القاهرة | أسدلت المخابرات العامة المصرية الستار على فصل جديد من صراع الأجهزة، باستصدار قرار من النيابة العامة، وتأييد من قاضي المعارضات، بحبس الدكتور أيمن منصور ندا، رئيس قسم الإذاعة والتلفزيون في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، بشكل مؤقّت لمدّة 15 يوماً، على خلفية انتقاده منظومة الإعلام التي تديرها المخابرات، وتسليطه الضوء على مخالفات رئيس الجامعة، محمد عثمان الخشت، المدعوم من الجهاز، بالاستفادة من أوراق موجودة لدى الفريق المعارض لسيطرة المخابرات على الجامعة، عمد إلى نشرها عبر صفحته على موقع «فايسبوك». ومن شأن الزجّ بندا خلف القضبان على ذمّة التحقيق معه في تهمة السبّ والقذف، أن يشرّع الباب على فتح العديد من الملفّات بوجهه، في ظلّ تعدّد البلاغات المُقدَّمة ضدّه، سواءً من رئيس جامعة القاهرة أو من شخصيات أخرى في الجامعة ضمن الدائرة المقرَّبة منه.
(من الويب)

وعلى رغم أن الصراع في ظاهره هو بين أستاذَين، إلّا أنه في الواقع نموذج من صراع أكبر بين الأجهزة، وتحديداً بين المخابرات العامة من جهة وجزء من المخابرات الحربية ومكتب الرئيس من جهة أخرى. فالأستاذ المحبوس دخل في صدام مع الذراع اليمنى للواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة، أحمد شعبان، على خلفية تدخّل الأخير في السياسة التحريرية لإحدى القنوات التي كان يعمل فيها ندا قبل إقصائه من منصبه، ليستغلّ الأخير بعد ذلك بأشهر صفحته على «فيسبوك» لانتقاد شعبان بشكل غير مباشر، قبل أن يتمّ إقصاؤه نهائياً من جميع المنصّات الإعلامية التي كان يكتب فيها، وآخرها مقاله اليومي في جريدة «الأخبار» المصرية. وخاض ندا صراعاً مباشراً مع شعبان، بتحميله الأخير مسؤولية تدهور الوضع الإعلامي خلال الفترة الحالية، وانتقاده تدخّله في العمل الإعلامي من دون معرفة بآلياته وتفاصيله، وتصعيد وجوه من «أهل الثقة» على حساب «أهل الكفاءة». واستشهد ندا، في مرافعاته، بنماذج ممّا قال إنها كواليس اطّلع عليها خلال تعاونه في إعداد تقارير مع «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» الذي جرى إنشاؤه كبديل لوزارة الإعلام.
وقدّم ندا، في مقالته الأخيرة بداية الشهر الجاري، تفاصيل مناقشات دارت بينه وبين بعض القيادات الإعلامية، وأخرى مع رئيس جامعة القاهرة تحدّث فيها الأخير باسم اللواء عباس كامل، مشيراً إلى أن الخشت أخبره قبل أشهر بأن قرار اعتقاله صدر بالفعل، وأنه أوقف تنفيذه في مقابل أن يقوم بحذف مقال انتقد فيه المشهد الإعلامي. وبينما يحاول أنصار النظام الترويج لفقدان ندا أدلّة على صحّة أقواله في شأن مخالفات رئيس جامعة القاهرة، إلّا أن ثمّة مستندات قدّمها الرجل بالفعل إلى النائب العام في بلاغات رسمية، من بينها ما يوثّق مخالفات مرتبطة بطريقة فتح الخزنة الأثرية في الجامعة. ويواجه ندا اتهامات أخرى قد تؤدي إلى استمرار حبسه حتى إشعار آخر، علماً أن الجامعة أوقفته عن العمل قبل أشهر على خلفية خلاف سابق بينه وبين أحد زملائه، جرت تسويته لاحقاً، ولكن تمّ استغلاله لحرمانه من العمل في الكلية. ومن المتوقع أن يعقب حبسَ أستاذ الإعلام، إقصاءٌ لعدد من الضبّاط من الدائرة المقرّبة للرئاسة، بعدما تبيّن عبر إجراءات التتبّع والتحرّيات التي جرت في الأيام الماضية، وجود داعمين لندا من بينهم، وتحديداً من مكتب اللواء محسن عبد النبي، مدير مكتب الرئيس.