القاهرة | على رغم إعادة تشكيل لجنة للعفو الرئاسي بقرار من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، في محاولة لخلْق مشهد سياسي يساهم في تعزيز شرعية النظام، ومساندة إجراءاته الاقتصادية التي تهدف إلى رفع الدعم وتحميل المواطنين تبعات الإخفاق الاقتصادي في السنوات الماضية، صار واضحاً أن ملفّ المعتقلين السياسيين بالذات لا يلقى ترحيباً واستجابة من قِبَل رموز النظام من «الضباط الكبار»، الذين يرون أن الإسراع في معالجة هذا الملفّ سيعبّر عن ضعف تُعانيه السلطة، وسيُعدّ تنازلاً من قِبَلها لصالح المعارضة التي عانت لسنوات من التهميش والتنكيل. صحيح أن لجنة العفو الرئاسي سهّلت الإفراج عن مئات من الشباب المسجونين، سواءً عبر قرارات من النيابة العامة، أو بقرارات عفو رئاسي مباشرة كما حدث مع حسام مؤنس، إلّا أنه بات جلياً أن عملية الإفراج تخضع في المقام الأوّل لأهواء الضابط المسؤول عن وصول الأسماء إلى رئيس الجمهورية. وحتى لدى الرئيس نفسه، لا يبدو، إلى الآن، أن ملفّ المعتقلين يحظى بأهمية كبيرة، خاصة في ظلّ وجود التزامات أخرى على المستويَين الدولي والإقليمي. لكن يَظهر واضحاً أن السيسي يواجه ضغوطاً من السفارات الأجنبية، عبر «المجلس القومي لحقوق الإنسان»، بخصوص الإفراج عن هؤلاء.
ثمّة قناعة لدى النظام بضرورة وضع حدّ للانتقادات المرتبطة بالوضع السياسي الداخلي

وفي خضمّ ذلك، خرج عضو لجنة العفو الرئاسي، كمال أبو عيطة، الأسبوع الماضي، منتقداً بطء الإجراءات في الإفراج عن المعتقلين، مُصوِّباً على الجهات المعنيّة التي لا تُظهر أيّ استجابة بعد رفع الأسماء إليها، كما لا تحدّد موعداً للردّ على رغم أحقّية أصحاب هذه الأسماء، ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر، المحامي زياد العليمي، الذي صدر حُكم بالحبس ضدّه في القضية نفسها التي صدر فيها حُكم حبس ضدّ حسام مؤنس. وفي حديث إلى «الأخبار»، يقول عضو في اللجنة، رفض الكشف عن اسمه، إن «هناك مشكلة مع كلّ المسجونين على خلفية ثورة 25 يناير، ومن بينهم زياد العليمي وعلاء عبد الفتاح وآخرون من الشباب المعروفين بمواقفهم السابقة التي انتقدت الحُكم العسكري قبل أن يتمّ الزجّ بهم في السجون». ويضيف المصدر أن «المشكلة ليست في الرئيس، ولكن في مَن ترسَل الأسماء إليه، وهو ما دفع اللجنة إلى تصدير بعض الوجوه غير المحسوبة على ثورة يناير من أجل تمرير إجراءات العفو». ويشير إلى أن «بعض الشخصيات ذات الصلة المباشرة بعسكريين، ومن بينها المخرج خالد يوسف، تقوم بأدوار كبيرة في محاولة لتخفيف الاحتقان الموجود لدى بعض الشباب، بخاصة الذين قضوا أكثر من عامَين في السجن، وسط تعهّدات بأن من سيحصل على العفو لن ينخرط في أعمال مناهضة للنظام أو يدعو إلى إسقاطه، وهو أمر ساهم في حلحلة مشكلة بعض الأسماء»، مستدركاً بأنه «في المقابل، هناك أسماء أخرى لا تزال تواجه بعض المشكلات». ويؤكّد عضو اللجنة أن «حلّ العناد» المرتبط ببعض الأسماء «مسألة وقت لا أكثر»، وأن «خروج غالبية الأسماء التي قُدّمت صار وشيكاً، وهو أمر قد ينتهي في غضون شهرَين إلى ثلاثة أشهر لأسباب عدّة»، مبرّراً تفاؤله بوجود «قناعة لدى النظام بضرورة وضع حدّ للانتقادات المرتبطة بالوضع السياسي الداخلي قبل قمّة المناخ المُقرَّرة في تشرين الثاني المقبل في شرم الشيخ».
وبحسب مصادر مطّلعة تحدّثت إلى «الأخبار»، فإن أسماء معروفة يُتوقّع الإفراج عنها خلال الأيام المقبلة ضمن العفو الرئاسي الذي سيصَدر بالتزامن مع عيد الأضحى، في وقت يَعِد فيه «المجلس القومي لحقوق الإنسان» بتقرير سيصدر للرأي العام حول هذا العفو، وذلك قبيل القمّة الأميركية التي يشارك فيها الرئيس المصري في السعودية، في خطوة تستهدف تخفيف الانتقادات الأميركية لسجلّ مصر الحقوقي.