في 17 شباط الجاري، ضجّت وسائل الإعلام الفرنسية والعالمية بخبر بعث الأمل لدى المولودات بلا رحم أو اللواتي خضعن لاستئصالها باستعادة قدرتهن على الإنجاب. وكانت هذه واحدة من 50 عملية زراعة رحم حول العالم، أسفرت عن 16 ولادة بحسب موقع (pennmedicine.org). الإنجاز الطبي أتى بعد أكثر من 10 سنوات من الأبحاث والتحديث في التقنيات، بحسب ما يقول لـ«الأخبار» البروفيسور اللبناني الأصل جمال الأيوبي، الذي أجرى وفريقه العملية الأولى من نوعها في فرنسا.
وُلدت ديبورا، البالغة من العمر 36 عاماً، بلا رحم لإصابتها بمتلازمة «روكيتانسكي» التي تصيب واحدة من كل 4500 امرأة. في آذار 2019 خضعت لأول عملية زرع رحم في فرنسا (تبرّعت بها والدتها البالغة من العمر 57 عاماً يومها)، على يد رئيس قسم الجراحات النسائية والتوليد في مستشفى «فوش»، البروفيسور الأيوبي. استغرقت العملية 10 ساعات، وشارك فيها ستة جرّاحين (ثلاثة فرنسيين وثلاثة سويديين) و20 ممرضة وطبيب تخدير.

يصف الأيوبي الرحم بـ«ناقلة للحياة»، فلا يشكل استئصالها أي مشكلة على صحة الأنثى، لكن بطبيعة الحال لن يعود باستطاعتها الإنجاب. وفي حالة ديبورا، فقد أُخضعت للمراقبة لمدة سنة كاملة حتى استعادت دورة شهرية طبيعية. وتناولت أدوية تساعد على تخفيض مناعة جسدها كي لا يتم رفض الرحم المزروعة، وبعدما بيّنت المراقبة أن الأمور تسري بشكلٍ جيد، تم تلقيحها صناعياً بـ«جنين مجمّد».

ومرض روكيتانسكي (Rokitansky's Disease) من العيوب الخلقية التي تصيب الجهاز التناسلي لدى الفتيات، وهي حالة نادرة تحدث قبل الولادة وتتسبب بعدم وجود المهبل والرحم أو نموهما بشكل جزئي. وتحافظ الفتاة المولودة بهذه الحالة على مستويات طبيعية في الهرمونات، وسلامة المبيضين، والأعضاء التناسلية الخارجية، وتطوّر طبيعي للخصائص الجنسية الأنثوية. وفي حالة ديبورا، كانت بحاجة فقط إلى رحم كي تؤمّن لها هذه البيئة التي يتكوّن في داخلها الجنين. والعملية ليست الأولى من نوعها في العالم، إذ حصلت أول ولادة إثر عملية زرع رحم في السويد سنة 2014 وكانت الواهبة الحية في سن 61 عاماً.

وأوضح الأيوبي أنه «نظرياً، يمكن للمريضة التي خضعت لعملية زراعة رحم أن تحتفظ بها، لكن بسبب أدوية المناعة التي تتناولها لا تعود هناك حاجة إلى إبقاء الرحم المزروعة بعد انتهاء الهدف أو المهمة التي قامت بها»، وبالتالي سيتم استئصالها. إلا أن ديبورا ستحتفظ بالرحم المزروعة للإنجاب مرة أخرى حيث لديها جنين آخر مجمّد، وسيتم استئصالها بعد ذلك.