■ بداية، كيف تقّيم، كمصرفي أساسي في البلد، الوضع الاقتصادي والمصرفي العام في لبنان اليوم؟مما لا شك فيه أن الوضع الاقتصادي والمصرفي يشهد تباطؤاً في نموه بسبب الظروف السياسية والأمنية الصعبة. ولكن، في الوقت نفسه، يثابر الاقتصاد والقطاع المصرفي على تحقيق معدلات نموّ إيجابية، وهذا دليل على قدرة الاقتصاد والقطاع على التأقلم والصمود مع هذه الظروف.

■ هل أنت متخوّف، وممّ؟
أنا دائماً متفائل. مررنا بمحنٍ مماثلة في السابق واستطعنا أن نتخطاها ونعيد الديمومة الى اقتصادنا ونشاطنا المصرفي.

■ تشكل الدولة الزبون الأول للمصارف. هل أنت خائف على هذا الزبون، وهل هناك شكوى لديكم كقطاع خاص من عدم مبادرة الدولة إلى اتخاذ إجراءات تفضي إلى خفض الدين العام والحدّ من الإنفاق غير المجدي على رغم صعوبة الظروف الأمنية والسياسية ؟
الزبون الأول بمفرده للمصارف هو الدولة حيث بلغت التسليفات لها حتى نهاية الفصل الثالث من هذا العام 37.6 مليار دولار (مع العلم أن القطاع الخاص المحلي كمجموعة تصل القروض الموجهة إليه الى 44.2 مليار دولار). لست خائفاُ على قدرة الدولة على تسديد ديونها لأن ذلك لم يحصل أبداً حتى الآن، ولكنني بالطبع "عاتب" على الدولة لعدم قدرتها على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة في المالية العامة لخفض العجز والدين العام بطريقة مستدامة وفعالة.

■ هل المصارف مستعدة للاكتتاب في سندات «يوروبوندز» التي ستصدرها وزارة المال قريباً؟
استناداً إلى معلوماتي، ستكون هنالك إصدارات جديدة السنة المقبلة، والمصارف بشكل عام مستعدة للاكتتاب بسندات جديدة تحلّ مكان استحقاقاتها.

■ إلى ماذا تعزو سبب التراجع في أرباح المصارف لهذا العام؟
في الحقيقة، هناك استقرار في أرباح المصارف. ما نشهده هو تراجع في معدلات الربحية كالمردود على متوسط رأس المال (ROAE) الذي انخفض من 13% إلى 11% بسبب الزيادة في رؤوس أموال المصارف لغاية التحوّط والتقيّد بمعايير بازل 3.

■ ما هي الخطوات التي قد تنتهجها المصارف للتغلب على هذا الواقع المستجد والحدّ من سلبياته؟
أعتقد أن مثل هذه الخطوات يمكن أن تتمثل في زيادة الكفاءة وفعالية التسويق وتطوير مميزات المنتجات المصرفية، إضافة إلى توسيع النشاطات الخارجية والاستفادة من فرص التآزر بين وحدات المصارف في الداخل والخارج. وهناك أيضاً مواصلة الضغط على المسؤولين وإقناعهم بخطورة التمادي في هذه الأوضاع غير المستقرة.

■ كيف تصف العلاقة بين القطاع المصرفي وتشغيل اليد العاملة؟
لا أعتقد أن القطاع المصرفي هو الموظِف الأول لليد العاملة في لبنان. هناك قطاعات أخرى كالقطاع السياحي والتعليمي توظف أكثر منه. لكن القطاع المصرفي من القطاعات الأكثر إنتاجية وشفافية في الاقتصاد، إذ يبلغ عدد العاملين فيه حوالى 23,000 عامل أي ما يقارب 1.7% من اليد العاملة. لكن مساهمته في الناتج المحلي، تفوق الـ 7%، وكذلك يدفع حوالى 38% من ضرائب الشركات.

■ هل هناك شكوى من عدم إشراك القطاع الخاص في الاستثمار في البنى التحتية للتخفيف من ثقل تكاليف الخدمات التي تقدمها الدولة في ظل توقعات بتراجع الإيرادات لهذا العام، وفي ضوء انخفاض مداخيل الشركات والأفراد؟
أية مشاركة للقطاع الخاص في مشاريع البنية التحتية يجب أن تُبنى على أسس وقوانين شفافة وواضحة وعادلة، وعلى ممارسات تتسم بالحوكمة الرشيدة والنزاهة. وبالطبع ليس من مصلحة القطاع الخاص المشاركة إذا لم تتوفر هذه الشروط. إضافة الى أن مشاريع البنية التحتية لا تحتاج في الحقيقة إلى تمويل القطاع الخاص، إذ يمكن تمويلها عبر قروض مدعومة وهبات من مؤسسات التمويل العالمية والإقليمية.

■ بالعودة إلى مسألة تمويل سلسلة الرتب والرواتب. لماذا تمّ وضعكم في مواجهة الشارع وتصوير الأمر على هذا النحو؟
أعتقد أن السبب الرئيسي يعود إلى عدم الفهم الكامل لدى الرأي العام، وحتى الطبقة السياسية، لعمل المصارف ودورها والظروف التي تحدّق بها. وتعمل جمعية المصارف في لبنان حالياً بالتعاون مع مؤسسات الإعلام والإعلان على توضيح موقف القطاع المصرفي وزيادة توعية الجمهور حول وضعه.

■ ما هي رؤيتكم لهذا الموضوع وما الذي تتوقعونه بهذا الخصوص لحلّ هذه المسألة؟
أعتقد أن المطالب التي تتضمنها السلسلة محقة وعادلة، ولكن يجب على مصادر التمويل أن تكون عادلة وكفوءة أيضاً. وهذا يعني عدم الاعتماد كلياً على زيادة الضرائب، بل الاعتماد أيضاً وأساساً على ترشيد الإنفاق ووقف الهدر وتحسين الجباية وإصلاح الإدارة والحوكمة في المؤسسات العامة. وأتمنى أن يشمل حلّ موضوع السلسلة هذه الإجراءات.

■ هل لا تزال التحويلات من المغتربين واللبنانيين العاملين في الخارج جيدة، وبكم تقدّر؟
نعم لا تزال جيدة، ومن الأسباب المهمة في ذلك ثقة المغتربين بمتانة القطاع المصرفي وسلامته. وتقدّر هذه التحويلات بحوالى 7.6 مليار دولار أي ما يقارب الـ17% من الناتج.

■ ما هي توقعاتكم لمعدلات النمو لهذا العام؟
أتوقع أن تتراوح بين 1% و2% هذا العام. وتجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يبلغ معدل هذا النمو 1.8%.

■ هل فعلاً انخفضت وتيرة فتح الاعتمادات بسبب تقلّص الحركة التجارية الداخلية والخارجية؟
انخفضت وتيرة فتح الاعتمادات ولكن بشكل بسيط، إذ ما زال، على سبيل المثال، حجم التجارة الخارجية على حاله هذا العام، أي حوالى 19 مليار دولار حتى أيلول 2014.
لا تزال تحويلات المغتربين من الخارج جيدة، وهي تقدر بحوالى 7.6 مليار دولار أي ما يقارب الـ17% من الناتج


■ هل هناك تراجع في ثقة المستهلك اللبناني وهل هناك تردّد في الاقتراض؟
أعتقد أنه من الطبيعي في ظلّ هذه الظروف أن نشهد تراجعاً في ثقة المستهلك وتردّداً في الاقتراض. ورغم هذا السلوك، ما زالت وتيرة الزيادة في القروض جيدة إذ ارتفعت القروض للقطاع الخاص إلى 49.9 مليار دولار حتى نهاية الفصل الثالث من عام 2014 بزيادة 8.9% عن الفترة ذاتها من عام 2013.

■ عن حركة التسليف، أين يتركز الطلب على القروض حالياً؟ وهل هناك تشدد مستجد من قبل المصارف في هذا المجال ولماذا؟
يتركز الطلب على القروض حالياً في مجالات القروض للشركات ومن ضمنها الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، إضافة إلى قروض التجزئة خصوصاً القروض العقارية. وتماشياً مع تعاميم مصرف لبنان الأخيرة هناك تشدّد في مجالات قروض التجزئة.

■ لماذا لم تتجه رؤوس الأموال السورية إلى لبنان بالشكل المطلوب، وفضّلت بلدانا أخرى كدبي ومصر؟
أعتقد أن الأسباب كانت في الأغلب ذات طابع أمني واقتصادي. فمن جهة حالت الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة في لبنان دون تدفق رؤوس الأموال السورية إليه، كما شجعت الظروف الاقتصادية الملائمة في دبي والتي هي في تحسّن مستمر في مصر رؤوس الأموال السورية بالاتجاه نحوها والاستفادة من فرصها المُجدية.

■ ما هي الخطط المستقبلية لجمعية المصارف على المدى القريب؟
هناك العمل المستمر بالتعاون مع مصرف لبنان لحماية القطاع المصرفي والعمل على تأقلمه السليم مع المعايير والإجراءات والقوانين العالمية والمحلية. كذلك، كما ذكرت، تعمل جمعية المصارف على شرح وضعها وانعكاس السياسات الحكومية على أدائها وعلى دورها الحيوي في الاقتصاد أمام الرأي العام والقيادات السياسية.

■ ما هي الخطوات المستقبلية لبنك لبنان والمهجر للفترة المقبلة وأين سيركز استراتيجياً؟
ستتركز استراتيجية البنك على تطوير وتنويع خدماته المميزة للحفاظ على حصته بل زيادتها في السوق اللبنانية، إضافة إلى تعزيز مجالات أعماله في دول التوسّع الخارجي كمصر والأردن ودول الخليج.



"لبنان والمهجر" أفضل مصرف في لبنان

نال "بنك لبنان والمهجر" للمرة الرابعة على التوالي جائزة "أفضل مصرف في لبنان لسنة 2014"، من المؤسسة المالية العالمية "The Banker"، "على الأداء المستدام للمصرف وعلى مركزه المالي القوي، رغم الظروف الصعبة التي يشهدها القطاع المصرفي والاقتصاد اللبناني". وتسلّم الجائزة رئيس مجلس الإدارة المدير العام لـ"بنك لبنان والمهجر" سعد أزهري في حفل أقيم في لندن، معتبراً أن الجائزة "تمثّل تقديراً مهماً من أهم المراجع العالمية على متانة المصرف ونجاح استراتيجياته في التوسع العمومي والأفقي ودوره الطليعي بين المصارف العربية في المنطقة".