لم يكن البنك اللبناني الفرنسي بمنأى عن هذه المشكلات، وقد عانى كغيره من المصارف حول العالم في المراحل الأولى من نشر مفهوم الصيرفة الإلكترونية. لكن يكفي معرفة أنّ البنك «وضع خطة تحدّد بوضوح المسار الذي يجب أن يسلكه والخطوات التي يجب أن يتّبعها في مجال الصيرفة الإلكترونية حتى عام 2020»، بحسب مدير التسويق والتجزئة في المصرف، رونالد زيركا، ليتبيّن أن البنك اللبناني الفرنسي لم ينجح فقط في التكيّف مع التكنولوجيا، بل طوّعها لتتماشى مع استراتيجيته الطويلة الأمد.
منصّة إلكترونية جديدة
يشرح زيركا أن تعاطي المصرف مع الصيرفة الإلكترونية يستند إلى «استراتيجية واضحة تعتمد على مراقبة احتياجات العملاء ورغباتهم، مع متابعة حثيثة لأحدث وآخر الابتكارات المصرفية التي تقدمها أبرز المصارف العالميّة، فنقوم بتقويمها ودراسة ما إذا كانت تخدم عملاءنا وتتماشى مع خططنا وإمكانيّاتنا. وفي هذا السياق « سيطلق البنك اللبناني الفرنسي رسمياً الأسبوع المقبل منصة e-banking جديدة، تشمل التطبيق الهاتفي وموقع المصرف على الإنترنت. وتتميّز هذه المنصة الشاملة بأنّها ترتكز على كيفية تفعيل وتحديث تجربة العملاء (Customer Experience) وجعلها أسهل وأسرع مما هي حالياً، بدل الغوص في المعاملات والخدمات التي هي في معظمها بمتناولهم إلكترونياً».
اشترى المصرف أحدث نظام أمني لاستخدامه في مجال الصيرفة الإلكترونية


تجسّد هذه المنصّة المرتقبة ثمرة تعاون بين المصرف وعملائه، فعوض أن يفرض المصرف الحلول، قرّر الاستماع إلى عملائه وإشراكهم في القرار ــــ كونهم المعنيّين أولاً وأخيراً بأيّ تطوير لأيّ خدمات جديدة يوفّرها. وفي هذا الإطار، يوضح زيركا قائلاً: «تعاون البنك اللبناني الفرنسي مع 150 عميلاً من الأكثر نشاطاً في مجال الصيرفة الإلكترونية لتجربة المنصّة الجديدة وتحسينها وتعديل الثُّغَر إن وُجدت». كذلك سيطلق المصرف في العام المقبل خدمات إلكترونية حصرية وخاصة بالشركات. ويتابع زيركا قائلاً: «يضيف المصرف بمعدل مرة كل شهر خدمة جديدة يستفيد منها العملاء إلكترونياً. ففي السنة الماضية، أضفنا حوالى 15 خدمة جديدة».

المخاوف من الخدمات الإلكترونية، على الرغم من أمانها
ويشرح مدير التسويق والتجزئة في البنك اللبناني الفرنسي، أنه على الرغم من جميع المبادرات والخطوات والتحفيزات التي قام بها المصرف، ولا يزال، لتشجيع الناس على استخدام الخدمات الإلكترونية بقدر أكبر وبفعالية أكبر، لا تزال النسب أقل مما يتمنى أو يسعى إليها المصرف، حيث إنّ «30 في المئة من عملائنا نشطون ويستخدمون الخدمات المصرفية الإلكترونية. أما أكثر المعاملات التي يجريها العملاء إلكترونياً ، فهي طلب كشف الحساب ونقل الأموال من حساب إلى آخر».

فئات عمريّة
أما عن الفئات العمريّة الأنشط إلكترونياً، فيؤكد زيركا أنّ «الفئة العمرية ما بين 30 عاماً ومنتصف الأربعينيات هي الأكثر استخداماً للخدمات المصرفية الإلكترونية. أما المنتمون الى الفئة العمرية الأصغر، أي العملاء في العشرينيات، فعلى الرغم من أن التكنولوجيا تمثّل دوراً مهماً في حياتهم اليومية، إلا أنهم غير صبورين، وتعدّ الخدمات الإلكترونية السهلة والسريعة بطيئة بالنسبة إليهم لأنها تتطلّب بعض الخطوات لتنفيذ المعاملات».
وعن الأسباب التي تحول دون تحقيق خروقات لافتة في هذا المجال، يشدّد زيركا على أنّ المخاوف الأمنية تبقى أحد أبرز العوائق، إلّا أنّ المصرف «اشترى ويستخدم النظام الأمني الأحدث والأفضل في العالم على مستوى الوسائل الإلكترونية التي يقدّمها. ونحن مطمئنون إلى سلامة المعاملات الإلكترونية، إلى حدّ أننا لا نجد فيها ضرورة لإبلاغ العملاء بالخطوات الواجب اتباعها في حال قرصنة حسابهم لإقتناعنا باستحالة حدوث هذا الموضوع. وحتى في حال حصول أي عملية قرصنة، نحن قادرون على مكافحتها وضبطها بسرعة، منذ اللحظات الأولى». يضاف إلى الشق الأمني، بحسب زيركا، «البعد الإنساني وحاجة الناس إلى التعامل مع موظف المصرف. فهذا التفاعل البشري والمباشر لا يزال يُشعر الناس بالطمأنينة وبالراحة حتى في أبسط المعاملات».