر في وادي عبيدة.
من جهة أخرى، أكد مصدر محلي في محافظة مأرب لـ «الأخبار» أن السلطات السعودية أوصلت دفعة جديدة من المرتزقة إلى المحافظة. وكان هؤلاء قد تلقوا تدريبات في السعودية لغرض الدفع بهم في معارك ضد الجيش و«اللجان» في جيزان التي فشلت القوات السعودية في أن تصمد فيها، مشيراً إلى أن مجموعات المرتزقة تلك رفضت القتال في جيزان لمصلحة السعودية، الأمر الذي دفع السعودية إلى إعادتهم إلى منفذ ‏الوديعة وإرغامهم على التوجه إلى جبهة مأرب سيراً على الأقدام في إجراء عقابي.