تحولت تركيا من وجهة سياحية للبنانيين الراغبين بالغوص في تاريخها العريق والتمتع بطبيعتها الساحرة ومناطقها الخلابة، إلى سوق تجاري ضخم بالنسبة إليهم يقصدونها كلما أرادوا التبضع. ليس في الأمر مبالغة، إذ يكفي أن يراقب كل منا صفحته على الفيسبوك ليرى أن تركيا باتت مقصداً دورياً للكثير من أصدقائه الذين يزورونها لأكثر من مرة سنوياً. إذ لا يلزم المسافر أكثر من ساعتين ليحط في مطار إسطنبول، فيما يحتاج السائق يوم السبت في لبنان إلى ضعف هذا الوقت ليقطع المسافة بين بيروت وجونية. الأهم أن التوفير ليس فقط في الوقت، بل في النفقات، حيث إن الفروقات في الأسعار تتجاوز 50%، حتى على المنتجات العالميّة.بقدر ما تستمتع بالتجربة في تركيا، بقدر ما تأسف لواقع الحال في لبنان. تضحك بينك وبين نفسك عن سبب عقد المؤتمرات التي تهدف إلى الترويج للسياحة في لبنان، فيما الأمور تبدو بديهية ولا تحتاج إلى منظّرين أو خبراء. لا تستقيم السياحة مع الجشع. نحاول أن نجد المبررات لسبب الفرق في الأسعار بين بلد الأرز وبلد أتاتورك، هل هي كلفة الشحن والجمرك وإيجارات المحال وكلفة اليد العاملة؟ إذا كان هذا هو السبب، فكيف نشرح التفاوت في أسعار زيارة الأماكن الأثرية والمعالم الطبيعيّة، فهذه لا تشحن ولا تخضع لجمرك...
سعر هذا السروال النسائي في متجر DeFacto في تركيا 15 ألف ل. ل وفي لبنان 29 ألف ل. ل

4 بواحد
كلفة أربع ليالٍ في غرفة لشخصين في فندق 4 نجوم في إسطنبول مع فطور هي 150 دولاراً. 75 دولاراً على الشخص على مدى 4 ليالٍ، فيما يمكن أن تدفع أكثر من هذا المبلغ لقضاء يوم واحد في منتجع سياحي في لبنان إذا ما احتسبنا كلفة الأكل والشرب. في العادة، يُعِدّ كل سائح نفسه نفسياً للتعرض للغش في أي بلد يزوره. هذا من البديهيات في عالم السياحة في أي بلد، أما في تركيا فتشعر بأنك أنت من يغش التجار وأصحاب المؤسسات السياحيّة.
هي الزيارة الأولى لصديقتي وأنا إلى تركيا. طبعاً، وبطبيعة الحال لم نكن ملمّين جيداً بالتفاصيل، فأخذنا في الحسبان أن التنقل في بلد بهذه المساحة سيفرض علينا نفقات نقل ليست بسيطة، لنفاجأ بأن سعر بطاقة «إسطنبول كارت» الخاصة بالمترو هو 10 ليرات تركية أو ما يوازي 1.7 دولار، وهي صالحة للاستخدام في كل محطات القطارات والمترو وحتى التلفريك، وتتيح لك أن تقطع مسافة 6 كيلومترات بكلفة دولار واحد/ شخص.
كلفة التلفريك من جونية إلى حريصا 11 ألف ليرة وفي تركيا 1000 ليرة


50% أرخص
تتوزع المتاجر في شارع الاستقلال يميناً ويساراً وترتفع على عدة طبقات، وبعضها يحجز مبنىً كاملاً. الأسماء بأغلبها عالمية، وأخرى محلية ذات جودة عالية، مثل مانغو وزارا ويو أس بولو وكوتون ودي فاكتو وLC waikiki. في الإجمال، الفرق في الأسعار بين المنتجات المعروضة في هذه المتاجر ومثيلاتها في لبنان في المتاجر عينها يمكن أن تتخطى في الكثير من الأحيان 50%.
من حسنات الإنترنت أنه يسمح لكل شخص بأن يطلع مسبقاً على المنتجات التي تقدمها المتاجر وأسعارها (طبعاً تلك التي تملك في الأساس موقعاً إلكترونياً). بناءً عليه، اخترنا متجر DeFacto وقارنا بين سعر بعض الملابس في تركيا وسعرها على موقع الشركة في لبنان، فتبيّن أن السروال في متجر الشركة في تركيا يعادل سعره 15 ألف ليرة لبنانية مقارنةً بـ 29 ألفاً في لبنان.
أما لدى متجر Zara، فسعر الحقيبة النسائية في تركيا 45 ألفاً وفي لبنان 69 ألف ليرة. حتى الفروقات في أسعار منتجات التجميل والعناية بالبشرة شاسعة، إذ يبلغ سعر أحد منتجات العناية بالبشرة من صنع Garnier سبعة آلاف ليرة لبنانية، مقابل 18 ألف ليرة في لبنان.
هذه عيّنة بسيطة، والأمثلة تكاد لا تعد ولا تحصى في معظم منتجات المتاجر التي لها فروع في كلا البلدين.

سعر هذه الحقيبة في متجر ZARA في تركيا 45 ألف ل. ل وفي لبنان 69 ألف ل. ل

ماذا عن السياحة والترفيه؟
يوم ترشحت مغارة جعيتا لتكون إحدى عجائب الدنيا السبع، اتضح أن أكثر من ربع اللبنانيين لم يزوروا هذه المغارة بعد. كلفة الدخول إلى المغارة تبلغ 18 ألف لبنانية ليرة للشخص البالغ و10 آلاف ليرة للأطفال. أما رحلة التلفريك من جونية إلى حريصا فتكلف 9000 ليرة للشخص البالغ في منتصف الأسبوع و11000 في أيام العطل ونهاية الأسبوع (يقابلها 5000 و6000 ليرة للأطفال). أما في تركيا، فإن كلفة التلفريك في إسطنبول تعادل 1000 ليرة لبنانية عبر بطاقة «إسطنبول كارت»، ويكفيك مبلغ 10 دولارات لشراء التذكارات وتذوق ما طاب لك من حلوى ومرطبات.
وكما في البر، كذلك في البحر. تكلف رحلة على متن قارب سياحي في البحر الأسود على مدى 90 دقيقة وبوجود دليل سياحي يشرح لك بالتفصيل تاريخ الساحل والعمارة والقلاع والمعالم الدينية المحيطة بك على مدار الرحلة 5 دولارات فقط. أما في بلدنا، فرحلة في القارب ضمن بيروت تنطلق من منطقة الروشة تكلف حوالى 30 دولاراً تقريباً لمدة 20 دقيقة. أما الرحلة من بيروت الى مناطق ساحليّة أبعد كجونية أو جبيل فالكلفة قد تتخطى بسهولة 100 ألف ليرة لبنانية.