يروى أن الأسد ضاق ذرعا بالعيش في بيروت، فقرر ألا يرفض هذه المرة عقد عمل «مغ» في دبي... ترك الغابة ولم ينظر وراءه.لم يجد الضبع أنسب منه لملء الفراغ «الرئاسي». نصّب نفسه ملكا على سائر «الحيوانات» في احتفالية كبيرة تليق بالحدث نقلتها معظم الفضائيات إضافة طبعاً إلى التلفزيون الرسمي.
وتماشياً مع متطلبات العولمة وتسارع المتغيرات التي تفرضها الحداثة في هذا الزمن، قرر الضبع أن يعتمد سياسات الاقتصاد الحر والاسواق المفتوحة، مستعينا بخبرات «الفيل» الاستشارية وخدمات «الجحش» الأمنية.

■ ■ ■


ما هي إلا فترة وجيزة حتى بدأت الشركات العملاقة، العابرة للقارات، بالتهافت على الغابة من كل حدب وصوب: استدراج عروض، وخصخصة لقطاعات الماء والكهرباء، شركات التنقيب عن النفط والغاز في كل مكان. مصانع، معامل، فنادق، مقاه، مطاعم، متاجر، مولات... وطبعا مصارف وشركات استشارات مالية وأسهم وبورصة.
وبالتأكيد، بات الهمبرغر الوجبة المفضّلة لجميع الحيوانات، الأليفة منها والمفترسة على السواء.
سيطرت «الرأسمالية المتوحشة» على غابة الحيوانات، واتسعت الفوارق الاجتماعية في حلقة انتاج جعلت من جميع الحيوانات مجرد مستهلكين.
مع كل ذلك، كان الجميع مطمئنا لأن «الجحش» بنفسه كان يتولى حماية مدخرات كل الحيوانات في المصرف الأهم في الغابة.

■ ■ ■


في يوم من الأيام، وبينما كانت البطة تهّم بترك مكان عملها عائدة الى المنزل بعد يوم شاق من التعب في الحقول، إذا بسيارة «الجحش» تضرب مؤخرتها بعد أن حاولت تجاوزها مسرعة، وهي تسير مطمئنة إلى أن مالها محفوظ ومصان وفق أهم شهادات «الأيزو» تحت أعين «الجحش» شخصيا.
ولأن الجحش... جحش، فهو قلما يتقبّل النقد أو المساءلة أو الاعتراض على تصرفاته الحيوانية.
أوسع البطة ضرباً وطعناً حين حاولت ان تستفسر عن تصرفه المتهور الخطير في قيادة السيارات الكورية.
يقول إبن المقفع في آخر الرواية: إذا كان لا يجدر بالجحش أن يقود سيارة بين الحيوانات، فهل تأتمنه على أن يحفظ لك جناك من تعب الأيام وسهر الليالي.
فعلا حيوانات... كل ذلك والأسد لا يزال يبحث عن استوديو صغير في دبي، عله يرسل بعضا من فوائض الراتب للبوة، على حسابه في البنك عينه... تبع الجحش