يلتقي ممثلو نحو مئتي دولة ابتداءً من اليوم، في ألمانيا، لبحث سبل تعزيز مكافحة الاحترار ومفاعيله المدمّرة وإقرار وتوسيع المساعدة للفئات الأكثر هشاشة، سعياً لإعطاء دفع للمؤتمر المقبل حول المناخ المقرر عقده في تشرين الثاني في مصر.
بعد ستة أشهر على مؤتمر المناخ «كوب 26» الذي عُقد في غلاسكو، وأكد على هدف الحد من ارتفاع حرارة الأرض بمقدار 1,5 درجة مئوية، وهو هدف يبدو مستحيلاً حالياً في وقت ارتفع متوسط درجة حرارة سطح الأرض حتى الآن 1,1 درجة مئوية مقارنة بمستوى عصر ما قبل الصناعة، ستسعى هذه «الجولة المرحلية» من المفاوضات حول البيئة للحفاظ على التقدم الطفيف الذي حقّقه المؤتمر.

ومنذ ذلك الحين، شهد العالم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وانعكاساتها على أسواق الطاقة والمواد الغذائية.

وأعلنت رئيسة وكالة الأمم المتحدة للمناخ، والتي تتخذ مقراً في مدينة بون الألمانية، باتريسيا إسبينوزا، قبل انعقاد الاجتماع «أننا بحاجة إلى قرارات وخطوات الآن ويعود لكل البلدان أن تحقق تقدماً في بون».

فقبل أشهر قليلة من مؤتمر «كوب27» المقبل بين 7 و18 تشرين الثاني في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر، لا تزال بعض النقاط عالقة.

وفي طليعة هذه النقاط خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تتسبب بالاحترار. وطلب اتفاق غلاسكو من الأطراف «إعادة النظر وتعزيز» أهدافها لعام 2030 «للتماشي مع أهداف اتفاق باريس لخفض درجة الحرارة بحلول نهاية عام 2022».

وشهد اتفاق باريس الذي أُبرم في عام 2015 ويشكل الحجر الأساس في مكافحة التغيّر المناخي، موافقة الدول الموقّعة على حصر الاحترار بـ«أقل بكثير» من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي، و1,5 درجة إذا أمكن.

إلا أن دولاً كثيرة لا تلتزم بتعهداتها الحالية التي تجعل في الأساس أهداف باريس مستحيلة، برأي خبراء الهيئة الحكومية المعنية بتغير المناخ.

ويرى الخبراء أن العالم يتبع حالياً مساراً كارثياً، مقدرين أن يبلغ الاحترار 2,8 درجة مئوية. ولم تقدم سوى دول قليلة التزامات جديدة بالأرقام.

ويتعين بالتالي إنعاش الجهود من أجل أن يفضي مؤتمر المناخ في شرم الشيخ إلى «تدابير جريئة وملموسة مدعومة بخطط محددة» من أجل تحقيق التغير الضروري «قبل أن يفوت الأوان»، على حد قول إسبينوزا.

وقال مدير معهد البحث حول وطأة التغير المناخي في بوتسدام، يوهان روكسروم، إن هناك في الوقت الحاضر «فصلاً بين الأدلة العلمية على أزمة عالمية ترتسم مع وطأة لا يمكن تصورها على المناخ، وقلة التحرك».

ومن الملفات الساخنة التي ستُطرح في بون المساعدة التي يترتب على الدول الغنية التي غالباً ما تكون مسؤولة عن أعلى انبعاثات للكربون، تقديمها للدول الفقيرة التي تتحمل قدراً أقل من المسؤولية عن الاحترار لكنها غالباً ما تكون في الصفوف الأمامية لمواجهة مفاعيله.

ولم تتحقق حتى الآن الوعود التي قطعتها الدول الغنية في عام 2020 بتقديم مساعدات بمقدار مئة مليار دولار في السنة للدول الفقيرة لمواجهة تحديات التغير المناخي. وفي مواجهة تزايد موجات الجفاف والفيضانات والحرائق وارتفاع مستوى مياه المحيطات، بات الملف المطروح على طاولة المفاوضات يتعلق بتمويل محدد عن «الخسائر والأضرار» الناجمة عن الكوارث التي لم يعد بالإمكان تفاديها.

ورفضت الدول الغنية هذا الطلب في غلاسكو وتم التوصل أخيراً إلى تسوية تقضي بإنشاء إطار «حوار» حتى عام 2024 لـ«مناقشة سبل التمويل».

غير أن الريبة لا تزال قائمة. وحذّر تحالف الدول الجزرية الصغيرة «Aosis» من المخاطر، مطالباً بوضع «رؤية واضحة تحدد متى وكيف (يطبق) التمويل المحدد للخسائر والأضرار».

واعتبر الباحث في معهد «ستوكهولم» للبيئة، ماغنوس بنزي، أنه من الأساسيّ أن تتوصل الأطراف إلى وضع رد شامل. وأضاف: «علينا الربط بين المخاطر المعمّمة التي يواجهها العالم ومنها مخاطر أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن التغير المناخي» والتي ظهرت بوادرها مع النزاع في أوكرانيا، لكنه قال محذّراً: «سوف نفوّت هذه الفرصة إذا طرحنا فقط مسألة التكيف من منظار نحن أو هم».