تأسست شركة «التغذية» عام 1986 من قبل الشركة الأم «غوديز» العائدة لمالك وأمين ورباح الحلواني وشركائهم. علماً بأن آل الحلواني هم من أبرز الشركاء، إذ يتولون شؤون إدارتها بنحو خاص. في ذلك الوقت، كانت شركة «التغذية» عبارة عن ملحمة كبيرة تعرض إنتاجاً متواضعاً من اللحوم المصنّعة التي كانت تستورد من الخارج.
كان الهدف من إنشاء المصنع، كما يشير المساعد الأول للمدير العام مدير الموارد البشرية سمير سنو، «إيجاد منتجٍ من اللّحوم المصنعة تتوافر فيه شروط الأحكام الإسلامية»، موضحاً أن الشركة «تقوم بتصنيع وتعبئة المنتجات المبردة (مرتديلا، سلامي، هوت دوغ وغيرها)، وتصنيع وتعليب لحوم اللانشون (بقر، دجاج، حبش)، وتعبئة الكبيس المختلف الأحجام والعبوات من منتجات لحوم البقر وغير البقر كالدجاج أو الحبش». وقال إن خطة مصنع التغذية التسويقية كانت «تهدف منذ بداية المشروع إلى تأمين منتجات مطابقة للشريعة الإسلامية. وهو العنوان العريض في مسيرتها الإنتاجية».
وعن مراحل تطور شركة «التغذية «من ملحمة تقدم إنتاجاً متواضعاً إلى شركة منافسة في الأسواق الداخلية والخارجية، يوضح سنو: «عام 1992، كانت الانطلاقة الفعلية، وكان المصنع ينتج كميات متواضعة وحجم إنتاج صغيراً، ولكن بفضل القيّمين على المشروع، وبفضل تراكم الخبرات التصنيعية والتسويقية، تمكنت شركة تغذية من تطوير إنتاجها والانتقال الى منافسة السوق الداخلية».
وكان عام 1992 مرحلة «تحديث الآلات والمعمل»، حيث استُقدمت آلات جديدة وتقنيات تكنولوجيا في المصنع الموجود في منطقة الجناح، ليصبح هذا المصنع قادراً على رسم سياسة جديدة نحو الخارج والداخل. وكان لا بد من هذا المنطلق من تطوير الإنتاج.
وفي عام 1995، كانت مرحلة التوسيع أو النقلة النوعية، من المصنع الذي كان موجوداً في الجناح، وصولاً إلى الموقع الحالي في منطقة خلدة الشويفات الذي يضم أحدث الآلات المناسبة لصناعة اللحوم. ومنه بدأت عملية الانتشار نحو الخارج والتوسع في الأسواق اللبنانية والخارجية.
عام 2009، بدأت شركة التغذية باستيراد أجود الأصناف الغذائية. ومن هذه الأصناف: لحم تونا أبيض (متماسك) بالزيت، بالماء وبالحرّ وبقياسات مختلفة.
وفي مطلع عام 2010، حصلت شركة التغذية على شهادة الإيزو 2008/9001 العالمية في نظام إدارة الجودة من شركة كيو ام اي، إحدى أكبر الشركات المانحة لشهادات المواصفات العالمية.
اليوم في عام 2014، يشرح سنو: «نحن أمام عتبة جديدة ورؤية بعيدة الأمد، فنحن بعد فترة زمنية قصيرة ننوي الانتقال إلى معمل جديد على مساحة 22 ألف متر مربع، في منطقة الدبية، حيث ستتوافر في هذا المصنع الكبير أحدث التقنيات، وبكميات إنتاجية أكبر وعدد إضافي من العمال والموظفين، الأمر الذي سينعكس من دون أدنى شك على الجودة والنوعية الإضافية التي سيلاحظها المستهلك، والتوسع خارج لبنان بشكل أكبر أيضاً».
أما أبرز الأسواق الخارجية التي تصدر إليها «تغذية»، فيوضح المسؤول في الشركة: «نقوم بتصدير كميات كبيرة من بضائعنا ذات النوعية المميزة التي كانت منذ بداية المشروع هدفاً للقيّمين على هذا الصرح الصناعي، إلى 15 دولة في العالم، من بينها دول الجوار كسوريا والعراق ومصر ودول الخليج وعدة دول في أفريقيا وأوستراليا وفنزويلا».
في الوقت الحالي، تطبّق شركة التغذية نظام إدارة السلامة الغذائية المتطابق مع إيزو 2005/22000، على أن تصبح قادرة على نيل هذة الشهادة في وقت قريب جداً. تشكل مسألة شرعية اللحمة ومراقبة جودة الإنتاج أمرين مهمين لدى الشارع اللبناني، وعن هذا الموضوع، يقول سنو: «هذا الموضوع حسّاس جداً، ونحن حين أنشأنا فكرة مصنع التغذية اعتمدت بالأساس على فكرة حاجة السوق للمنتج «الحلال»، وهذا العنوان لا يزال مستمراً معنا حتى اليوم. إضافة إلى أننا حين نستورد أو نصدّر اللّحوم لا نتعامل مع أي مصدر يعرض منتجاته دون أن يكون محدداً بالاسم أو محدد المصدر ومعلوم الملكية، وبالإضافة إلى معرفتنا بالأشخاص الذين يشرفون شرعاً على ذبح اللّحوم. لا يدخل أي منتج إلى الشركة إلا في حال مراعاته الشروط الإسلامية والصحية العالية الجودة، أي بمعنى آخر أن تكون هناك شهادة رسمية معتمدة من المراجع الشرعية خارج لبنان ومصدّق عليها من المراجع الشرعية اللبنانية ولكافة الطوائف الإسلامية».
ومن الملاحظ أيضاً أنّ الدجاج يُذبَح داخل المصنع، أما الحبش فيُستورَد من فرنسا ويُعمَل على تربيته في منطقة البقاع، ومن ثم تجري عملية الذبح في المصنع في منطقة خلدة. وبالنسبة إلى المنتجات الحلال، لا يكفي أن يكون المنتج الأساسي حلالاً، لأن هناك إضافات توضع على المنتج الأساسي، ويمكن ألا تكون حلالاً، لذلك لا تتوافق هذه المنتجات مع المعايير الإسلامية. والمشكلة الواضحة أن شعار «الحلال» أضحى شعاراً تجارياً تسويقياً لا أكثر ولا أقل. أما في موضوع الرقابة، فهي ليست من مسؤولية السلطات الحكومية، بل هي على عاتق المؤسسات والهيئات والمراجع الشرعية الإسلامية.
اليوم مع أزمة اقتصادية متنامية، كيف تستطيع الصناعات الغذائية الوطنية التأقلم والمنافسة؟ بالنسبة إلى شركة «التغذية»، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعيشها لبنان في الفترة الأخيرة، فقد تمكنت من إيجاد خطط بديلة قادرة بشكلٍ أو بآخر على التغلب على التعثرات الاقتصادية وتمكين الشبكة الإنتاجية من الاستمرار والتطور رغم كل ما يعانيه هذا القطاع الغذائي وغيره أيضاً.
ويوضح سنو: «بالنسبة إلى السوق المحلية، لدينا مُنتَجان أساسيان يعتمَد عليهما: الأول هو اللحوم المبردة التي تباع مقطعة في المحالّ والتعاونيات، مثل المارتديلا على زيتون. هذه الأصناف تغطي في السوق الحلال ما نسبته 70 – 80 في المئة من حصة السوق المحلية. وبالتالي يشكّل المنافسون الأجانب والمحليون 40-30 في المئة من هذا الصنف. من جهة أخرى، تشكّل اللحوم المعلبة الصنف الثاني الأبرز، وتنخفض فيه النسبة قليلاً، لأن المنافسة الأجنبية والمحلية أكبر، فتقدّر حصتنا بـ 70 في المئة من حجم الصنف نفسه في السوق المحلية». ويختم: «اسم شركة التغذية جاء ليلخص حلماً طالما سعينا لتحقيقه، هو أن تكون واحدة من الشركات الأولى الرائدة في هذا المجال. وبفضل جهود الموظفين والقيّمين ستستمر المسيرة لترسخ ريادتها الشركة محلياً وخارجيا».
(الأخبار)