القاهرة | يعيش قطاع السياحة في مصر أزمة متجدّدة، في ظلّ توقف الحجوزات السياحية بشكل شبه كامل، على خلفية الإجراءات المتّخذة بسبب جائحة كورونا، وصدور قرارات عن حكومات الدول الأوروبية بالحدّ من السفر غير الضروري، ما ترك تأثيراته على الفنادق المصرية التي لا تزال تعمل من دون حجوزات، ولا سيما أن رحلات طيران «الشارتر» (الخاصة) أُلغيت أو أُجّلت حتى إشعار آخر. غالبية هذه الرحلات كانت من ألمانيا وبلجيكا مع رحلات محدودة من بريطانيا، لكن اللافت أن كثيراً من الرحلات الروسية التي كان يفترض أن تصل إلى الغردقة وشرم الشيخ عن طريق تركيا أُلغيت هي الأخرى، على رغم أنه لا دوافع شبيهة لدى موسكو مقارنة بالعواصم الأوروبية، علماً أن أصحاب الفنادق كانوا يعوّلون على السياح الروس الذين يصلون عبر شركات كبرى في مقدّمتها «فيجز» الروسية.تقول «غرفة السياحة المصرية» إن الشركات السياحية التركية عمدت إلى استقطاب الروس إلى بلادها، أو في أفضل تقدير إبعادهم عن مصر لأسباب بينها «تفشّي كورونا والأوضاع الأمنية»، وهو ما دفع العاملين في السياحة المصرية إلى التواصل مع الجهات الأمنية، خاصة أن الأضرار الناتجة من هذا السلوك «كبيرة للغاية»، فضلاً عن تداعيات توقّف رحلات الطيران المباشر بين المطارات المصرية، باستثناء مطار القاهرة، ونظيرتها الروسية، منذ أزمة سقوط/ تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء عام 2015. ويطالب مسؤولو شركات السياحة وأصحاب الفنادق، الدولة، بالضغط على روسيا لاستئناف حركة السياحة بين البلدين، مباشرة، ومن دون بلدان وسيطة، بما يسمح للشركات المصرية بالعمل في السوق الروسية مباشرة، بدلاً من نظيرتها التركية التي تعمل على تنظيم الرحلات إلى أنطاليا وإسطنبول ثمّ الغردقة وشرم الشيخ.
تعمد الشركات التركية إلى استقطاب الروس إلى بلادها أو إبعادهم عن مصر


قبل سنوات، كانت مصر تستقبل نحو ثلاثة ملايين سائح روسي سنوياً مع برامج خاصة بهم، لكن هذا الرقم تراجع كثيراً، ليس بسبب ظروف حظر الطيران قبل خمس سنوات، بل أيضاً لارتفاع التكلفة المصرية مقارنة بمقاصد أخرى. وطبقاً للتقارير التي قَدّمها مسؤولو السياحة، هناك «إلغاء غير مبرّر للرحلات والحجوزات» خلال النصف الثاني من الشهرين الجاري والمقبل، واللذين يمثّلان ذروة الموسم السياحي للروس الذين يقصدون شرم الشيخ والغردقة في مثل هذا الوقت من العام، مع أن «معدّلات الإصابة بكورونا تتدنّى بصورة ملحوظة في المدن السياحية بفضل الإجراءات الخاصة بها».
في الخلفيات، يَظهر أن مصر قدّمت تنازلات كبيرة إلى الروس في إجراءات التأمين، بل جَهّزت صالة للسفر والوصول تكون مُخصّصة للطيران الروسي في مطار شرم الشيخ، لكن السلطات الروسية لم تسمح بعد باستئناف الرحلات، بسبب رفض القاهرة الإقرار بأن حادث الطائرة في عام 2015 كان عملاً إرهابياً، في انتظار نتائج التحقيقات النهائية، كما تقول. وجاء في آخر ما وصلت إليه التحقيقات المعلَنة أن حقيبة صغيرة داخلها قنبلة وُضعت تحت أحد المقاعد وتَسبّبت في انفجار الطائرة في الجوّ بعد دقائق من إقلاعها في طريقها إلى سان بطرسبرغ، لكن السلطات المصرية تصرّ على أن تلك «رواية أولية ينقصها كثير من المعلومات».
وعلى رغم ظاهر العلاقات الجيّد بين القاهرة وموسكو، يبدو أن ثمّة تراجعاً واضحاً في المواقف الروسية تجاه مصر، انعكس جموداً على مستويات عدة، إضافة إلى البطء المتزايد في اتخاذ بعض القرارات المهمّة وتنفيذ الاتفاقات، وهو ما تُفسّره مصادر مصرية بأنه يعود إلى غياب التوافق حول «قضايا محورية»، ما يؤثر في مستوى الشراكة بين البلدين، مقابل انتعاش العلاقات المصرية - الأوروبية عامة، ولا سيما مع فرنسا وألمانيا.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا