بعد أن أنهى المايسترو عبد الحليم كركلا دراسته في London School of Contemporary Dance، قام بتأسيس أول مسرح راقص في العالم العربي عام 1968، مبتكراً لغة رقص مرتكزة على موروث التراث العربي بأشكاله الفنية والإنسانية وعلى تقنية «مارتا غراهام» للفن المعاصر، محاولاً بذلك إرساء معالم إبداعية جديدة تعلن بداية تحوّل نوعي في الفن المسرحي الراقص، منطلقاً من الحوار الحضاري بين الأمس والغد، نحو مستقبل مضيء في تاريخنا الثقافي.
من بين كل المسارح التي زرناها، المسرح الذي أدهشني هو The National Centre for the Performing Arts

لقد حرص مسرح كركلا على القيام بأداء رسالة ثقافية عربية من خلال جولاته العالمية التي قدم خلالها أرقى العروض المسرحية على أكبر المسارح ودور الأوبرا في عواصم الحضارة، حيث تصدرت إبداعات أعماله كبريات الصحف العالمية.
يوم حطّت الفرقة رحالها في بلاد الصين للمرة الأولى عام 2005، تحقق الحلم الذي نصبو إليه، شعرنا وكأننا في عالم آخر، إذ أننا في بلاد التاريخ العريق والحضارة! أرض الأساطير وطريق الحرير! أرض التفوق والإبداع التي في مسيرتها تسابق الزمان!
كانت لحظة مضيئة أنارت لنا الطريق نحو المجد لتتوّج مسيرتنا الفنية العالمية. ومن هذه اللحظة انبثق تواصل مستمر عبر السنين من خلال زياراتنا الفنية إلى الصين، من بكين إلى شانغهاي، ومن هانغتشو إلى قوانغتشو، ولقد أسعدنا التعاون مع
■ The China National DanceDrama and Opera Theatre
■ Beijing Dance Academy
■ All Beijing Cultural Communications
■ Shanghai Expo
■ Shanghai Dance Theatre
■ The Hangzhou Dance Ensemble
■ The Guangzhou Opera House
■ The National Centre for the Performing Arts NCPA
■ Performing Arts and Cultural Forums
ومن بين مختلف المسارح التي قدمنا فيها عروضنا، أستطيع القول إن المسرح الذي أدهشني هو The National Centre for the Performing Arts (NCPA) المسرح الرائع بكل المقاييس، جعل من الصين خلال 10 سنوات، رائدة في فنون الأداء والأوبرا العالمية. وقدم مسرح كركلا فيه عام 2016 مسرحية «ألف ليلة وليلة»، وفي عام 2018 «إبحار في الزمن على طريق الحرير».


وبعد أن تحقق فرح اللقاء بجمهور الصين العظيم، أدركت أن الفن المسرحي يمدّ جسور التواصل بين البشر وبين الأجيال، إذ أنه يحمل في مضمونه ذاكرة الشعوب ومنارة حضاراتها وفيه يكتمل مفهوم الرقي.
كلمة الصين اليوم تهزّ أمصار العالم لما حققته من تطور وإبداع في مختلف الميادين، إلا أن ما يسترعي الإنتباه هو الأهمية الكبرى التي توليها الدولة للفن والثقافة ليس فقط للحفاظ على التراث، ولكن أيضًا لتقديم صورة راقية وحضارية عن الصين في المحافل الدولية وبأكثر الطرق رقياً وابداعاً.
ولا بد لي أن أخص بالشكر والتقدير السفارة الصينية في لبنان، التي تعمل دائماً على رعاية وتشجيع مسرح كركلا في علاقاته الثقافية مع الصين، في سبيل تقوية مسيرة الصداقة الصينية اللبنانية.
وفي النهاية يمكنني القول إن في الصين يتوافق الفكر على أن الخير والحق والجمال هي المثل العليا التي يهدف إليها الإنسان في رحلته عبر الزمان، وشعرت أن الفن في الصين يبقى الحافظ لهذه القيم، وبدونه لا يحقّ حقّ ولا يقيم خير ولا يفيض جمال.
* مسرح كركلا