على الجانب الآخر، تدرك إسرائيل أن الخط الجديد سيساعدها على ضخّ الزيادات الإنتاجية لديها، فمن المتوقّع بحسب وزارة الطاقة الإسرائيلية أن تزداد قدرة التصدير لديها إلى ثمانية مليارات متر مكعب سنوياً بحلول عام 2023، من خمسة مليارات متر مكعب سنوياً في الوقت الحالي. وفي ظلّ لا جدوى مشروع الربط بأوروبا وإسالة الغاز لبيعه، ستلجأ إسرائيل إلى بيع الغاز لمصر. وهو الأمر الذي يؤكده يوسي أبو، الرئيس التنفيذي لشركة «ديليك» للحفر، صاحبة الامتيازات بحقل ليفياثان: «مصر تملك كلّ الخصائص والظروف لكي تصبح مركزاً عالمياً للطاقة، وهو ما سيتطلّب كمّيات إضافية من الغاز من إسرائيل، وقبرص، والمناطق المحيطة لتكون بؤرة لتجارة الغاز على المستويين الإقليمي والعالمي».
حلم التحوّل إلى مركز للطاقة
تعيش مصر تطوّراً اقتصادياً ملحوظاً؛ مؤشرات مرتفعة، صادرات زائدة، واردات متراجعة، حجم استثمارات هو الثاني في المنطقة... ويدرك النظام المصري أن الغاز الطبيعي المكتشَف أصبح «قاطرة» لاقتصاده. ففي مصر لا صوت يعلو فوق صوت الطاقة. يظهر ذلك في اهتمام رأس النظام شخصياً، و طموحه في أن تتحوّل البلاد إلى بؤرة لتجارة الغاز عالمياً، مدعومة بخصائصها الاستكشافية و موقعها الجغرافي، كوصلة بين ثلاث قارات. وكان بدأ النظام المصري منذ 2014 بترسيم الحدود البحرية، وبناء قواعد تأسيسية لإنشاء «منتدى شرق المتوسط»، مع كلّ من قبرص واليونان وإسرائيل والأردن وإيطاليا، ثم تكلّلت الجهود باكتشاف حقل ظُهر للغاز.
تدرك إسرائيل أن الخط الجديد سيساعدها على ضخّ الزيادات الإنتاجية لديها
لكن، في ظلّ الاستهلاك الداخلي لأغلب إنتاج الغاز المصري، كيف لمصر أن تصبح مركزاً للطاقة؟ بحسب التقارير، تنتج مصر نحو 6.550 مليار قدم مكعبة يومياً، يستهلك منها داخلياً نحو 6 مليارات قدم في تغذية شبكة الكهرباء (رأس الحربة الأخرى في استراتيجية مصر لبيع الطاقة)، لتتبقى نسبة ضئيلة جداً تدخل عملية التسييل ثم التصدير. إلا أن النظام في مصر يريد تغيير ذلك. وقد ظهرت استراتيجيته لتحقيق رؤيته في جعل القاهرة بؤرة لتبادل الطاقة عالمياً، في 29 أيلول 2018، حين أعلنت مصر اكتفاءها الذاتي من الغاز الطبيعي وبدأت في شراء الغاز من الجوار. وفي 19 شباط 2018، أعلنت شركة مصرية خاصة، هي «دولفينوس القابضة» التي يقودها مقربون من النظام، إبرام اتفاق لاستيراد غاز طبيعي بقيمة 15 مليار دولار من إسرائيل على امتداد 15 عاماً. وفي أيلول 2018، وقّعت مصر اتفاقاً لربط حقل «أفروديت» القبرصي بمحطتَي التسييل إدكو ودمياط بتكلفة مليار دولار. ومنذ 2021، بدأت مصر تحصيل مكاسبها من تسييل الغاز وإعادة بيعه. فوفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري 2021، حققت صادرات مصر من المنتجات البترولية ارتفاعاً، مدفوعةً بشكل أساسي بزيادة صادرات البلاد من الغاز الطبيعي التي سجَّلت أعلى قيمة لها في 3 أعوام. ومنذ بداية 2021، ارتفعت شحنات الغاز الطبيعي المسال المصدّرة، إلى 9 شحنات شهرياً، فيما تتوقَّع الحكومة إنتاج نحو 4.5 مليون طن من الغاز سنوياً، بما يسهم في زيادة الطاقة التصديرية إلى 12.5 مليون طن.