القاهرة | على رغم أن الخفض الجديد المرتقب لقيمة الجنيه المصري سيحمل انعكاسات اقتصادية، من شأنها أن تزيد من حدّة الفقر، يتّجه النظام نحو ضخّ مزيد من الأموال في مجال الإعلام، من أجل الترويج لجهود «إنقاذ الفقراء» عبر مساعدات وإعانات اجتماعية تسجِّل أرقاماً قياسية، على غرار تلك التي يسجّلها الجنيه في مسار تهاويه أمام الدولار. وكانت الدائرة المحيطة بالرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، قد عقدت، في الأيام الماضية، عدّة اجتماعات للتعامل مع تداعيات حالة الغضب المعتملة في الشارع، فضلاً عمّا رصدته الأجهزة الأمنية من ضيق عارم لدى المصريين نتيجة ارتفاع الأسعار، ونقص السلع في بعض المناطق.وتسير الخطّة الحكومية المُشار إليها على مسارَين متوازيَين: الأوّل مرتبط بمزيد من الحملات الدعائية والترويجية للسلع المخفّضة التي توفّرها منافذ الشرطة والجيش والتي تتغيّر أسعارها من منطقة إلى أخرى؛ والثاني مرتبط بالإعلان عن توزيع سلع مجانية وتوسيع قاعدة المستفيدين من الدعم الاجتماعي عبر الجمعيات الأهلية التي باتت تعاني هي الأخرى من نقص حادّ في التبرّعات، على رغم وجود تصوّر لدى الدولة لإمداد بعض الجمعيات بالأموال مباشرةً أو عن طريق إجبار بعض رجال الأعمال على التبرّع لها من أجل تلبية جزء من احتياجات قطاع عريض من المستفيدين الجدد. وتفيد مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، بأن تعليمات صدرت إلى المحطّات الفضائية ووسائل الإعلام المملوكة للدولة، بتكثيف نشر أخبار المشروعات والقرى التي تمّ تحسين جودة الحياة فيها وغيرها من الأمور التي تُصدّر «إنجازات» الرئيس، إلى جانب التركيز على ارتفاع التضخم في أوروبا والولايات المتحدة ونقص السلع في الأسواق الأوروبية. وتتضمّن الخطة الإعلامية، أيضاً، تصوير العديد من الأُسر التي تتلقّى أموالاً وهدايا من الدولة عبر الجمعيات الأهلية، لإظهار اهتمام الدولة بالمواطن، في وقت سيتمّ فيه تسويق أرقام ومؤشّرات مبالَغ فيها أداء الاقتصاد المصري، من أجل تحسين صورة النظام، وهي خطوات بدأت بالفعل عبر اللجان الإلكترونية التابعة للدولة على المنصّات المختلفة. وتروّج هذه اللجان، كذلك، للثقة بالسيسي، وقدرته على إدارة الأزمة، وتطلب من المواطنين تحمُّل الظروف الصعبة التي يعيشها العالم.
يعمل مجلس الوزراء على الترويج لـ«الإنجازات» والحديث عن المشروعات الجاري تنفيذها


وعلى رغم أن مجلس الوزراء يحاول بشكل مستمرّ، عبر العديد من مسؤوليه والصحافيين المحسوبين عليه، الترويج لـ«الإنجازات» والحديث عن المشروعات الجاري تنفيذها والتي ستدخل الخدمة قريباً - ومن بينها مشروعات القطار الكهربائي -، إلّا أن هذه المشروعات لن يكون لها تأثير واضح على الأسعار، فيما وجّهت الرئاسة بالعمل على إبراز ملفّات عدّة على اعتبار أن الدولة تحاول تحقيق تقدُّم فيها للوصول إلى الاكتفاء الذاتي. أمّا تبريرات انخفاض قيمة الجنيه مع عودة التضييق على الواردات، فلا تعدو كوْن ذلك خطوة على طريق حصول القاهرة على شريحة جديدة من قرض «صندوق النقد الدولي» المقدَّر بـ 3 مليارات دولار، والاتفاق على قرض آخر، إلى جانب الاستثمارات الخليجية المرتقبة التي تنتظر تراجع هذه القيمة للدخول إلى السوق المصرية، وسط توقعات بتراجع الجنيه ليصبح عند نحو 40 جنيهاً أمام الدولار، في وقت يُتداول فيه عند سعر 31 تقريباً في المصارف، و34 في السوق السوداء. وعليه، يبقى السؤال المطروح عن مدى قدرة اللجان الإلكترونية والأذرع الإعلامية على احتواء الغضب الشعبي، ولا سيما مع عزوف المواطنين عن متابعة إعلام النظام الذي بات يقدِّم معلومات مغلوطة ويتجاهل العديد من الأحداث المهمّة محليّاً، وآخرها عدم نشر قرار زيادة أسعار المحروقات في الأسبوع الماضي بناءً على تعليمات أمنية.