كما أن التحضير للزواج يتطلب من العروسين المستقبليين دراسة مسبقة للتكاليف، فالأمر عينه ينطبق على المدعوين. فالبعد الاقتصادي للزواج لا يقل أهمية عن بعده الاجتماعي، لا بل يمكن أن يفوقه أهمية نظراً الى تأثيراته عليه. بطبيعة الحال، فإن كل من حضر عرساً يدرك أن النفقات التي ترافق تلبية الدعوة ليست بالقليلة، لكن أجواء الفرحة وما يرافقها من مشتريات وعناية بالشكل قد تساهم في الحد من وطأة الثقل المالي، وخاصة إذا أخذنا كل عرس على حدة ولم ننظر إلى الأمر من منظار شامل ومتكامل. في هذا الإطار، فإن نظرة بعيدة المدى لحفلات الزواج، تبيّن بوضوح أن النتائج المترتبة عليها خطيرة ولا تحتمل الاستهانة بها والتعامل بها بخفة، لا بل تتطلب تخطيطاً دقيقاً كي لا تتحول الفرحة إلى نقمة.
عدد حفلات كبير
يشير خبراء في مجال تنظيم الحفلات والأعراس في لبنان الى أن اللبناني يحضر 5 إلى 7 أعراس سنوياً كمعدل وسطي. عدد السكان القليل والعلاقات الاجتماعية التي تميّز مجتمعاتنا، إضافة إلى رمزية الزواج وبعده المقدس عند غالبية السكان في بلد لا يزال فيه الديني والروحي طاغياً، كلها عوامل تبرر هذه الأرقام التي قد تبدو للوهلة الأولى مرتفعة. كذلك يرتبط عدد الأعراس التي يدعى إليها الشخص بالفئة العمرية التي ينتمي إليها. فوفقاً لريا زحلان المتخصصة في تنظيم الحفلات والأعراس، فإن من ينتمون إلى الفئة العمرية 20 - 30 يدعون إلى أعراس أكثر من غيرهم لأن الكثير من أصدقائهم من العمر نفسه يكونون مقبلين على الزواج. وفيما تنخفض النسبة لمن تخطوا الـ 35 من عمرهم، تعود وترتفع بحسب زحلان لمن بلغوا العقد السادس من عمرهم لأنهم يدعون لحضور زيجات أصدقاء أولادهم أو أولاد أصدقائهم.


كلفة باهظة
تقدير كلفة إنفاق المدعوين ليس بالأمر السهل بحكم تداخل عدة عوامل اجتماعية واقتصادية وشخصية وجندرية في الموضوع. لذلك اخترنا مع الخبراء في المجال، الذين فضّل العديد منهم عدم ذكر اسمه لدقة الموضوع بالنسبة إليهم وتأثيره على أعمالهم، مقاربة الأعراس من منظار الطبقة المتوسطة التي تتشابه سلوكياتها وإنفاقها إلى حد كبير في هكذا مناسبات.
اتفق الجميع على أن مبلغ 100 دولار هو المبلغ الوسطي الذي يدفعه المدعو على لائحة الهدايا. في ما يتعلق بالأزياء، ورغم بعض التباين، استقر الرأي على أن ما تنفقه المرأة يتوزع كالآتي: 150 إلى 200 دولار كلفة تصفيف الشعر والماكياج، 200 إلى 300 دولار ثمن الفستان والحذاء، فيما تجنبنا البحث في موضوع المجوهرات والحلي. أما بالنسبة إلى الرجال، فتصل كلفة ما ينفقه على البدلة والحذاء، إضافة إلى تصفيف الشعر إلى حوالى 200 إلى 300 دولار كحد أدنى.
استناداً إلى هذه المعطيات، وفي حال حضور ثنائي لعرس، فإن الكلفة التقريبية التي سيتكبدانها مجتمعين لا تقل عن 800 دولار. في السياق عينه، فإن التكلفة لا تقتصر على حفل الزواج وحده، إذ أصبح من الاعتيادي أن يقيم العروسان المستقبليان حفل وداع للعزوبية، وهو ما سيكبد المدعوين مبالغ إضافية.
100 دولار هو المبلغ الوسطي الذي يدفعه المدعو على لائحة الهدايا


وإذا افترضنا أن ثنائياً معيناً لبى الدعوة لحضور 5 أعراس في العام، فإن كلفة مشاركتهما في حال شرائهما ملابس وأزياء جديدة لكل عرس لن تقل عن 4000 دولار سنوياً. وحتى في حال استخدام الأزياء عينها لأكثر من عرس فإن الكلفة لن تقل عن 2500 دولار.
من ناحية أخرى، أصبحنا نشهد ازدياداً ملحوظاً في حفلات الزواج التي تقام خارج لبنان. وإذا استثنينا قبرص، يكشف أحد الخبراء في المجال الذي عرّف عن نفسه بأنه متخصص في تنظيم حفلات أعراس الملوك والأمراء في الخليج، فإن تركيا واليونان هما المقصد المثالي للبنانيين من ذوي الطبقة المتوسطة، فيما إيطاليا هي خيار أصحاب المداخيل الأعلى، وكان في فرنسا وإيبيزا في إسبانيا للأغنياء. بالنسبة إليه كما ولزحلان، فإن حفل زواج في الخارج في حالة متوسطي الدخل سيكلف الثنائي ما لا يقل عن 1500 دولار تضاف إلى ما سينفقونه أساساً على الأزياء والزينة...

* [email protected]