رحّلت السلطات الفرنسية إمام مسجد في مدينة مرسيليا، معروف بخطبه «المتطرفة»، إلى الجزائر صباح أمس، وذلك وفق ما أفادت مصادر في وزارة الداخلية. وكان الهادي دودي (63 عاماً) قد تبلّغ الثلاثاء الماضي قرار الترحيل الصادر عن وزارة الداخلية بسبب خطبه، بيد أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان علّقت التنفيذ قبل أن تعود لإعطاء الضوء الأخضر أول من أمس.وكان نبيل بودي، وهو محامي هذا الإمام، قد تقدم بشكوى أمام المحكمة الأوروبية، مشيراً إلى «خطر تعرض موكله للتعذيب» إذا طردته السلطات الفرنسية إلى الجزائر.
ومنحت المحكمة الحكومة الفرنسية مهلة 72 ساعة «لجمع المعلومات الإضافية الضرورية لاتخاذ قرار على بيّنة». وأودع إمام «مسجد السنة» في وسط مرسيليا قيد الاحتجاز الإداري، وكان متهماً بإلقاء خطب شديدة التطرف.
وكانت شرطة مرسيليا تراقب الإمام منذ فترة وتعتبره «مرجعاً» للسلفية في فرنسا، وخصوصاً على الإنترنت وتشعر بالقلق إزاء نفوذه المتزايد. وأغلقت مديرية الشرطة «مسجد السنة» في وسط مرسيليا في أواخر 2017. وأكد ذلك مجلس الدولة، أعلى سلطة إدارية في فرنسا، في 31 كانون الثاني الماضي، وبررت المديرية ذلك آنذاك بأن خطب الإمام تدعو إلى «دحر الكفار والقضاء عليهم» وتحض على «الثأر بحق الذين يعصون الله ونبيه والذين عقابهم الإلهي القتل أو الصلب». كما أشارت إلى خطب «تشير إلى اليهود بأنهم أنجاس وتدعو إلى قول الشهادة في الأماكن العامة لإخافة الكفار». واستندت المديرية في ذلك إلى مذكرة للاستخبارات تحلل 25 خطبة تلاها الإمام بين كانون الثاني 2013 وأيلول 2017، واستعادتها وزارة الداخلية بعدها لبدء إجراء قضائي في شباط الماضي.
في هذا السياق، قالت وزارة الداخلية في طلب الترحيل إن الأمر يتعلق خصوصاً «بأعمال تحريض صريحة ومتعمدة على التمييز والكراهية والعنف ضد شخص محدد أو مجموعة من الأشخاص». وفي رأيها المؤيد لطلب الطرد بتاريخ 8 آذار، رأت لجنة مكونة من قضاة إداريين وقضائيين بمرسيليا أن «تحليل الأيديولوجيا التي يروج لها دودي... يظهر أنه يقصي الآخر».
واتخذت مديرية شرطة منطقة بوش دو رون (جنوب شرق) في 11 كانون الأول 2017، قراراً بغلق «مسجد السنّة» ستة أشهر. وفي مقابلة مع صحيفة «وست فرانس» أواخر آذار الماضي، أوضح وزير الداخلية جيرار كولومب، أن السلطات رحلت «20 أجنبياً متطرفاً» يقيمون في وضع قانوني من البلاد في 2017 وأنه رقم «غير مسبوق».

أقوال متنازع عليها
مثَل دودي الذي أتى إلى فرنسا في 1981، وله سبعة أولاد؛ ثلاثة منهم قاصرون، أمام لجنة مؤلفة من قضاة إداريين وشرعيين من مرسيليا أعطت موافقتها على الترحيل في الثامن من آذار الماضي. وقالت اللجنة إن «تحليل الأيديولوجيا التي يروج لها دودي... يظهر أنه ينفي الآخر في فرادته وإنسانيته»، مضيفة أن تعريف الإمام للآخر «يقتصر على جنسه وانتمائه لعرق أو ديانة أو فئة من الناس، وهو ما يمس المبادئ الأساسية للجمهورية».
إلّا أن الإمام نفى أي تحريض على الكراهية. وعند إغلاق المسجد، أكد المصلون الذين يقصدونه أنهم كانوا يأتون بحثاً عن توجه سلفي «هادئ»، وقراءة حرفية لأركان الإسلام، لكن معارضة للعنف الذي يدعو إليه «الجهاديون».
يُذكر أن طرد الإمام يأتي بعد أقل من شهر على ترحيل الإمام المساعد لمسجد تورسي (المنطقة الباريسية) محمد تلاغي في 28 آذار الماضي، إلى المغرب بسبب «خطبه المتطرفة» وبموجب قرار صدر في الثاني من آذار.