إسطنبول | خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، غيّرت مجموعة «كارادينيز القابضة» التركية المفهوم المتعارف عليه لتوليد الطاقة الكهربائية واستجرارها. على بساطة الفكرة، شكلاً ومضموناً (وهي تركية 100%)، أحدث الأخوان عثمان وأورهان كارادينيز «ثورة» في عالم الاستثمار في انتاج الطاقة وبيعها إلى الدول والجهات الراغبة في شرائها حول العالم، عبر ما بات يعرف بـ «سفن الطاقة».
تقاسم الأخوان الأدوار الرئيسة لتحقيق الأمر. اهتم عثمان (صاحب الفكرة) بجعل «السفن المنتجة للطاقة» أمراً ممكناً من الناحية الميكانيكية واللوجستية والعملانية، وتفرغ أورهان لتحويل شركة ذات طابع عائلي تعمل في قطاعات الطاقة والتمويل والتعدين والسياحة والعقارات منذ عام 1948، إلى واحدة من أكبر الشركات التركية اليوم، باستثمارات تفوق 2,5 مليار دولار، وشبكة فروع تمتد في أكثر من 10 دول، وتضم أكثر من 1500 موظف.
أولى تجارب «سفن الطاقة» بدأتها الشركة في مدينة البصرة العراقية، ثم باكستان، فلبنان وغانا واندونيسيا. وتؤكد مصادر متابعة أن الشركة تخوض حالياً مفاوضات، باتت في مرحلة متقدمة جداً، مع عدد من الدول، كميانمار وجنوب أفريقيا، وحتى مع بعض الدول العربية المنتجة للنفط، لإستئجار سفن لتوليد الطاقة فيها.

توسع عالمي

طوّرت «كارادينيز» خلال السنوات الماضية مشاريع «سفن الطاقة» في مناطق عدة من الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا. وهذه السفن عبارة عن معامل عائمة صديقة للبيئة تستخدم الغاز الطبيعي والفيول أويل، ويمكن ربطها بالشبكة المحلية للبلد على مستوى التوتر العالي، لتتمكن مباشرة من تأمين التيار بفضل التكنولوجيا المتقدمة التي تتمتع بها وتصميمها الخاص.
ويؤكد مطلعون في الشركة أنها تتخذ خطوات سريعة ضمن خطة توسع استراتيجية نحو هدفها المتمثل في أن تصبح واحدة من أبرز الشركات القيادية في قطاع الطاقة العالمي. وهي تخطط لتنفيذ حوالي 20 باخرة طاقة (قيد الإنشاء أو في مرحلة التصميم) بقدرة انتاج إجمالية تبلغ 6000 ميغاواط.
في حوض بناء السفن في منطقة توزلا، في الشطر الآسيوي من اسطنبول، نظّمت الشركة الاسبوع الماضي حفل إطلاق الباخرتين «عايشة غول سلطان» و»زينب سلطان» الى كل من غانا وإندونيسيا، في حضور وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي علي رضا ألبيون. الحدث تضمّن أيضاً الكشف عن أكبر باخرة طاقة في العالم، «أورهان علي خان»، مع قدرة انتاجية تصل إلى 460 ميغاواط ويتجاوز طولها 300 متر، ويتوقع أن يكتمل إنشاؤها في النصف الأول من عام 2016.
اليوم، تواصل الشركة توسيع أسطولها لبواخر الطاقة المكوّن من تسع بواخر، ومع إضافة الباخرتين «عايشة غول سلطان» (235 ميغاواط)، و«زينب سلطان» (125 ميغاواط)، يتجاوز إجمالي الطاقة الإنتاجية للأسطول 1500 ميغاواط.

أورهان

يطلق الرئيس التنفيذي لكارادينيز أورهان رمزي كارادينيز على سفنه شعار «قوة الصداقة». ويؤكد أن «عايشة غول سلطان» و»زينب سلطان» طُوِّرتا في تركيا تصميماً وهندسةً وبناءً (المولدات الضخمة للمجموعات من تصنيع أوروبي). ويرى أنه «يمكن لتركيا من خلال الطاقة والتكنولوجيا وريادة الأعمال تصدير قيمة مضافة على رغم افتقارها الى الموارد الطبيعية. اليوم، مع الأسطول الأول والوحيد لبواخر الطاقة في العالم، تحولت الشركة إلى كيان استثماري عابر للقارات».
وبالفعل، باتت هذه التجربة التركية الرائدة في عالم الاعمال محطّ أنظار كثيرين. وبحسب مصادر اقتصادية مطلعة، دفع هذا النجاح عدداً من الدول الاوروبية الى البحث جدياً في استنساخ التجربة، لا سيما أن لدى هذه الدول امكانيات لتحقيق ذلك. ومع الازدياد المضطرد في الطلب على الطاقة الكهربائية في كثير من الدول النامية، فإن الأمر بات مغرياُ من الناحية الاستثمارية للكثيرين.

لبنانياً

يبتسم المدير التنفيذي لمجموعة كاردينيز في لبنان رالف فيصل لدى سؤاله عما إذا كانت هناك طلبات من قبل أطراف لبنانية لاستجلاب باخرة طاقة جديدة إلى لبنان، تضاف إلى الباخرتين الموجودتين حاليا في كل من الذوق والجية. إذ يبدو أن في الأفق مباحثات قد ترسو قريباً في عاصمة الشمال، أو قربها، في دير عمار مثلا؟