لبنان ومبادرة الحزام والطريقإن مبادرة وإستراتيجية الحزام والطريق، التي أطلقها الرئيس الصيني Xi Jinping عام 2013، تهدف إلى تحسين الترابط والتعاون بين الأوطان والشعوب التي تقع على إمتداد هذه المبادرة، كما تهدف إلى تحقيق منافع إقتصادية على إمتداد قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، براً وجواً وبحراً. وفي رأيي، فإن هذه المبادرة ضرورية ومهمة للغاية من أجل تنمية الإقتصاد العالمي الجديد، وتحقيق الرفاه لشعوب الدول، وتسريع وتيرة النمو والتنمية في العالم.

فرنسَبنك أول مصرف في لبنان يطلق بطاقة China Union Pay المقبولة لدى أكثر من 12 مليون مركز تجاري، ومن قبل 1.1 مليون جهاز صرف آلي في العالم

وبالنسبة للبنان، فإن هذه المبادرة توفر فرصاً عديدة للشعب اللبناني من أجل النهوض من الوضع الإقتصادي الصعب حالياً. وبعد إطلاق الحكومة اللبنانية برنامج الإستثمار الرأسمالي، والمصادقة على قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فإن العديد من الشركات الصينية، تحت مظلة مبادرة الحزام والطريق، لديها إهتمام كبير بالإستثمار في مشاريع البنية التحتية الأساسية في لبنان، وذلك في مجالات المطار والمرفأ وسكك الحديد والطرق السريعة والمناطق الصناعية وغيرها.
إن للبنان موقعاً استراتيجياً حيوياً على خارطة طريق الحرير، ويقف على المفترق بين الحزام والطريق، بما يعني أنه يستطيع أن يلعب دورا مهما جدا في إطار هذه المبادرة. كما أن لبنان يمتاز بقطاعه الخاص القوي والديناميكي وذي المصداقية العالية، مما يمكّن اقتصاد بلدنا من أن يكون محوراً أساسياً للنشاط الاقتصادي في إطار آلية السوق الحرة. وعلى سبيل المثال، فإن القطاع المصرفي اللبناني يشكل أحد أهم الأعمدة الاقتصادية للبنان، بفضل تاريخ طويل من الحرفية والمهنية العالية، والنظام العصري والمتطور الذي يعمل في إطاره.

إتفاقيات تعاون حديثة
مع إنضمام لبنان إلى مبادرة الحزام والطريق عام 2017، تم توقيع عدة مذكرات تفاهم وتعاون بين جهات لبنانية وصينية رسمية وخاصة، من أجل تعزيز فرص التعاون الثنائي على كافة الصعد الإقتصادية ولما فيه مصلحة البلدين.
وحديثاً، عام 2019، قرّر المركز الصيني لتنمية التجارة الدولية (CCPIT) إنشاء مكتب تمثيل له في لبنان من أجل زيادة العلاقات التجارية والإستثمارية بين غرف التجارة والشركات والمؤسسات الإستثمارية اللبنانية والصينية. وجاء ذلك في إطار منتدى الإستثمار الصيني - اللبناني الذي عُقد عام 2019 بتنظيم من مجموعة فرنسَبنك وإتحاد الغرف اللبنانية وCCPIT.
كما وقّع CCPIT مذكرتي تفاهم مع مؤسسات رسمية لبنانية من أجل تشجيع الإستثمارات المشتركة وإنشاء مناطق صناعية في لبنان وإنشاء «المركز الصيني - العربي للتحكيم».



إسهامات في تطوير التعاون المشترك
إنني أفتخر وأعتز بأنني كنت أول رجل أعمال عربي يتعامل مع جمهورية الصين الشعبية في أوائل الخمسينات، إذ أدركت وشقيقي عادل الإمكانات الكبيرة لهذه الدولة العظيمة. وكنت وشقيقي عادل أول من أدخل المنتجات الصينية إلى الأسواق العربية مروجين لشعار «صنع في الصين». وقد بذلنا جهداً كبيراً وتواصلنا بشكل مستمر مع الحكومة اللبنانية للإعتراف بجمهورية الصين الشعبية كصين موحدة، بحيث وقّع لبنان معها إتفاقاً تجارياً في العام 1955 ولم تكن هناك آنذاك أي علاقات دبلوماسية بين البلدين. كما قمت وشقيقي عادل بتأسيس أول مكتب تمثيل إقتصادي لجمهورية الصين الشعبية في لبنان، وواصلنا جهودنا ومساعينا مع الحكومة اللبنانية لتسمية أول ممثل تجاري لجمهورية الصين الشعبية، وعلى أساسه تم رفع علم هذه الجمهورية لأول مرة في لبنان.
ومن خلال مواقعي اللبنانية القيادية المتعددة على رأس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، وإتحاد الغرف اللبنانية، والهيئات الإقتصادية اللبنانية، فقد عملت على توطيد وتنمية العلاقات التجارية والإستثمارية بين الصين ولبنان، وبين مجتمعَي الأعمال فيهما. إذ كانت أول زيارة رسمية لي على رأس وفد من رجال الأعمال اللبنانيين إلى الصين في العام 1972، بعدما بدأت بإطلاق عملية إصلاح وانفتاح تاريخية من أجل تعزيز مكانة إقتصادها في الإقتصاد العالمي. وعملنا كمجتمع أعمال لبناني على تبادل الزيارات للوفود الإقتصادية، وتنظيم المنتديات والمؤتمرات الحاشدة لرجالات الإقتصاد والإستثمار والتجارة والمال، وأيضاً تنظيم المعارض التجارية في البلدين.


ومن خلال مناصبي المتعددة على الصعيد العربي كعضو ثم كنائب للرئيس ثم رئيس لإتحاد الغرف العربية التي بدأت منذ منتصف السبعينات واستمرت حتى نهاية العام 2014، ولا أزال رئيساً فخرياً له لمدى الحياة، فقد عملت ولا أزال على تنمية العلاقات الإقتصادية بين الصين والعالم العربي. وقد نظمت أول زيارة لوفد من رجال الأعمال العرب إلى الصين لترسيخ وتطوير مجالات أعمال مشتركة بين القطاع الخاص الصيني والعربي. وفي العام 1988، خلال إجتماع لمجلس الإتحاد العام للغرف العربية في دمشق، طرحت فكرة إنشاء «غرفة التجارة العربية - الصينية» بالتعاون مع المركز الصيني لتنمية التجارة الدولية. وقد نشأت هذه الغرفة عام 1995 وهي تعقد إجتماعات سنوية لها في الصين وعواصم عربية، وسعت على إمتداد السنوات الماضية إلى تعميق وتقوية فرص التعاون الإقتصادي بين الصين والعالم العربي.
وعند إنضمامي إلى غرفة التجارة الدولية، قمت بتنظيم زيارة لوفد من قيادات الغرفة ومجتمع الأعمال الدولي إلى الصين في العام 1985، من أجل تنمية وتطوير علاقات الأعمال بين القطاع الخاص الصيني والدولي. ثم نظمنا كغرفة تجارة دولية في العام 1997 في شنغهاي المؤتمر العالمي لغرفة التجارة العالمية في دورته الثانية والثلاثين. وعندما أصبحت رئيساً لغرفة التجارة الدولية كأول رجل أعمال عربي يتبوأ هذا المنصب في العامين 1999 و2000، كان لي هدف أساسي وهو جعل الصين عضواً رسمياً في الغرفة، وعملت جاهداً ونجحت في إنشاء أول لجنة وطنية لغرفة التجارة الدولية في الصين. والصين حالياً عضو فاعل في هذه الغرفة.

الصين ومجموعة فرنسَبنك
إن مجموعة فرنسَبنك التي أقودها وشقيقي عادل حالياً، أصبحت مصرفاً رائداً في إنشاء وتطوير علاقات متينة مع الصين، ومن أجل تقديم الخدمات المناسبة للشركات الصينية في أماكن تواجده في تسع دول في المنطقة والعالم. ومصرفنا هو أول مصرف لبناني وعربي يقوم بإنشاء مكتب خاص بالصين.
لقد عملت مجموعة فرنسَبنك، بالتعاون مع المركز الصيني لتنمية التجارة الدولية وجهات رسمية وخاصة لبنانية وصينية، على تنظيم منتديات إقتصادية وإستثمارية في الصين ولبنان من أجل ترويج مبادرة الحزام والطريق.

تقديرات صينية رفيعة المستوى
أنني أعتز وأفتخر بالتقديرات الصينية المتتالية لي عن دوري في تطوير العلاقات المشتركة، حيث منحني المركز الصيني لتنمية التجارة الدولية CCPIT في العام 2007 عضوية فخرية نظراً للدور الذي لعبته في تطوير التعاون الإقتصادي العربي - الصيني. وجائزة الحكومة الصينية باعتباري صديق الصين والشعب الصيني التي نلتها في العام 2007 ايضاً، إلى جانب الجائزة الكبرى التي منحني إياها الرئيس الصيني Xi Jinping في القاهرة في العام 2016، وهي جائزة المساهمات البارزة للصداقة الصينية - العربية، ولقب الرئيس الفخري لكل من غرفة التجارة الدولية لطريق الحرير والرئيس الفخري لتحالف الأمم المتحدة لطريق الحرير القارية والبحرية عام 2017.
وإنني وشقيقي عادل نفتخر ونعتز كثيراً بمبادرة الصين إنشاء «مركز عدنان وعادل القصّار لطريق الحرير الثقافي» في أيلول 2017، في مدينة شيان الصينية، والتي جاءت كبادرة إحتفاء بإسهاماتي وشقيقي في تعزيز العلاقات الإقتصادية بين الصين والدول العربية.
ونحن نعتز، وممتنون، لأن يتم إختيارنا من قبل بنك التنمية الصيني، أكبر مؤسسة تمويلية تنموية في العالم وأكبر مصرف صيني للإستثمار الخارجي والتمويل التعاوني، لكي يكون مصرفنا فرنسَبنك بين الأعضاء المؤسسين لـ China-Arab Countries Interbank Association، مما يشكّل إعترافاً واضحاً بأهمية مصرفنا من قبل أهم مؤسسة مالية صينية.

* الرئيس الفخري لإتحاد الغرف العربية والهيئات الإقتصادية اللبنانية