دبي - «الأخبار»في السياسة، قد تخسر دول الخليج بعض النقاط لصالح إيران، وكذلك الامر في الاقتصاد، حيث يتوقع أن ينمو الاقتصاد الإيراني بنحو 6% عام 2016 بينما ينمو الآن بنسبة 3% فقط، ما يعني أنه سينمو بمقدار الضعف، بينما توقع صندوق النقد الدولي أن تحقق السعودية نسبة نمو بنسبة 2.7% والإمارات 3.5%.

إلا أن هذه الدول ستستفيد أيضاً، وبشكل كبير، من آثار الاتفاق النووي الإيراني، وهي قادرة على النظر الى النصف الملآن من الكوب بدل التلهي والتركيز في النصف الفارغ، مع كل ما قد ينتج من ذلك من انعكاسات سلبية تجنب الطرفين كليهما الاستفادة من هذا الاتفاق واستثماره اقتصادياً.
وهذا التمييز ما بين النصفين من الكوب هو ما يميز العلاقات الإيرانية ــــ الإماراتية. فرغم الاختلافات الواضحة في الرؤى السياسية خصوصاً في ما يتعلق بالجزر الثلاث المتنازع عليها بين البلدين، طنب الكبرى وطنب الصغر وأبو موسى، جعل كلا الطرفين من الاقتصاد قاعدة صلبة يؤسس عليها تعاون وثيق بينهما حتى في أصعب الظروف.
فالإمارات العربية المتحدة تعتبر من أكبر المستفيدين من هذا الاتفاق الذي يتوقع أن ينعش القطاع العقاري في هذه الدولة وخصوصاً في إمارة دبي كما يقدر خبراء متابعون. إذ كانت ايران، قبل فرض العقوبات عليها، أكبر الشركاء التجاريين للإمارات.
وفي هذا السياق، تشير مجلة «إيكونوميست» الى أن نحو 400 ألف إيراني يعيشون في دولة الإمارات، ومعظمهم في دبي، كما تضم الإمارة حوالى 10 آلاف شركة إيرانية وهو ما يجعل الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين على رغم تراجع حجم التعاون التجاري بين الدولتين منذ عام 2011 بسبب العقوبات المفروضة على طهران.
مع هبوط أسعار النفط بنسبة 54% خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة تعرضت السوق العقارية في الإمارات العربية المتحدة لهزة عنيفة نتج منها انخفاض في مستويات الصفقات العقارية في أبوظبي ودبي والشارقة، وذلك بحسب أحدث تقرير صادر عن شركة الاستشارات العقارية الدولية Cluttons.
وبحسب التقرير، يتوقع أن تشهد أسعار النفط مزيداً من الانخفاض مع حصول إيران على الضوء الأخضر لبدء تصدير النفط، ما سيؤثر في معدلات الطلب على المساحات المكتبية، وبالتالي سيكون له تأثير في معدلات الطلب في ما يتعلق بالوحدات السكنية، حيث يتوقع أن يشمل هذا التأثير أكبر ثلاث إمارات في البلاد.
ووفقاً لـ Cluttons فإنه مع الرفع المرتقب للعقوبات التجارية على إيران، من المرجح أن يصبح الإيرانيون مشترين رئيسيين للعقارات في دولة الإمارات العربية المتحدة وبخاصة في إمارة دبي مجدداً، ما سيشكل دفعة للقطاع العقاري في الإمارة، الأمر الذي يدفعهم مرةً أخرى نحو صدارة قائمة مشتري العقارات من حيث الجنسيات. ففي عام 2010 استحوذ المواطنون الإيرانيون على 12٪ من التصرفات العقارية في دبي، ما وضعهم في المركز الرابع بعد الهنود والبريطانيين والباكستانيين.

الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري لإيران بعد الصين
كذلك أشارت بيانات دائرة الأراضي والأملاك بدبي إلى تضاؤل في أحجام الاستثمارات الإيرانية بنسبة 3٪ فقط خلال الربع الأول من عام 2015.
بالإضافة إلى ذلك، توقع خبراء اقتصاديون تطلع الشركات العالمية بشكل أكبر الى خدمة أي عمليات إيرانية تنطلق من دبي، والتي ستضع مرة أخرى ضغوطاً تصاعدية على إيجارات الدرجة الأولى في المناطق الثانوية، وبخاصة المناطق الحرة الرئيسية في المدينة مثل مركز دبي المالي العالمي، ومدينة دبي للإنترنت، ومدينة دبي للإعلام، وحي دبي للتصميم والمنطقة الحرة بمطار دبي.
وللدلالة على مدى شهية المستثمرين الإيرانيين للعقارات في الإمارات عموماً وإمارة دبي خصوصاً، أظهرت بيانات لحكومة دبي عام 2012 أن مستثمرين ايرانيين اشتروا مساحات عقارية بقيمة 128 مليون دولار في برج خليفة أعلى برج في العالم خلال الأشهر الستة الأولى من العام مستخدمين الدفع النقدي في كثير من الأحيان بعدما قيّدت العقوبات الغربية التعامل مع البنوك. وشكل الإيرانيون ثاني أكبر المشترين للشقق الفاخرة والمساحات التجارية في البرج بعد الهنود في النصف الأول من عام 2012.
قد لا يلغي الانفتاح الاقتصادي والمصلحة المتبادلة بين دول الخليج وإيران رواسب الماضي والمخاوف من المستقبل. ولكنه من دون أدنى شك يشكل فرصة لفتح ثغرة في الحائط المسدود، فهل ينجح التجار ورجال الأعمال حيث فشل رجال السياسة والدبلوماسية؟




عقارات لبنان... أفضل من لندن

يشير المدير العام لشركة «رامكو» العقارية رجا مكارم الى أن اللبنانيين المقيمين في دبي «غطسوا» في الاستثمار العقاري نظراً إلى أنهم لمسوا حماوة جراء ارتفاع الأسعار، بعضهم استثمر واستفاد والبعض الآخر خسر ما ربحه ولم يعد متحمساً للاستثمار من جديد. أما بالنسبة إلى الاستثمارات الوافدة من لبنان باتجاه القطاع العقاري في دبي فهي ضئيلة جداً وتكاد لا تذكر. ومقارنةً بدبي لا يزال القطاع العقاري في لبنان من أثبت الاسواق العقارية في العالم، نظراً الى أن أسوأ ما شهدناه كان توقفاً في ارتفاع الأسعار في بيروت من عام 2010 حتى يومنا هذا.
ويلفت مكارم الى أنه على الرغم من أنه من كبار المتحمسين للتوظيف في القطاع العقاري في لندن، فإن الاستثمار في لبنان أنجح من الاستثمار في لندن. إذ أن «الارتفاعات التي شهدناها خلال آخر 10 سنوات في لبنان احتجنا 25 سنة لنشهد مثلها في لندن».