أظهرت دراسة أشرفت عليها منظمة الصّحة العالمية (WHO) أن أكثر من ربع البالغين في العالم، أو ما يقارب 1.4 مليار شخص، لا يمارسون الكثير من التمارين الرياضيّة، ممّا ينذر بمخاطر صحية كبيرة ويزيد احتمال تعرضهم لأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني والخرف والسرطان. في تقرير المنظمة الذي نشرت تفاصيله دورية «ذا لانسيت غلوبال هيلث» (The Lancet Global Health)، فإن هذا العدد من سكان العالم، الذين لا يقومون بنشاط بدني أو تمارين رياضية كافية، هو «رقم يعكس ضعفاً شديداً في تحسّن أداء البشر منذ عام 2001». الباحثة في المنظمة والتي شاركت في الإشراف على الدراسة، ريجينا جوثولد، قالت: «خلافاً للمخاطر الصحية العالمية الكبيرة الأخرى، فإن مستويات ضعف النشاط البدني لا تتراجع على المستوى العالمي، وأكثر من ربع البالغين لا يحققون المستويات الموصى بها من النشاط البدني من أجل التمتع بصحة جيدة». علماً بأن النشاط البدني غير الكافي يعدّ أحد العوامل الرئيسة للوفاة المبكرة في أنحاء العالم، كما أنه يزيد خطر الإصابة بأمراض غير معدية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري.

150 دقيقة أسبوعياً
وفق تقرير المنظمة، استند الباحثون في دراستهم إلى بيانات شخصيّة عن النّشاط من 358 استطلاعاً أجري على مواطنين في 168 دولة، شارك فيها 1.9 مليون شخص، وتمّت دراستها في دورية «ذا لانسيت». ووجد الباحثون ارتفاع نسبة الأشخاص غير النشطين في البلدان ذات الدخل المرتفع مثل الولايات المتحدة، من 32 في المئة في عام 2001 إلى 37 في المئة في عام 2016، في حين ظلّت النسبة مستقرة في البلدان ذات الدخل المنخفض عند 16 في المئة. وبحسب معايير الصحة العالمية، يعدّ الشخص غير نشيط بديناً إذا قام بأقل من 150 دقيقة من التمارين المعتدلة، أو 75 دقيقة من التمارين القوية، في الأسبوع.



الكويت تتصدّر القائمة
الأسوأ هو أن بلداناً عربية كانت في مقدمة الدول التي يقل فيها النشاط البدني للسكان، أو الأعلى في معدلات الاسترخاء وقلة الحركة، بحيث يأتي ترتيب الكويت على رأس القائمة بنسبة 67 في المئة، تتبعها السعودية بنسبة 53 في المئة، والعراق 52 في المئة.
واللافت أيضاً هو أن البلدان ذات الدخل المرتفع، بما في ذلك بريطانيا والولايات المتحدة، هي من بين أقل البلدان نشاطاً. ومن الدول التي كانت تشهد تطوراً في مستوى نشاط مواطنيها وترتفع بشكلٍ تصاعدي، تأتي ألمانيا ونيوزيلندا.

النساء «أقل نشاطاً»؟
الباحثون توصلوا، كذلك، إلى أن النساء أقل نشاطاً من الرجال في جميع أنحاء العالم، باستثناء منطقتين في شرق وجنوب شرق آسيا، وذلك بسبب مجموعة عوامل، منها رعاية الأطفال والثقافة العامة السائدة التي جعلت من الصعب عليهنّ ممارسة الرياضة.
في بريطانيا، مثلاً، بلغت مستويات عدم النشاط عام 2016 نسبة 32 و36 في المئة بين الرجال، في حين ارتفعت بين النساء إلى 40 في المئة.
وفي هذا الإطار، قالت الدكتورة التي شاركت في إعداد الدراسة، فيونا بول، إن «معالجة التفاوت في مستويات النشاط البدني بين الرجال والنساء أمر حاسم لتحقيق أهداف النشاط العالمي، وهو ما يتطلب تدخّلاً لتعزيز وتحسين وصول المرأة إلى الفرص الآمنة، بتكلفة معقولة ومقبولة ثقافياً».

بلغت مستويات عدم النشاط عام 2016 نسبة بين 36 و32 في المئة بين الرجال (أ ف ب )

«قلق عالمي»
تحذّر الدراسة من أن المناطق ذات المستويات المتزايدة من قلة النشاط البدني، أصبحت «مصدر قلق كبير» للصحة العامة والوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها. ويقول الخبراء إن تراجع النشاط البدني في البلدان الأكثر ثراءً يعود إلى تزايد نسبة الوظائف التي تتطلب الجلوس وقلة الحركة، فضلاً عن الهوايات التي لم تعد تحتاج إلى الحركة (مثل استخدام الأجهزة الحديثة والإنترنت)، وكذلك زيادة استخدام وسائل النقل. أما في البلدان المنخفضة الدخل، فإن السكان أكثر نشاطاً ربما بسبب طبيعة الأعمال والمهن والسير على الأقدام أو استخدام وسائل المواصلات العامة.
ودعا الخبراء الحكومات إلى توفير وصيانة البنية التحتية التي تعزّز الرياضة والتحفيز على المشي وركوب الدراجات الهوائية لأغراض النقل.