منذ نشأتها في ثلاثينيات القرن الماضي، ظلّت شركة نيسان ترفض رفضا قاطعا فكرة تصنيع سيارات زهيدة الثمن خشية ان تفقد منتجاتها الغالية بريقها. هذا الواقع تبدد تدريجيا في ظل المنافسة الشديدة وغزو الاسواق الناشئة بمنتجات رخيصة.
في السنوات الخمس الماضية، وبعد ان عرفت غالبية مبيعات السيارات المصنوعة في الدول الاكثر تطورا في العالم (اوروبا، الولايات المتحدة، اليابان) تراجعا حادا وخسائر فادحة، احتلت الاسواق السريعة النمو مثل الهند والصين وغيرها ما يقارب 40% من حجم المبيعات الاجمالي، ويتوقع ان تصل هذه النسبة الى 60% عام 2016.

واقع مستجد

هذا الواقع المستجد، وبغية مواكبة التغيرات السريعة في عالم صناعة السيارات، ولإرساء وجود فعلي وتأمين انتشار أوسع في الاسواق، أنشأت الشركة اليابانية مصانع في الهند لخفض كلفة الانتاج. غير انها بقيت تبيع منتجاتها بالسعر نفسه كما لو كانت السيارات مصنوعة في اليابان او في الولايات المتحدة. كما سعت الشركة الى تقديم منتجات أرخص من منافساتها، خاصة سوزوكي وهيونداي، وبلغ عدد سياراتها المصنعة في الهند أكثر من 500 ألف منذ 2010.
هنا يطرح سؤال: «كم تبلغ نسبة ارباح نيسان؟ والى اي درجة تراعي معايير السلامة العالمية في بلد حديث العهد إلى حد ما بهذه الصناعات الثقيلة التي تطال حياة ملايين البشر حول العالم؟

الهند مفتاح

منذ حوالي خمس سنوات، باتت الهند مفتاحا استراتيجيا رئيسا لسوق نيسان. وقد سجلت، بحسب تقرير رسمي صدر حديثا، ارتفاعا في الارباح بنسبة 10 في المئة عام 2014 بفضل «خفض التكاليف»، إضافة إلى تراجع قيمة الين الياباني. وقد بلغ صافي الارباح المحققة للشركة جراء هذه الخطوة نحو 389 مليار ين (حوالي أربعة مليارات دولار).

خفضت نيسان
كلفة الانتاج غير انها بقيت تبيع منتجاتها بالسعر نفسه


في الواقع، خفضت نيسان التكاليف وأبقت على اسعار بعض سياراتها من دون تغيير، فزادت نسب الربح على حساب الزبائن الذين لم يحصلوا على ميزات إضافية جراء عمليات التوفير هذه، بل على العكس تراجعت النوعية على أكثر من صعيد، من جسم السيارة ومتانتها مرورا بالميزات الميكانيكية للمحرك، وليس انتهاء بشروط ومستلزمات الامان. ومع كل هذا، تكمن المشكلة الفعلية في كيفية خفض التكاليف، اذ ان ذلك لا يقتصر فقط على اجور اليد العاملة او تجميع السيارة في الهند، بل ان الشركة اليابانية تصنّع قطع أجزاء السيارات في الهند. وهنا الخطورة الحقيقية. اذ باتت هذه التغييرات تعني بالنسبة الى الكثيرين ان السيارات اصبحت أقل جودة، فـ 73% من سيارات نيسان لم تعد تنتج في اليابان أو في الولايات المتحدة بل في الهند والصين.
هذا الواقع يبرر معاناة سيارات نيسان من عدة مشاكل في الوسائد الهوائية اضافة الى مشاكل كهربائية، وعيوب في المكابح والمحرك، الى جانب عيوب فنية أخرى عديدة.
وقد دفع هذا الامر ادارة الشركة الى استدعاء آلاف السيارات المصنوعة في الهند، خاصة «ميكرا» و»صاني»، من الاسواق تلافيا لمشكلات قد تتحول كارثية. لكن هل تم استدعاء السيارات التي فيها عيوب من لبنان والدول النامية؟ ولاي درجة تقوم الجهات الرقابية بعملها من خلال مراعاة معايير السلامة العالمية خاصة واننا لا نزال نجد سيارات مستوردة الى لبنان لا تحتوي على وسائد هوائية او نظام منع انغلاق المكابح! أما في ما يتعلق بحماية حقوق المستهلك اللبناني في حال حدوث مشكلة ما، فحدث ولا حرج...
من كان يدرك ان منظمة سلامة السيارات العالمية أرغمت نيسان على اخضاع سياراتها المصنوعة في الهند لاختبار السلامة من برنامج تقييم السيارات الجديدة ncpa وان تلك السيارات قد حازت على صفر كونها تغفل حتى عن أدنى المعايير الفنية والتي تعتبر اساسية ومفروضة.
بات بالامكان القول ان نيسان خيبت آمال الكثير من زبائنها بعد أن أطلقت العنان لزيادة الارباح عبر «الانتاج التجاري البحت» غافلة عن سلامة الناس، لتصبح العيوب الفنية لعنة تطارد الشركة...