يتجاوز عدد لاعبي كرة القدم المسجلين في العالم 265 مليون لاعب، وعدد الحكام والإداريين 5 ملايين، وعدد الأندية 301 ألف نادي، وعدد الفرق خارج الأندية كفرق المدارس والمؤسسات والشركات والمصانع مليوناً و750 ألفاً.
ومع تخطي عدد متابعي مباريات نهائي كأس العالم في البرازيل عام 2014 عتبة 3,2 مليار مشاهد عبر الشاشة الصغيرة، اي حوالي نصف سكان الكرة الأرضية، ووصول القيمة السوقية الإجمالية للاعبي المنتخبات المشاركة في كأس العالم الأخيرة الى نحو 7 مليارات و757 مليون دولار أميركي، وفي ظل انتساب 209 اتحادات وطنية الى FIFA، وغيرها الكثير من الأرقام الخيالية كتجاوز أجور بعض لاعبي كرة القدم أو ميزانيات أندية ميزانيات دول، أصبحت كرة القدم أكبر بكثير من مجرد رياضة، بل تحولت الى صناعة كبرى تجذب رجال الأعمال والتجار والشركات الكبرى من حول العالم.
ويصعب في ظل هذا الواقع، إلا لمن يؤمن بجمهورية أفلاطون، أن يتخيل ألا تثير هذه المعطيات والأرقام شهية المافيات والفاسدين الباحثين عن الثروة والجاه على حساب محبي اللعبة الأكثر شعبية في العالم.

كرة تبيض ذهباً

سجّل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عائدات بلغت 5,718 مليار دولار بين عامي 2011 و2014 ، وبلغ الاحتياطي النقدي لديه نحو 1,523 مليار دولار.
وسجل الفيفا ارتفاعا في عائداته خلال الفترة الماضية مقارنة بالفترة بين عامي 2007 و2010، بلغت نسبته 37 في المئة، بحسب ماركوس كاتنر المدير المالي للفيفا خلال الجمعية العمومية للفيفا في مدينة زيوريخ السويسرية الجمعة الماضي.
وشهد عام 2014 الذي أقيمت فيه كأس العالم في البرازيل تسجيل عائدات بلغت 2,069 مليار دولار ، ما يعادل نحو ضعف عائدات كأس العالم السابقة التي أقيمت عام 2010 في جنوب أفريقيا والتي بلغت 1,291 مليار دولار. وستبلغ ميزانية الفيفا للفترة الممتدة من 2015 الى 2018 حوالي 5 مليارات دولار. وسيحقق الاتحاد خلال هذه الفترة إيرادات بقيمة 2,3 مليار دولار من التسويق وتذاكر المباريات و2,7 مليار دولار من بيع حقوق البث التلفزيوني للبطولات التي ينظمها الاتحاد. ويتوقع الاتحاد تحقيق فائض قدره 100 مليون دولار قبل حساب الضرائب على أن يحقق فائضاً بعد حساب الضرائب عام 2018. وازداد حجم ميزانية الفيفا الى أكثر من 10 أضعاف حجمها للفترة الممتدة من 1995 إلى 1999 والذي كان 257 مليون دولار.

الرعاة لاعب حاسم

يعتبر الألماني هورست داسلر، ابن مؤسس شركة "أديداس" أدولف داسلر، أول من أدخل أشكال تسويق جديدة إلى الفيفا. فهو كان يتمتع ببعد نظر سمح له بإدراك الإمكانيات المالية الهائلة التي يختزنها الإتحاد الدولي، وكان بالتالي أول من جلب رعاة رسميين للفيفا وذلك اعتباراً من مونديال 1974 في ألمانيا. وكانت خطة داسلر تقضي بخلق شراكة ما بين الشركات العالمية والاتحاد الدولي لكرة القدم، تحصل من خلالها الشركات على خدمات عدة مقابل الأموال الطائلة التي تستثمرها وتدفعها.
ومن هذه الخدمات إحتكار الإعلانات، والإستخدام الحصري لشعار كأس العالم، بالإضافة إلى حصولها على حصص تذاكر مجانية إضافة الى خدمات أخرى.

سجّل "فيفا" عائدات بلغت 5,718 مليار دولار بين عامي 2011 و2014 وبلغ الاحتياط النقدي لديه نحو 1,523 مليار دولار


ويضخّ توزيع حق التسويق في ميزانية الفيفا 465 مليون دولار، ما يشكل 9% من عائداتها. ويدفع الرعاة الأساسيون للفيفا أكثر من 177 مليون دولار سنوياً للفيفا، أي ما يزيد على 30 مليون دولار عن كل راع.
والرعاة الأساسيون للفيفا هم شركة أديداس الرياضية وشركة كوكاكولا بالإضافة إلى شركة هونداي/ كيا للسيارات وشركة بطاقة الائتمان فيزا وغازبروم الروسية للطاقة.
وكانت طيران الإمارات وشركة سوني للإلكترونيات قد أنهتا رعايتهما للفيفا في أواخر عام 2014 بسبب ادعاءات الفساد التي كانت تحوم حول الاتحاد، وذلك عدة أشهر قبل الفضيحة المدوية التي ضربت الفيفا الأسبوع الماضي.
أما باقي الرعاة فهم يعيشون أسوأ أيامهم في ضوء موجة الاعتقالات والاتهامات التي طالت مسؤولين كباراً بالفيفا. ويخشى مسؤولو تلك الشركات من تأثر سمعتهم جراء الفضيحة التي تشهدها الفيفا، ما قد يسبب لهم خسائر ضخمة في حال إحجام المستهلكين وامتناعهم عن شراء منتجاتهم وخدماتهم لارتباطها بالفساد، وهو ما يفسر البيانات الشديدة اللهجة الصادرة عنهم وتهديداتهم بفض الشراكة مع الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وليس الرعاة فقط هم من يعيدون النظر في علاقتهم بالفيفا، ولكن بعض وسائل الإعلام أيضا تدرس الوسائل التي تخولها التأثير على الفيفا.
وذكرت صحيفة "داجبلاد" الهولندية أنها سترفض أي إعلانات من الشركات التي تواصل رعايتها للفيفا لأن هذه الشركات عليها أن تستخدم قوتها في مكافحة فساد الفيفا. ودعا سايرك كويبر رئيس تحرير الصحيفة القراء إلى مقاطعة رعاة الفيفا. وقال، في تصريحات إلى الإذاعة الهولندية، "اللغة الوحيدة التي تفهمها هذه المنظمات هي المال، والمال يأتي منا".
وعلى الرغم من أن ضغوط هذه الصحيفة لا تشكل خطراً حقيقياً على الفيفا نظراً لانتشارها المتواضع، إلا أن الأزمة قد تحدث إذا حذت الشركات الإعلامية الكبيرة وخاصة شركات البث التلفزيوني حذوها إذ تدفع هذه الشركات الكبيرة مليارات الدولارات إلى الفيفا وإلى كرة القدم.
وتعتبر عائدات بيع حقوق النقل التلفزيوني أهم مصدر للأموال داخل الفيفا ويتم مراقبة الالتزام بها بدقة كبيرة. وقد بلغت عام 2014 حوالي 742 مليون دولار.

البنوك ليست في مأمن

في اطار زلزال الفساد الذي هز الاتحاد الدولي لكرة القدم فتح بنك باركليز البريطاني تحقيقا داخليا للتأكد من ما اذا كانت حساباته قد استخدمت في معاملات مشبوهة. واشير الى باركليز ومنافسيه البريطانيين، ستاندرد تشارترد واتش اس بي سي، في الاجراءات القضائية التي بدأتها السلطات الاميركية في مزاعم فساد على نطاق واسع.
ووفقا لوزارة العدل الاميركية، فان حسابات البنوك الثلاثة استخدمت في معاملات مشبوهة بملايين الدولارات. ومرت بعض هذه التحويلات مثلا عبر هونغ كونغ ونيويورك لتنتهي في حساب في جزر كايمان، وفقا للائحة الاتهام.

قطر وروسيا... خسائر معنوية ومادية

ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن حالة من القلق تسود دولة قطر بسبب الخطر الذى يتهدد تنظيمها لكأس العالم 2022 بعد فضيحة الفساد التي تفجرت في فيفا، وتحقق فيها السلطات الأميركية والسويسرية. ولفتت إلى أن كأس العالم كانت القمة التي تود قطر الوصول إليها في استراتيجيتها الناشئة خلال العقد الأخير لاستخدام قوتها المالية الظاهرة حديثا في الترويج للبلاد كلاعب عالمي كبير من تطوير الاهتمام الداخلي بالرياضة والثقافة إلى الاستثمار العالمي في أملاك عقارية في لندن وفي شركات أوروبية كبرى.
وكانت شركة "ديلويت" للاستشارات الإدارية قد قدرت عام 2013 أن قطر ستنفق نحو 200 مليار دولار على البنية التحتية في الفترة التى تسبق البطولة.
وعلى الرغم من انتعاش سوق الأسهم القطرية بعد أن تراجعت بما يزيد على 4% نهاية الاسبوع المنصرم بعد اعتقال مسؤولين في الفيفا بتهم مرتبطة بالفساد، إلا أن ملف قطر عاد الى واجهة الأحداث العالمية. وهو وحتى في حال الإبقاء على البطولة في قطر، إلا أن سمعتها ستشهد انتكاسة كبيرة تضاف الى سلسلة الفضائح التي واكبت ملفها منذ الإعلان عن فوزها باستضافة كأس العالم 2022.
أما في حال إعادة التصويت فإن ذلك سيشكل ضربة قوية لمستقبل قطر بحسب وكالة بلومبيرغ، خاصة أن ما تنوي قطر إنفاقه يعد 18 ضعفاً ما أنفقته أي دولة استضافت بطولة كأس العالم من قبل و10 أضعاف ما تخطط روسيا لإنفاقه على تجهيزات استضافتها لكأس العالم عام 2018.
والأمر الأكثر ضررا في القضية القطرية هي التقارير المتعددة التي أفادت أن معظم الإنشاءات المخصصة لكأس العالم تتم من خلال استغلال العمالة المهاجرة الرخيصة أو بدون أجر. وقد مات المئات منهم بالفعل أثناء العمل في تلك المشاريع.
من جهتها، فإن روسيا التي تواجه ضغوطا وعزلة أوروبية وأميركية بسبب الأحداث الجارية في اوكرانيا وضمها للقرم، تعوّل على استضافتها لكاس العالم 2018 لجذب السياح وإظهار صورة مشرقة للعالم عكس تلك التي تروج لها.
ووفقاً لوزير الرياضة الروسي فيتالي موتكو فمن المتوقع أن يزور روسيا خلال كأس العالم 2018 العدد نفسه من السياح الذين زاروا البرازيل عام 2014 اي 700 الف شخص.
وسيكلف التحضير لكأس العالم بحسب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حوالي 666 مليار روبل (أكثر من 15.5 مليار دولار).
وكما حال قطر فإن سحب استضافة كأس العالم من روسيا سيشكل ضربة قوية جداً لها كدولة ولاقتصادها، ولبوتين على المستوى الشخصي، إضافة الى الضرر المعنوي الكبير الذي سيطال اسمها على الساحة الدولية وهي الساعية بجهد لترميم صورتها.
في النهاية، وبغض النظر عن وجود فساد من عدمه في الاتحاد الدولي لكرة القدم، يبقى الأكيد أن الزمن الذي كانت فيه كرة القدم مجرد رياضة تكتفي بلاعبين وكرة وجماهير قد ولّى الى غير رجعة.




%5من اعضاء فيفا يجهلون هوية بطل العالم

قبل ساعات من انطلاق إنتخابات الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) التي جرت في مدينة زيورخ السويسرية، تم الكشف عن فضيحة جديدة من شأنها أن تخلق علامات إستفهام كبيرة حول مدى معرفة ممثلي بعض الدول الأعضاء في مجال كرة القدم الذي يعملون فيه.
الصحافي الأميركي روب هاريس الموجود في قلب الحدث نشر تغريدة فاضحة عبر حسابه الشخصي في موقع "تويتر" للتواصل الإجتماعي، قال فيها إن 5% من ممثلي الدول الأعضاء في الفيفا من الذين سيقومون بالتصويت للمرشحين على منصب الرئاسة، فشلوا في الإجابة على سؤال حول هوية المنتخب الفائز بكأس العالم 2014 التي أقيمت الصيف الماضي في البرازيل.