حققت شركة طيران الشرق الاوسط أرباحاً بلغت 69 مليون دولار عام 2014، بنمو نسبته 9.5% عن العام السابق، وذلك على الرغم من أن الإيرادات الإجمالية تراجعت إلى 700 مليون دولار. السبب وراء نمو الأرباح هو تراجع أسعار النفط العالمية التي تُشكّل جزءاً مهماً من الكلفة الإجمالية التي تتكبدها شركات الطيران، إضافة إلى تحسن إجمالي في حركة المسافرين عبر مطار بيروت، من السياح والمغتربين والعابرين على حد سواء.
تعد الشركة المستهلكين بأنها ستُترجم تراجع أسعار المحروقات في أسعار بطاقات السفر، فهي حالياً تفرض كلفة فيول على البطاقات نسبتها 15% من السعر.
غير أنها حتى الآن تعتدّ بأرقامها الجديدة، وبما تعدّه خطة هيكلة أمنت لها صموداً خلال السنوات الصعبة الماضية، وتؤمن لها حالياً انتعاشاً نسبياً مع تحسن الحركة السياحية وحركة زيارة المغتربين.

انتقادات بنيوية

في الحقيقة، تتعرض الشركة لانتقادات كثيرة خاصة ببنيتها المؤسساتية وفي الوقت نفسه بأدائها السوقي.
فخلال الأعوام الأربعة الماضية شهدت MEA خضات ذات طابع نقابي ومؤسساتي، بدءاً من إضراب الطيارين والعمال التقنيين وصولاً إلى القصص الدرامية حول كيفية إدارة مكاتبها الخارجية وكيفية إنفاق أموالها. وحتى بياناتها المالية الأخيرة تبقى معطيات غير مؤكدة لعدم إمكان التحقق من صحتها نظراً لأن الشركة لا تنشر بياناتها على نحو شفاف.
من جهة أخرى، ظهرت الشركة على أنها عقبة حقيقية أمام رؤية سياحية طموحة تهدف إلى تعزيز نوع جديد من السياحة لم يعتده لبنان. ففي ظل غياب السائح الخليجي وأمواله لا بد من إغراء السياح الاوروبيين والمغتربين اللبنانيين من الطبقات الوسطى بأسعار بطاقات سفر تنافسية عبر الشركة الوطنية في إطار متكامل يشمل أيضاً أسعار الفنادق يكون عبارة عن رزم خاصة لمنافسة المحيط والتخلص من عقدة السياحة التقليدية؛ وليس خافياً على أحد أن هذه المقاربة لم تنجح.

رمزية قائمة

ولكن رغم السمعة المؤسساتية السلبية التي اكتسبتها الشركة بشكل مباشر أو عرضي، تبقى رمزاً قائماً ينضح بالثقة في نظر المغترب اللبناني، وحتى بنظر المقيمين.
لقد سوقت الشركة نفسها على أنها من الفئة العليا من شركات الطيران الإقليمية بل حتى العالمية، وذلك في وعي المسافر اللبناني بالحد الأدنى (يجب ألا ننسى أن هذا المسافر - المغترب هو في الوقت نفسه سائح في بلاده).
من منظور المقيمين في البلدان الأفريقية الغربية، الشمالية والشرقية تُعد الشركة الخيار المضمون في ظل الحوادث الكارثية التي تعرضت لها الشركات الأفريقية خلال السنوات الأخيرة ورسخت في الوعي الجماعي للمغتربين اللبنانيين أن الشركة الوطنية تؤمن راحة البال دوماً.
كذلك فإن السفر إلى بلدان الخليج العربي، يتحول في كثير من الأحيان إلى مفاضلة بين الشركات ذات التسعيرات التجارية التنافسية إنما ذات الخدمات المحدودة والمزعجة وبين الخدمات المعتادة التي يُقدمها "طيران الشرق الأوسط".
وحتى في الرحلات إلى أميركا الشمالية عادة ما يكون خيار "الشرق الأوسط" مغرياً لإتمام الجزء الأوّل من المشوار الذي يوصل إلى إحدى العواصم الأوروبية.
رغم السمعة المؤسساتية السلبية التي اكتسبتها الشركة بشكل مباشر أو عرضي، تبقى رمزاً قائماً ينضح بالثقة في نظر المغترب اللبناني


انطلاقاً من هذه المعطيات تُشبه طيران الشرق الأوسط إلى حد بعيد لبنان: رغم كل التعقيدات السياسية والأمنية التي تحوّلت وباء في بلاد الأرز، يبقى مقصوداً من قبل جزء كبير من السياح الإقليميين وحتى العالميين نظراً لفرادة التجربة الثقافية - الاجتماعية، المناخية - الجغرافية التي يؤمنها؛ رغم أن البلاد تعاني من ترهل البنى التحتية والخدمات العامة تتمتع بتأثير مخدر على السائح والمغترب على حد سواء.

مناعة وازدهار

المشكلة الحقيقية في نقاش كهذا، هو أن شركة الطيران الوطني والوطن أيضاً يُظهران مناعة تتحول في كثير من الأحيان إلى ازدهار غير عادي (صحيح أن منافعه تقطفها قلّة وأنه مشوب بالفساد، إلا أنه يبقى ازدهاراً بالمعنى الاقتصادي المطلق). فكيف الأمر إذا جرى تحسين بعض المعطيات الوطنية والمؤسساتية في هيكلية إدارة لبنان وشركته الوطنية؟ بالتأكيد، سيناريو كهذا سيضاعف أرباح MEA وسيدعم الأرباح الوطنية. ولكن السؤال هو من سيكتبه ومن سيتمتع بالجرأة الكافية لتنفيذه؟




هدوء نسبي

استفادت شركة طيران الشرق الأوسط من تحسن المؤشرات السياحية عموماً التي سجلها لبنان في العام الماضي لكي تحسن نتائجها المالية وتحافظ على مستوياتها السعرية الجامدة. فخلال عام 2014 بلغ عدد السياح الذين قدموا إلى لبنان 1.35 مليون سائح بارتفاع نسبته 6.3% مقارنة بالعام السابق. وهي المرة الاولى التي يسجّل فيها هذا القطاع نمواً خلال السنوات الأربع الماضية.
نتج هذا النمو من الهدوء النسبي الذي شهدته البلاد في النصف الثاني – الخطط الأمنية والتوافق على الحوار بين المكونات السياسية والطائفية - رغم استمرار الحرب السورية والأزمات الإقليمية التي ترتد سلباً على لبنان.
اللافت هو أن الوافدين من البلدان العربية كانوا في طليعة السياح الوافدين إلى لبنان، وذلك بعدما كان السياح الأوروبيون والأفارقة يتصدرون المشهد السياحي. ولهذا الوضع دلالات كثيرة حول علاقة السياح بلبنان وبخطوطه الجوية.
وقد انعكس هذا الإقبال على لبنان بطبيعة الحال نمواً في البيانات المسجّلة في مطار بيروت الدولي. حيث نما عدد المسافرين عبر هذا المرفق الحيوي بنسبة 4.9% وبلغ 6.55 ملايين مسافر، منهم 50% تقريباً من الوافدين، الذين نما عددهم بنسبة 6.4%.
يُشار هنا إلى أن عدد الطائرات التي مرت عبر المطار خلال العام الماضي بلغ 64578 طائرة وهو ثاني أعلى مستوى منذ عام 2005، طبعاً، بعد عام 2010 الذي يُعدّ قياسياً منذ بداية الحرب الأهلية.