كان لافتاً أن العديد من المطاعم والمؤسسات الغذائية التي ذكرت أسماؤها أخيرا، باعتبارها غير مطابقة للمواصفات والشروط الصحية المطلوبة، قد حازت على "شهادات في الجودة" غالباً ما تسعى إلى إبرازها أمام زبائنها لتحقيق مزيد من المصداقية والطمأنينة. لكن يبدو ان النظام برمّته يحتاج إلى كثير من التدقيق.
يرى الدكتور رامي شدياق، المدير العام لشركة "أيزو ليبان" والعضو في اللجان الفنية للجودة في مؤسسة LIBNOR، أن "نظام إدارة سلامة الغذاء ISO 22000:2005 سلاح تنافسي مهم تستخدمه المؤسسات لجذب الزبائن وتحقيق التميز والريادة في الاسواق المحلية والعالمية". ويوضح بأنه "مواصفة قياسية دولية صادرة من منظمة إيزو العالمية بالتنسيق مع هيئة دستور الأغذية الدولية كودكس (CODEX) في سبتمبر2005 بهدف تطبيق نظم رقابية على المنشآت الغذائية".
ويتابع شدياق: "تمكن شهادة (ISO 22000) من تحديد مصدر المخاطر المتعلقة باستهلاك منتج غذائي ومن التحكم في النقاط الحرجة في سلسلة الإنتاج الغذائي ومن إرساء أنظمة تحكم تركّز على الوقاية أكثر من تحليل المنتج النهائي. وتتوجه شهادة (ISO 22000) للمؤسسات الصناعية الغذائية والقطاعات الفندقية والمطاعم بصفة عامة".
أظهرت الدراسات الحديثة
أن أكثر الأماكن تلوثاً
عا دةً ما تكون المنازل

ويؤكد "أن أهم عنصر في تحسين الجودة هو قناعة الادارة العليا في المؤسسة بأن النجاح يتصل اتصالاً مباشراً بالتحسين المستمر والمتواصل للجودة. كما أظهرت نتائج التحليلات الاحصائية وجود علاقة ارتباط ذات دلالة معنوية بين الابتكار المؤسساتي بنوعيه (التكنولوجي والاداري) وتحسين جودة المنتج".
وفي ظل التقدم الصناعي والإنتاج الكمي الهائل للغذاء، ازدادت نسبة المخاطر. إذ أن للغذاء القدرة على نقل العديد من الأمراض من شخصٍ إلى آخرٍ، بالإضافة إلى أنه يلعب دوراً كوسيطٍ لنمو البكتيريا المسببة للتسمم الغذائي. وقد يحدث دخول مصدر خطر أو فيروس في أي مرحلة من مراحل سلسلة الغذاء. لذا فحماية المستهلك لا تكمن في حملات تفتيش فجائية، بل عبر التنظيم العلمي لكل قطاعات سلسلة التصنيع الغذائي. فغاية السلامة الغذائية لا تكتفي بتحقق العزل الميكروبي أو التطهير البكتيري، بل تتمثل في مدى توافر وإتاحة المياه السليمة الآمنة أيضاً، والتي غالباً ما تمثل قضيةً حيويةً باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من السلامة الغذائية.
ولاعتماد السلامة الغذائية ينبغي التطرق الى أنواع الأخطار التي تهددها والتي تنقسم الى بيولوجية (بكتيرية – فيروسية – طفيليات) وكيميائية (بقايا مواد التنظيف والمواد الكيميائية الأخرى)، إضافة الى الأخطار الفيزيائية (الزجاج المنسحق أو شظايا البلاستيك أو المعدن أو الخشب).
تحديد هذه الأخطار يساعد في تحقيق الرقابة، إما عن طريق تقليلها بتطبيق مبدأ الوقاية إلى ابعد حد ممكن على طول عملية السلسلة الغذائية؛ أو السير على قاعدة "من المزرعة إلى المائدة"؛ إضافة الى وضع إجراءات للطوارئ لمعالجة الأخطار الخاصة (مثل استرجاع المنتجات من السوق)؛ والاستراتيجيات الرقابية التي تستند إلى الحقائق العلمية والمدروسة.

المنزل الأكثر تلوثا؟

ويلفت شدياق إلى أن الكثيرين يعتقدون بأن طعام المنزل أكثر سلامةً وصحة من الطعام المعدّ في الخارج. إلا أن الدراسات الحديثة أظهرت أن أكثر الأماكن تلوثاً عادةً ما تكون المنازل. فعند الطهو يستعمل الكثيرون السكين نفسها، مثلاً، للحوم أو للخضار أو أحياناً للفاكهة، وهذه الطريقة وحدها كفيلة بنقل البكتيريا والملوثات والحساسية. إضافة الى أن الكثير من المعايير لا تطبق في المنزل ويعتبرها البعض أمراً عادياً. وهنا تكمن خصوصية صناعة الأغذية مما يستلزم أساليب خاصة ونظماً متكاملة تضمن عدم وجود خطأ خلال كل مراحل سلسلة التصنيع الغذائي لضمان المنتج. والالتزام بمعايير الجودة أمر معقّد ومستند الى تقارير علمية لتجهيز الطعام سليماً ومطابقاً للمواصفات المطلوبة، لذلك فإن ضمان سلامة الغذاء لا يتحقق إلا بتضافر جهود جميع الجهات التي تشارك في صناعة السلسلة الغذائية.
ويحدد العنصر المعياري الرقابي الى مجموعة من المتطلبات، منها مسؤولية الإدارة العليا – تشكيل فريق لسلامة الغذاء وممثل للإدارة مسؤولاً عن النظام بالإضافة إلى وضع سياسات وأهداف واضحة مع وضع خطط ومسؤوليات في حالات الطوارئ، ثم وضع آليات اتصال فعالة داخل المنظمة وخارجها وخاصة مع العملاء. وأخيراً يحدد هذا العنصر ضرورة قيام الإدارة العليا بمتابعات دورية للنظام للتأكد من حالة النظام ولتحديد الأفعال التصحيحية والوقائية اللازم اتخاذها وأساليب التحسين المستمر الممكنة.