للمرّة الأولى يُجبَر النظام المصري على التراجع عن قرار مرتبط بالاقتصاد، تحت وطأة التحرّك الشعبي
وبسبب عجْز الحكومة عن توفير الأموال اللازمة للشركة الجديدة من أجل بدء أعمالها، فهي أسندت للشركة بالأمر المباشر تقديم الخدمات والحصول على مقابل تأديتها من المموّلين، إضافة إلى نسبة من الرسوم تخصّص لوزارة المالية، الأمر الذي يعني أن على المطالبين بتسديد ضرائبهم للحكومة دفْع الضرائب والرسوم للشركة التي تحصّلها. وبخلاف التعقيدات الروتينية المطلوبة لإثبات الدخل والأموال المصروفة في الأعمال وغيرها من الإجراءات بما فيها رسوم التوقيع الإلكتروني فضلاً عن فرْض ضريبة القيمة المضافة، يواجه المحامون مشكلات تتعلّق بحصولهم على فواتير خاصة بجميع النفقات التي يقومون بدفْعها في المحاكم، بسبب النظام اليدوي المتّبع. ويعود جزء من الأزمة الرئيسة المرتبطة بالمحامين، إلى كثرة الالتزامات التي لا يتمّ الحصول بموجبها على فواتير رسمية يمكن اعتمادها، وهو ما يهدّد أعمالهم في ظلّ تعثُّر العديد من الموكلين عن سداد التزاماتهم المالية بسبب الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار تصوير الأوراق وتضاعفها بنسبة 400%.
وأجبرت قوّة احتجاج المحامين وصوتهم المرتفع، النظام على تلبية مطلبهم ولو بشكل مؤقّت، في حين تعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها منذ سنوات، والتي يجبَر فيها النظام على التراجع عن قرار مرتبط بالاقتصاد، تحت وطأة التحرّك الشعبي المنظّم.
لكن في مقابل الاستجابة لمطالب المحامين، كان لافتاً تجاهل التظاهرة التي شارك فيها وزيرا الخارجية السابقَين عمرو موسى ومحمد العرابي، إلى جوار عدد من الوزراء السابقين للاعتراض على عملية إزالة الأشجار من حي الزمالك في قلْب القاهرة لإنشاء موقف للسيارات. مفاجأة اشتراك وزراء سابقين في التظاهر ضدّ قرارات النظام، كانت صادمة حتى في أوساط الجهات المسؤولة التي لم تعرف كيف تتصرّف معهم. فعلى رغم أن التظاهرة كانت محدودة ولمدّة ساعتين تقريباً، إلا أن الأمن لم يتعامل معها على الإطلاق، علماً أن القانون يجيز توقيف جميع المشاركين لمخالفتهم تعليمات التظاهر والتجمهر.