معمر عطويلم تتغيّر السياسة الأميركية تجاه إيران في عهد الرئيس باراك أوباما عن سياسة سلفه جورج بوش، الذي أجريت في عهده أربع جولات غير مسبوقة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران حول العراق، فيما ينتظر المسؤولون الأميركيون هذه الأيام اجتماعاً بين طهران والدول الست في جنيف بسويسرا هذا الشهر، لمناقشة برنامج تخصيب اليورانيوم في إيران.
ويبدو أن إدارة بوش قد مهدت الطريق لأوباما لتغيير سياسته تجاه ايران، وذلك قبل تسلمه الرئاسة في كانون الثاني من عام 2009، إذ أرسلت المسؤول الثالث في وزارة الخارجية، وليام بيرنز، للمشاركة في اجتماع حول إيران عقد في تموز من عام 2008 في جنيف، متخلية في الواقع عن شرطها المسبق بتجميد إيران أنشطة تخصيب اليورانيوم.
ودارت في أروقة الدبلوماسية الأميركية آنذاك أحاديث عن إمكانية فتح إدارة بوش قسماً لرعاية مصالح الولايات المتحدة في طهران، في خطوة غير مسبوقة منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1979.
لعل المناخات «الإيجابية» التي رافقت وصول أوباما إلى سدة الرئاسة، وبالتزامن مع إعلان أوباما نيته الحوار مع طهران، انعكست ردوداً إيجابية إيرانية على رغبة الرئيس الجديد بالحوار. وكانت أولى المبادرات تهنئة أوباما «لشعب جمهورية إيران الإسلامية وقادته» لمناسبة رأس السنة الإيرانية واستعداده المعلن للتعامل مع إيران على «أساس المصالح المشتركة» في جوّ من «الاحترام المتبادل».‏
أمّا الرد السريع، إيرانياً، فكان من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، الذي قال للأميركيين «إذا غيرتم سلوككم، نغيّر سلوكنا».‏
لم تبادر إدارة الرئيس الجديد باتجاه إلغاء برنامج زعزعة استقرار إيران
وربما كانت رسالة التهنئة التي وجهها الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، لأوباما بعد فوزه، أول الغيث، لكن جنوح الساسة الأميركيين بعد أشهر، نحو دراسة رزمة من العقوبات المشددة ضد إيران في مجلس الأمن وعقوبات أحادية وافق عليها الكونغرس، وضع رؤية البيت الأبيض للحوار مع طهران في دائرة التشكيك.
ولعل من الإشارات التي تؤكد استمرار سياسة الجمهوريين في عهد الديموقراطيين، أن إدارة الرئيس الأميركي «الجديد»، لم تقم بأي مبادرة باتجاه إلغاء برنامج أُطلق في بداية ولاية بوش الثانية، يهدف إلى صرف مئات الملايين من الدولارات لزعزعة استقرار إيران، حسبما رأى عضوا مجلس الأمن القومي الأميركي السابقان، فلينت ليفريت وهيلاري مان ليفريت.
كما تواصلت سياسة البيت الأبيض تجاه إيران في مسألة تحويل الخطر الصاروخي الإيراني الى فزاعة لأوروبا، حيث كرّر الرئيس الأميركي في تموز الماضي، أن نشر الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا يهدف إلى مواجهة إيران لا روسيا.
وقد تكون التطورات الجارية في العراق، وضعت الأميركيين في دائرة القلق من إزاء قيام حكومة عراقية ذات غالبية شيعية. وترى مصادر أميركية قريبة من دائرة القرار، أن هذا الوضع يُعدّ نصراً لإيران، ويأتي في وقت غير ملائم بالنسبة للإدارة الأميركية.
وتضيف المصادر أن المسؤولين الأميركيين، حالياً، في مزاج من «يهنئ نفسه» على تراجع فرص نجاح العزلة السياسية المتصاعدة والضغط الاقتصادي على النظام الايراني.
وبالرغم من التقارير التي تتحدث عن أن المحادثات في بكين حول سياسة التعامل مع الجمهورية الاسلامية، لم تتوصل الى أي تقدم لجهة الحصول على دعم من الصينيين من أجل تشديد الضغط الاقتصادي على إيران، نقلت المصادر عن مسؤولين أميركيين قولهم إن عروضاً قدّمت للشركات الصينية لإعطائها امتيازات من أوروبا واليابان لقاء خفض مستوى علاقاتها مع إيران.
ومنذ فترة قصيرة، توقعت الولايات المتحدة الحصول على جواب نهائي من طهران للقاء مقترح من أجل مناقشة البرنامج النووي الايراني. اجتماع يُعقد على الأرجح في جنيف بسويسرا، وربما في وقت مبكر الشهر من الجاري، لمناقشة قضية برنامج تخصيب اليورانيوم.
في الحصيلة يبدو أن إيران ستواجه الولايات المتحدة، فيما تتحرك مجموعة الأعضاء الأربعة الآخرين الدائمين في مجلس الأمن (فرنسا وبريطانيا والصين وروسيا) وألمانيا، في مخطط آخر للجم طموحات إيران النووية.