ولد هادي زين الدين في عصر التكنولوجيا، حيث حلّت الكمبيوترات والهواتف الذكية مكان الألعاب التقليدية للأطفال، ووجد في هذا العالم شغفه وما يستهويه. جعل من المواقع الإلكترونية والبرامج التقنية ساحة لعبه المفضلة، وراح يدرّب نفسه يوماً بعد يوم على اختراقها، ليس لإلحاق الضرر بل لتعزيز مهاراته وخبراته. ينتمي الشاب ابن الـ 19 عاماً إلى فئة المقرصنين الذين يسعون لمساعدة الشركات في تعزيز أنظمة الحماية الإلكترونية الخاصة بها، وبالتالي استخدام معرفتهم في هذا المجال في وجه من يرغبون باستغلالها بطرق غير مشروعة للأذية والابتزاز. مساره كان واضحاً منذ البداية وقاده للالتحاق بالجامعة، حيث اختار التخصص في علم الكمبيوتر ليتكّمن من العمل لاحقاً في مجال الأمن السيبراني Cybersecurity. وفي وقت تكثر فيه الدراسات التي تتناول مستقبل اليد العاملة البشرية والوظائف التقليدية في ظل تنامي استخدام الروبوتات والذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، فإن المجال الذي اختاره هادي يعدّ ضمانة عمليّة وماديّة للمستقبل كون الحاجة إليه في ازدياد مطرد. فقيمة الداتا وأهميتها بالنسبة إلى الشركات تدفعها لاستثمار مبالغ كبيرة لحماية أنظمتها وبرامجها، وكذلك السعي لتوظيف من يملكون خبرات ومواهب في هذا المجال مقابل رواتب عالية نسبياً. ومن مزايا عالم التكنولوجيا أنه لا يشترط بالضرورة أن يكون العاملون فيه من أصحاب الخبرات الطويلة وفي سن معيّنة، بل على العكس ففي الكثير من الأحيان كلّما صغر سنهم كلّما زادت مواهبهم. من هنا نجح هادي وزملاؤه في الجامعة في الاستفادة من هوايتهم وما تعلموه لجني المال من خلال مساعدة الشركات في كشف الثغرات الأمنية في أنظمتها وبرامجها. وقد أوصلتهم كفاءتهم إلى الالتحاق بشركة Semicolon المصنّفة من قِبل فيسبوك كواحدة من أبرز 20 فريق باحثين أمنيين في العالم.
درّب نفسه يوماً بعد يوم على اختراق المواقع والبرامج الإلكترونية


يقال إن الطريقة المثلى لمحاربة خصمك تكمن في التعرف إليه عن كثب. ومن يوجد أفضل لمعرفة عقلية مقرصن وأساليب عمله من مقرصن آخر يملك المهارات عينها لكن اختار أن يستغلّها بشكل إيجابي وبنّاء؟ من هنا، لا يجب الحكم على الأمور من عناوينها، فللحكاية وجهان. إلا أن الأكيد أنه ومهما تنوّعت أوجه الرواية فالثابت فيها أن سوق العمل حول العالم بحاجة ماسة للشباب الذين يمتلكون مواهب تقنية وتكنولوجية.